دور العذراء مريم في تنشئة الكاهن (1)

بقلم الأب بيار نجم المريمي

باريس، الثلاثاء 18 أغسطس 2009 (Zenit.org). – عن موقع “شريعة المحبة” – “مريم هي صورة الكنيسة في الإيمان والمحبة والإتّحاد الكامل بالمسيح”. يقول القديس أمبروسيوس. وقد كانت على مرّ الأجيال رفيقة الكاهن تلميذ ابنها، وقد ركّزت الكنيسة الكاثوليكيّة كما شقيقتها الأرثوذكسيّة على دورها في حياة الكاهن وفي الروحانيّة الكهنوتيّة.

نتأمّل اليوم في دور مريم العذراء في تنشئة الكاهن الروحانية. ولكن قبل أن نبدأ، لا بدّ من التذكير بنقطتين أساسيّتين:

1) لا يجب أن نفهم أن مريم هي صورة لكهنوت المسيح، فالكهنوت المسيحي يستمد معناه وغايته من المسيح الكاهن الذي قدّم ذاته على الصليب من أجل كنيسته، بينما مريم هي صورة الكنيسة وأمّها، قدمت ذاتها لله بكليتها، وهذه الكلّية تحتوي المشورات الإنجيلية، حبّاً بالمسيح العروس والفادي.

2) من ناحية أخرى علينا أن نسعى الى اكتساب روحانيّتين: روحانية مريمية من ناحية وروحانيّة كهنوتيّة من ناحية أخرى، فنجعلها مستوحاة من مريم في ما يخصّ حياة المعموديّة والحياة التقويّة، ومن المسيح في ما يخص الكهنوت.  فإن كان هناك إنقسام في الروحانية، يعني ذلك إنقساماً في الهويّة، فالروحانية التي نكتسبها هي هويتنا التي نتعاطى من خلالها مع الله في حياتنا الروحية، ومع البشر في حياتنا الرسولية، أي في تجسيدنا عملاً لحبّنا لله الثالوث.  إن كانت الروحانية المريمية هي روحانية عروس المسيح، الكنيسة، فأنا أرتبط بها من حيث دخولي في عهد حب مع الله الرأس من خلال التزامي بالإنجيل على مثال الكنيسة العذراء تقدّم ذاتها نقية لعريسها، وإن كانت الروحانية الكهنوتية تأخذ هوّيتها من المسيح عروس الكنيسة فإن هذه الهوّية الروحية المسيحانية تتكوّن فيّ وتبدلني لأضحي مكرسّاً على مثال المسيح رأس الكنيسة.  أأقدر أن أكون على خلاف المسيح؟ إن كان هو رأس الجسد السرّي أي الكنيسة (ومريم صورتها) وليس الرأس والجسد معاً، أيحق لي أن أحمل أنا الميزتين معاً؟

Share this Entry

 

المجمع الفاتيكاني الثاني

مرّة الأولى يقدّم مجمع مسكوني خلاصة واسعة للعقيدة الكاثوليكية حول المكان الذي تحتلّه مريم في سرّي المسيح والكنيسة”( Paul VI, Discours de clotûre de la III session du Vatican II, 21) يقول البابا بولس السادس.  فبعد قرون طويلة من التصارع بين الكنيسة الكاثوليكية وحركات الإصلاح البروتستناتية، ذهب كلّ واحد منهما فيها الى أقصى النقيض في العصور الوسطى: بين تهميش جذري لدور العذراء مريم من قبل البروتستانت، وجعلها محورية في العقيدة الكاثوليكية وفي الحياة التقوية الكاثوليكية حتى كاد الأمر يصل الى فصل سرّ مريم عن سرّ المسيح، وكادت مريم تحجب دور المسيح في حياة الكنيسة، جاء المجمع الفاتيكاني الثاني يُظهر الدور الحقيقى للعذراء مريم في حياة المؤمن المسيحي:  “لا يمكن التكلم عن المسيح، ولا عن جسده السرّي (الكنيسة) دون التكلم عن العذراء مريم.

لا يمكننا الخوض الآن في تعاليم المجمع الفاتيكاني الثاني، إنما ماذا يهمّنا الآن في الموضوع الذي نتأمل حوله؟ نقطتان أساسيتان تطرق اليهما بولس السادس: المكان الذي تحتلّه مريم في سرّي المسيح والكنيسة.

إن حقيقتنا الكهنوتية تتمحور في هذين السرّين: سرّ المسيح كنقطة إنطلاق ووصول وسرّ الكنيسة كهدف الكهنوت: ليقدّس ويعلم الكنيسة ويقودها الى المسيح رأس الرعاة.  في هذين السرّين نجد لمريم مكاناً مميّزاً.المجمع الفاتيكاني الثاني لم يقدم للكنيسة حقيقة جديدة حول أهميّة مريم، إنما ألقى الضوء من جديد على شخص مريم وأهميّتها في التعليم منذ الرسل حتى يومنا، حقيقتها التي اسأنا فهمها كثيراً ودورها الذي إستعملناه في إطار خاطيء حتى أصبحت مريم نقطة إختلاف بين المعمّدين بدل أن تكون نقطة التقاء.

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير