مجمع خلقيدونيا وأثره على الكنيسة والشعب الأرمنيين (11)

بقلم الأب الياس جانجي

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

الفاتيكان، الجمعة 3 أبريل 2008 (Zenit.org). – ننشر خاتمة مقالة الأب الياس جانجي: “مجمع خلقيدونيا وأثره على الكنيسة والشعب الأرمنيين”
يعتبر علم اللاهوت كلام ينشئه الإنسان تعبيراً عن مداناته وبحثه في سرّ الله، وإن كلمة سرّ بحد ذاتها هي كلمة غريبة تُربك الباحث وتُغلق باب اليقين أمامه. ومن بين العلوم الإنسانية وحده علم اللاهوت الذي يعوزه موقف ثابت من التسليم والإيمان. هذا ما أثبتته الكنيسة عبر مرّ العصور في تاريخها، وهذا ما سعى علماء اللاهوت القديمين والمعاصرين إثباته من خلال أبحاثهم ودراساتهم. وهذا ما توصلت إليه بعد جهد وعمل حثيثين ساعدوني لأفهم معنى إيماني.
اعتمدنا في رسالتنا على عدد من المصادر والمراجع والمجلات، والتي كان من أهمها، أولاً: المداولات المسكونية غير الرسمية بين لاهوتييّن من الكنائس الأورثوذكسية الشرقية والكنيسة الكاثوليكية الرّومانية، ثانياً: بعض المراجع القيمة باللغة الأرمنية التي تتحدث عن مجمع خلقيدونيا وتتحدث أيضاً عن كيفية مشاركة الأرمن في مجمع خلقيدونيا.
لقد تبين لنا أن الكنيسة الأرمنية لم تشترك رسمياً في هذا المجمع، في حين أنها كانت تواجه حالة مصيرية في صراعها من أجل البقاء، ضد الفرس. تعرضت أيضاً هذه الكنيسة إلى عدة محاولات لإقصائها عن الطريق والإيمان القويم، مما أدى إلى حدوث شرخ كبير بينها وبين الكنائس الأخرى. أثر الفرس على نظام هذه الدولة والكنيسة تأثيراً كبيراً وذلك كله من أجل إيزان معادلة سياسية بينهم وبين البيزنطيين.
لكن لا بدّ لي من أن أقف على مجمع تيفين الذي تعرضت له من خلال دراستي، وقعت أحداث هذا المجمع حوالي 554 – 555، حيث كان قد مرّ حوالي المثة عام على انعقاد مجمع خلقيدونيا.
بدأت الدولة البيزنطية بتغيير سياستها اتجاه الدول الشرقية، وبالأخص اتجاه أرمينيا، وذلك على الأصعدة السياسية والثقافية والدينية والليتورجية. خلال هذا التغيير الدبلوماسي، ونتيجة تقارب الكنيسة السريانية، عن طريف الأسقف ابتيشو، من الكنيسة الأرمنية. بدأت هذه الأخيرة بتكوين علاقة باردة اتجاه المجمع الخلقيدوني منذ عام 481، حيث أنها اعتبرته موازياً للبدعة النسطورية، استمرت هذه العلاقة حتى عام 554 حيث أعلنت الكنيسة الأرمنية رفضها القاطع لقرارات مجمع خلقيدونيا نتيجة لمجمع تيفين.
بعد هذا، بدأ يظهر في أرمينيا بعض البطاركة أو الكاثوليكوسيين أو حتى بعض مطارنة، الذين يقبلون مجمع خلقيدونيا ويعتقدون بقراراته، مثل المطران سينيانتس. إلا أن موقف الكنيسة لم يتغير بالرغم من وجود أمثال هؤلاء الأشخاص الذين دافعوا عن المجمع. وبالتالي تركز إيمان الكنيسة الأرمنية على المجامع الثلاث الأولى التي تحتوي على العقائد الضرورية للإيمان التي تؤدي بالتالي إلى خلاص النفوس، أما باقي المجامع فهي جدالات عقائدية ضخمة وكبيرة جداً ولا تؤدي بالكنيسة إلا إلى الإنشقاق، ولهذا فالكنيسة الأرمنية لا تقبل بباقي المجامع التي لحقت بالمجامع الثلاثة الأولى. ولهذا نستطيع القول بأن الأحداث السياسية والاقتصادية والثقافية التي تلت هذا المجمع كانت سبباً كافياً للانفصال، لم يكمن السبب في مشاركة الكنيسة في المجمع أوعدم مشاركتها، لكن في وصول هذه القرارات إليها، بطرق مختلفة، ونتيجة لمصالح مختلفة.
الكمال هو لِلَهِ وحدَّه، فرسالتنا هذه ليست سوى محاولة وخطوة أولى، حاولنا فيها قدر استطاعتنا أن نضع ما اكتسبناه على المحكّ لتكون على درجة من الأمانة للبحث العلميّ. فالمطالعات والأبحاث والمقارنات على المستوى المنهجيّ، الفلسفيّ واللاهوتيّ واللغويّ ساهمت كلُّها في دفعنا خطوة إلى الأمام في مسيرة الحياة العلميّة. آملين أن نكون قد بلغنا فيها القصد وأصبنا الهدف، والله ولي التوفيق.

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير