المطران عصام يوحنا درويش راعي أبرشيّة أستراليا بمناسبة الفصح

Share this Entry

روما، الثلاثاء 7 أبريل 2009 (Zenit.org) –   ننشر في ما يلي رسالة المطران عصام يوحنا درويش راعي أبرشيّة أستراليا ونيوزيلندا للروم الملكيّين الكاثوليك، بمناسبة عيد الفصح

إلى اخوتي الكهنة والشمامسة خدام الهيكل

إلى رهبان وراهبات ومؤمني ومؤمنات

أبرشيتنا المباركة والمقدّسة

الرسالة الرعويّة للفصح المجيد المقدس 2009

المسيح قام .. حقا قام

 في عيد قيامة سيدنا وربنا يسوع المسيح، يسرّني جدًّا أن أتقدم بمحبتي وعاطفتي الأخوية إلى أخوتي وأخواتي في الكنيسة الملكية الكاثوليكية المنتشرين في أستراليا ونيوزيلندا، متمنيا أن تحتفلوا بفرح عظيم بهذا الفصح المجيد، ممتلئين من النور الإلهي ووفرة الرجاء بيسوع المسيح.

بعد أن مات يسوع المسيح المخلص على الصليب، أخذ يوسف الرامي جثمانه وحمله إلى قبر معروف لدى اليهود، يرافقه نيقوديموس ومريم أم يسوع وبعض النسوة. لكن المدفن الذي وُضع فيه يسوع لم يكن كباقي المدافن لأنه لم يحتمل وجود يسوع في داخله، فبعد ثلاثة أيام صار القبر فارغا “ليس هو ههنا، لقد قام”. لم يتحول يسوع  إلى عظام مثل باقي البشر، إنه حيّ وقائم من القبر إلى الأبد. فبعد قيامته تراءى لمريم المجدلية ومريم أم يعقوب ويوسف وقال لهما :السلام عليكما، لا تخافا! إذهبا فبلّغا اخوتي” (متى28/9). ثم تراءى لتلاميذه في الليل وأرسلهم ليبشروا العالم كله “اذهبوا وبشروا جميع الأمم، وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس، وعلموهم أن يحفظوا كلَّ ما أوصيتكُم به، وهاأنذا معكم إلى نهاية العالم” (متى 28/19-20).

ليس من السهل أن نفهم قيامة السيد ولا أن نشرحها. فالمؤمنون يختبرون القيامة ويلمسون يسوع في أعماق قلوبهم وإذا ساورهم الشك يقول يسوع لهم كما قال لتلاميذه ” ما بالكم مُضطربين، ولِمَ ثارت الشكوك في قلوبكم؟ انظروا يديَّ ورِجليَّ. أنا هو بنفسي. المسوني وانظروا” (لوقا24/38-39).

من المؤكد أن قيامة المسيح هي برهان قاطع على أنه إله وإنسان معا وبالتالي هو إله القوة والكون وهو بالتالي يستحق أن نعبده ونمجده ونشكره ونسجد له. هذا ما دفع بولس الرسول إلى أن يقول “رفعه الله إلى العُلى ووهبَ له الاسمَ الذي يفوقُ جميعَ الأسماء كيما تَجثوَ لاسمِ يسوع كُلُّ رُكبَةٍ في السمواتِ والأرضِ وتحتَ الأرض” (فل2/9-10).

 قدم لنا بولس الرسول في كتاباته خبرته الشخصية مع المسيح القائم “رأيت المسيح ربَّنا” (1كور9/1) ويؤكد أن المؤمن يجب أن يمر بالموت، مثل المسيح ، ليصل إلى القيامة “إنكم دفنتم معه في المعمودية وأقمتم معه أيضا” (قو2/12). ويشدد على أمنية ثمينة عنده وهي أن يشارك المسيح في آلامه ليبلغ إلى القيامة: “فمنيتي إذن أن أعرِفَهُ هوَ، واعرِفَ قُدرَةَ قِيامتهِ، والشَّرِكةَ في آلامِهِ، فأصيرَ على صورتهِ في المَوتِ، على أملِ البُلوغِ إلى القيامةِ منْ بينِ الأمْوات” (فل3/11). فيسوع القائم من بين الأموات  منحنا القدرة والنعمة لتصير قيامته قيامتنا وبالتالي لنصير أبرارا ومخلصين.

نحن مثل بولس نردد اليوم، لقد رأينا الرب، فالرب القائم من بين الأموات، ينادينا باسمنا مثل ما نادى بولس “شاول شاول لماذا تضطهدني؟” ومثل ما نادى مريم المجدلية بعد قيامته، وهو يطلب منا أيضا أن نذهب إلى أخوتنا، نشهد بأن القيامة هي ممارسة عملية ويومية، نخلع إنساننا العتيق ونجدد ذاتنا بالصلاة والتوبة وبذل الذات فنُجمّلَ صورة المسيح فينا. ولا ننسى أن انتصار المسيح على الموت يجد ملء معناه  في انتصارنا نحن لأن دعوتنا ورجاءنا هي أن نكون مع الرب دائما ونحيا معه إلى الأبد.

تساعدنا الليترجية البيزنطية، على مدار السنة وبخاصة في الزمن الفصحي، على لقاء المسيح القائم. ففي المعمودية نُدفن مع المسيح لنقوم معه “اعتمدنا في موتِه فدُفِنّا معَهُ في مَوتهِ بالمعموديَّةِ لِنَحْيا نحنُ أيضًا حياةً جَديدة كما أُقيمَ المسيحُ من بينِ الأمواتِ بمجدِ الآب” (رو6/3). فأناشيد صلاة السحر والغروب وتراتيل القداس الإلهي تُعبر كلها عن الفرح العارم الذي تُحدثه فينا قيامة المسيح “لِتفرحِ الَّسماواتُ بِحقٍ وَلْتَبتَهجْ الأرض ولْيُعيِّدِ العالم كُلُّ ما يُرى لأنَّ المسيحَ السُّرورَ الأبديَّ قدْ قام”  (التسبحة الأولى).

في ليلة القيامة تدعو الكنيسة المؤمنين ليتقدموا إلى الهيكل ويأخذوا النور “هَلُموُّا فَخُذوا نورًا منَ النورِ الذي لا يَغْرُب”. هذا النور هو الإله، الحقيقة المطلقة، البداية والنهاية والألف والياء، إنه نور الحب والمعرفة. هذا النور يبقى غريبا عني ما لم أحسّه وأجعله يسكن في فكري وفي عقلي وفي جسدي وأجعل منه طاقة تخترق كياني فتقوم بيني وبين القائم علاقة شخصية فيأتي الرب إليّ ويجعل مسكنه عندي.

أخواتي وأخوتي الأحباء

أغتنم هذه الفرصة لأتمنى لكل واحد منكم فصحا مجيدا، مباركا ومقدسا، وأرفع الدعاء معكم للمسيح القائم من بين الأموات ليمنَّ علينا جميعا بروحه القدوس فيرشدنا إلى الحق ويخرج بنا إلى الحريّة المقدسة، حرية أبناء الله. في هذا النهار السني لنسأل مريم العذراء، أمنا، أن تنظر إلينا بحنانها وعطفها وتعلمنا أن درب القيامة هو دربنا أيضا.

للمسيح القائم من بين الأموات المجد والعزة والكرامة إلى دهر الداهرين آمين.

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير