الحادي والعشرون من مارس
<p> روما، الجمعة 21 مارس 2008 (zenit.org). – ننشر في ما يلي تأمل اليوم الحادي والعشرين من مارس للبابا بندكتس السادس عشر، من كتاب “بندكتس”.
الحرية والمسؤولية والوصايا
الحرية البشرية هي حرية في تلاقي الحريات؛ وفقط إذا صحّ ذلك تكون الحرية حقيقةً- أي متّفقة مع الواقع الحقيقي للإنسان… ما يعني أنه لا حاجة لي لكي أبحث عن عناصر لتصحيح حرية الفرد من الخارج؛ فلو صحّ ذلك، لبقيَت الحرية والمسؤولية كما الحرية والحقيقة في تعارض أزليّ، في حين أنها ليست كذلك في واقع الأمر. فإن أُدركَ على نحوٍ صحيح، تبيّن أن واقع الفرد يحمل في ذاته إشارة إلى الكلّ، وإلى أمور أخرى. وعليه، يمكن القول إنه في كل إنسان حقيقة مشتركة حول الوجود البشري الواحد الأحد، وهذا ما يُشار إليه في التقليد من خلال ما يُعرَف بـ”طبيعة” الإنسان. فثمة فكرة إلهية واحدة عن الإنسان، وواجبنا أن نتقيّد بها وننسجم وإيّاها… فتصبح المسؤولية عيشاً لحياتنا كجوابٍ- جواب لما نحن عليه في الحقيقة. وأفضل تعبير عن هذه الحقيقة الوحيدة للإنسان التي فيها يرتبط خير الجميع والحرية في رباط وثيق غير قابل للإنحلال يتجلّى في التقليد البيبلي وفي الواصايا العشر تحديداً… ففي هذه الوصايا، يُظهر الله نفسه لنا، يصوّر نفسه، ويفسّر في الوقت عينه الوجود البشري، بحيث تتجلّى حقيقة هذا الوجود، فيما تصبح منظورة في مرآة طبيعة الله، لأنه لا يمكن فهم الإنسان حق الفهم إلا من وجهة نظر الله. فأن نعيش الوصايا العشر يعني أن نعيش شبهنا بالله، بالإستجابة لحقيقة طبيعتنا، وتالياً بفعل الخير. ولنصُغها بطريقة أخرى: إن عيش الوصايا العشر هو عيش ألوهية الإنسان، وهذا ما هي عليه الحرية فعلاً: إنصهار كياننا مع الذات الإلهية وما ينتج عن ذلك من انسجام الكل بالكل.