بقلم روبير شعيب
الفاتيكان، الاثنين 17 مارس 2008 (Zenit.org). – علق يسوع في عظة أحد الشعانين على طرد الباعة والصيارفة من الهيكل. وشرح البابا أن المكان الذي كانت تتم فيه هذه الأعمال التجارية كان “رواق الوثنين”، أي المكان حيث يُسمح للوثنين أن يدخلوا في “رواق الإيمان وأن ينضموا للصلاة إلى الإله الأوحد. إله إسرائيل وإله البشر بأسرهم كان بانتظار دائم لصلاتهم أيضًا، ولبحثهم، ولتضرعهم”.
ولكن هذا المكان المخصص للقاء غير المؤمنين بإله اسرائيل بات مكانًا للتجارة والصيرفة. وكانت سلطات الهيكل عينها وراء السماح بهذا الاتجار وكانت تشارك في أرباح التجار.
واستشهد البابا برسالة بولس إلى أهل كولوسي حيث يحذر الرسول أن “الطمع هو عبادة أوثان” (راجع 3، 5). هذه هي عبادة الأوثان التي يصادفها يسوع ويقول فيها مستشهدًا بالنبي أشعيا: “بيتي بيت صلاة يدعى” (متى 21، 13؛ راجع أش 56، 7) وإرميا: “أما أنتم فقد جعلتموه مغارة لصوص” (متى 21، 13؛ راجع إر 7، 11)، ولذا يقوم يسوع بعمل تطهير من عبادة المال في الهيكل رادًا إياه إلى غايته الأولى: عبادة إله إسرائيل وإله كل البشر.
وذكر بندكتس السادس عشر المؤمنين الحاضرين في ساحة القديس بطرس أن عمل يسوع هذا يتوجه إلى كل المسيحيين ويدعوهم إلى فحص ضمير: “هل في إيماننا من النقاوة والانفتاح ما يُمَكّن “الوثنيين”، أي الأشخاص الذين يبحثون الآن ويحملون أسئلتهم، هل يمكنهم أن يفطنوا لنور الإله الأوحد؟”، “هل يمكّنهم أن ينضموا إلى أروقة صلاتنا فيغدوا ربما عبر تساؤلاتهم عبّادًا هم أيضًا؟”، “هل نعي في قلبَنا وتصرفاتنا في الحياة أن الجشع هو عبادة أوثان؟”، “ألا نفسح ربما المجال للأوثان للدخول في عالم إيماننا؟”
كما وأشار أسقف روما أن تطهير الهيكل يهدف إلى إحقاق العبادة بالروح والحق التي أخبر عنها يسوع السامرية: “لقد أتت الساعة، وهي الآن، وفيها العباد الحقيقيون يعبدون الآب بالروح والحق؛ لأن الآب يريد عبادًا كهؤلاء” (يو 4، 23).
فبدل ذبائح الكباش والخراف يحل الآن جسد حمل الله يسوع المسيح، هو الذبيحة المرضية لدى الله، الذي تطبق عليه الرسالة إلى العبرانيين آيات المزمور 40 [39] شعارًا لحياة ونشاط يسوع: “ذبيحة وتقدمة لم تشأ، لقد أعددت لي جسدًا” (عبر 10، 5).
وشرح البابا: “وحده “الحب إلى المنتهى”، الحب الذي يهب نفسه بالكلية لله لأجل البشر، هو وحده العبادة الحقة، الذبيحة الحقة. العبادة بالروح والحق تعني العبادة بالاشتراك مع ذلك الذي هو الحقيقة؛ العبادة في الشركة مع جسده، الذي يوحدنا به الروح القدس”.