يقول القديس أغسطينوس: بأكلنا الخبز الواحد نضحي ما نأكل. يقول في اعترافاته أن هذا الخبز هو طعام الأقوياء. الخبز العادي أضعف من الإنسان، فهو يفيد الإنسان، يأخذه جسم الإنسان فيتحول إليه وينمو الجسم. ولكن هذا الطعام المميز، الافخارستيا، هو أسمى من الإنسان وأقوى منه. وبالتالي يتم عكس العملية التي ذكرناها لتونا: فالإنسان الذي يأكل الخبز يتحول بفضل هذا الخبز، ويؤخذ به؛ يتحد بهذا الخبز ويضحي خبزًا كالمسيح بالذات... الافخارستيا ليست أبدًا حدثًا محصورًا بفردين، حوار بين المسيح وبيني. الهدف من المناولة الافخارستية هو إعادة إخراج كاملة لحياة المرء، التخلي عن "أنا" الإنسان وخلق "نحن" جديد. الشركة مع المسيح هي بالضرورة شركة وتواصل مع من هم للمسيح: هذا يعني أنني أضحي جزءًا من هذا "الخبز" الجديد الذي يخلقه هو عبر التحويل الجوهري لكل الواقع الأرضي... الافخارستيا هي بالحقيقة "شفاء لحبنا". يفتح لنا يسوع سبيل المستحيل، سبيل الشركة بين الله والإنسان، لأنه هذه الشركة كونه الكلمة المتجسد. يقوم يسوع "بالكيمياء" التي تذوّب الطبيعة البشرية وتمزجها بكيان الله. أن نقبل الرب في الافخارستيا يعني أن ندخل في شركة كيان مع المسيح، تعني أن ندخل عبر تلك الفسحة في الطبيعة البشرية حيث يمكن لمس الله – وهذا هو الشرط لانفتاح البشر بعضهم على بعض بشكل عميق حقًا. الشركة مع الله هي السبيل للشركة الشخصانية بين البشر.
DERNIÈRES NOUVELLES
Jun 22, 2008 00:00
Jun 22, 2008 00:00
Jun 22, 2008 00:00