الثامن عشر من مارس
روما، الثاثاء 18 مارس 2008 (zenit.org). – ننشر في ما يلي تأمل اليوم الثامن عشر من مارس للبابا بندكتس السادس عشر، من كتاب “بندكتس”.
حين نقول “أبانا”
إن كلمة “أبانا” تجعلني على يقين من أمر واحد وهو أنّي لم آتِ من ذاتي بل أنا طفلٌ وابنٌ. وقد أشعر بدايةً برغبة تحملني على الإحتجاج على هذا المذكِّر، على غرار الإبن الضال. فأنا أريد أن أكون “بالغاً”، “متحرراً”، سيّد ذاتي. ولكن بعد ذلك أتساءل: ما هو البديل عندي – أو عند أي شخص- إن لم يعد لي أب، وتركتُ حقيقتي كابنٍ إلى الأبد خلفي؟ ماذا أكون قد كسبتُ؟ هل أكون حراً بحق؟ لا، فأنا حرٌّ فقط عندما يكون ثمة مبدأ حرية، ويكون ثمة من يحبّ ويحبّ حباً قوياً. إذاً وفي نهاية الأمر، لا خيار آخر عندي سوى العودة مجدداً، لأقول “أبانا” فأكسب مجدداً منفذاً إلى الحرية من خلال الإعتراف بالحقيقة حول ذاتي. ثمّ يقع نظري عليه، هو من اتّخذ طبيعة الطفل، والإبن، طوال حياته، وكطفل وإبنٍ تحديداً اتّحد في طبيعة مشتركة مع الله نفسه: هو يسوع المسيح. حين أقول “أبانا”، أوّل ما يبادر إلى ذهني هو صيغة الجمع “نحن”. فحين أتكلم مع الله، لا يسعني أن أتوجه إليه كـ”أب” فقط. فحين أقول “أبانا”، لا بدّ لي من أن أفكّر بالـ”نحن” التي يكوّنها جميع أبنائه. ولكن العكس صحيح أيضاً: فحين أقول “أبانا” أعرف أنّي أدخلُ في شركة مع جميع أبناء الله وأنهم بجانبي. وبالتالي، فالكلام مع الله لا يصرفني عن مسؤوليتي تجاه الأرض والإنسانية جمعاء؛ بل ينيط بي هذه المسؤولية مجدداً. وعلى ضوء الصلاة، أستطيع أن أغامر بأن أقبل تحمّل هذه المسؤولية.