روما، الأحد 9 مارس 2008 (zenit.org). – ننشر في ما يلي تأمل اليوم التاسع من مارس للبابا بندكتس السادس عشر، من كتاب “بندكتس”.
الحرية ثمرة لقاء شخصي
إن الله يحرص كل الحرص على حريتنا. فهو يريدنا أن نكون أحراراً ويحبّنا بقدر ما نكون أحراراً… ولكن لماذا يحبّ الله حريتنا؟ لأنه يرى فينا صورة ابنه المتجسّد الذي لم ينفك يوماً يطيع بكل حرية مشروع الآب، والذي ارتضى بكل حرية أن يأخذ جسداً وبحرية تنازل إلى حدّ الموت على الصليب، في تلك التقدمة التقريبية التي تتكرر كل يوم في سرّ الإفخارستيا على المذبح. ويمكننا أن نشعر بأنّا أحرار بحق فقط عندما نلتزم من دون تحفظ في مشروع المسيح فنشارك بالحرية. فالحرية الحقيقية هي ثمرة لقاء شخصي مع يسوع. فيه يمنحنا الله ويعيد إلينا الحرية التي كنّا قد فقدنا بسبب خطيئة أجدادنا…الشاب الغنيّ (راجع متى 19: 16- 22) رأى في الربّ إمكانية بلوغ ملء كمال الإنسان، ولكنه لم يكن لديه الشجاعة لأن يتبعه كل الطريق لأنه كان يملك خيرات كثيرة بحسب ما جاء في الإنجيل. ظنّ مخطئاً أن الحرية الحقيقية التي أرادها بلهفة وحماسة تكون في غياب أي رباط أو صلة أو طاعة. ومع أنه بقي حرّاً ظاهرياً بموجب خياراته المستقلة الخاصة، بيد أنه ذهب حزيناً. فلا شك في أنه يمكننا أن نحاول بناء حياتنا من دون المسيح، ولكن حسبنا أن نبقى وحيدين على الدوام ولا من يعزّينا. وحده يسوع يحرّرنا! ولا يمكن لأحد أن يفكر في الحرية من دون أن يفكر في مفهوم التحرر. يسوع هو مصدر تحرير لنا! تحرير من الخطيئة ومن شهواتنا الخاطئة وأخيراً تحرير من ذاتنا. والتحرر هو أبهى ضياء وجودي ينير به الإيمان حياتنا.