في كل ما سبق وبالرغم من كل ما سبق، نؤكد أن الرب هو أقوى من الموت. إنه حيّ محيي. يريد أن يعيد الحياة إلينا كل مرّة نساعد أو نحب غيرنا. يجعلنا نختبر القيامة في حياتنا كل مرة نؤثر الغفران على البغض وكل مرة نبثّ المحبة والسلام في حياة البشر.
يوم سبت النور يلد أبناءٌ لله بواسطة العماد. نختبر الحياة الجديدة والقيامة كل مرة نشعر أننا أعضاء حية في جسد المسيح والكنيسة. نعم، لسنا ميتين ولا متماوتين ولا نائمين، إنما أحياءٌ يقظون وأصحاب انتماء ومسؤولية نعيشها فرحين متفائلين.
في إنجيل اليوم نقرأ كيف أسرع الرسولان إلى القبر. كان بطرس أكبرهما سناً. دخل أولاً ولم ير شيئاً. أما يوحنا الذي وصل قبله فقد دخل بدوره إلى القبر: رأى وآمن بناءً على قرائن متواضعة هي الكفن الذي بقي شاهدا على ما جرى والمنديل الذي كان يغطي الرأس.
ذلك أن المحبة تعتاش وتتغذى على علامات متواضعة لها دلالات عظيمة. ذلك أن الحب يتجلى من خلال صغائر الأمور وليس حتماً من خلال المعجزات الباهرة.
ولكي نكتشف الرب في علامات حضوره المتواضعة، وفي أحداث الحياة وفي الأشخاص، لا بد من أن نُشعرَهم بمحبتنا وأن نسمح لهم بأن يُشعرونا بمحبتهم. وليس لنا عن ذلك بديل. ونعلم أيضا أن لا محبة بدون ألم وإيلام. ولا يمكن أن يخترق الحب قلب الإنسان بدون أن يجرحه ويؤلمه. وقد أرانا الرب القائم جراحاته، وفي ذلك عبرةٌ لنا.
في هذا اليوم المجيد، يوم الفصح، نريد أن نعلن فرحتنا مرنمين نشيد هليلويا: أولا في داخل ذواتنا ثمّ في عائلاتنا وفي مجتمعنا. يجب ألا نخجل من إظهار إيماننا بحياتنا الفرحة ومحبتنا الأخوية. فلنجرؤ على أن نكون ذاتنا وأن نحافظ على هويتنا أمام الله وأمام البشر سواءٌ بسواء.
أيها الإخوة والأخوات، أتمنى لكم عيداً مجيداً وفصحاً مباركاً وفرحاً غامراً.
المسيح قام حقا قام.
+ البطريرك، فؤاد طوال