روما، الثلاثاء 18 أغسطس 2009 (Zenit.org) – لن يكون سلام بين ضفتي المتوسط (الشمالية والجنوبية) ما لم يتم إيجاد حل لظاهرة الهجرة المؤلمة.
هذا ما أوضحه المونسنيور كلود رو، أسقف أبرشية الأغواط وغرداية في الجزائر خلال قداس ترأسه في إطار غفران قديسي أفسس السبعة الراقدين وذلك في كوت دارمور في بريطانيا.
منذ سنة 1954، نظم هناك حج مسلم مسيحي إلى جانب مؤتمرات وندوات حول العلاقات بين المسيحيين والمسلمين.
عمل المونسنيور رو، الراهب المرسل إلى إفريقيا (الأب الأبيض) على توسيع مسألة الحج: “ماذا يمكننا أن نعمل من أجل سلام بين الضفتين؟” معقباً على إنجيل معجزة الخبز.
كبادرة أولى لبناء السلام، حث أسقف الأغواط وغرداية على “النظر إلى الأحداث الحاصلة في الضفتين نظرة متبصرة على مثال المسيح”.
وأوضح: “تتوجه هذه النظرة إلى المرضى أولاً ومن ثم إلى الجموع والأشخاص الأكثر احتياجاً”.
“إن يسوع يشفي المرضى وينظر أولاً إلى الأكثر احتياجاً منهم” لأنه يهتم أيضاً “بالجسد” ويطعم الحشود التي تتبعه.
كذلك يشدد المونسنيور رو على أن يسوع “يوكل إلى تلاميذه مسؤولية” إعطاء الغذاء للجموع.
وشرح الأسقف أن أبرشيته تسعى إلى تطبيق كل ذلك.
ففي أبرشية “لا تضم أكثر من 100 مسيحي”، يقر المونسنيور رو أنهم ينظرون حولهم “برأفة إلى الآخرين”، و”يتعاونون في شراكة” مع الآخرين من أجل “أراضٍ أكثر أخوة” حتى ولو أن الأمر لا يجري دوماً بسهولة وأن كل التزام من أجل السلام يسبب محنة”.
وشدد قائلاً: “يتبين لنا أن الروح القدس أعظم من قلبنا. نحن بحاجة إلى اختلاف الآخر من أجل الوجود”، لأن الاختلافات “ترسخنا في أعماق إيماننا”.
وأضاف أن التبادل لا يكون حقيقياً إلا في حال كان يرمي إلى بناء أراضٍ يريدها الله لنا.
وأردف: “إننا لا نستخدم أبداً نشاطاتنا من أجل هداية الآخرين إلى العقيدة المسيحية” لأن ذلك يعتبر “إفساداً لرسالة المسيح”. “إن الهداية تقع على عاتق الله”.
ختاماً عبر المونسنيور للجمعية عن قلقه المتمثل في “مأساة حركات الهجرة الأليمة”.
وأقر قائلاً: “إننا عاجزون أمام حركات الهجرة” “كالتلاميذ أمام يسوع” الذين يتساءلون قبل زيادة عدد الأرغفة: “أنى لأحد أن يشبع هؤلاء من الخبز ههنا في البرية؟”.
وتساءل المونسنيور رو: “لمَ يسعى العديد من رجال ونساء إفريقيا إلى عبور الصحراء والبحر للوصول إلى الضفة الأخرى معرضين حياتهم للخطر؟”.
وقال: “لا بد من أن تكون الإجابة قوية، عميقة وحيوية. إن لم نمنحهم القدرة على التمتع بنمط الحياة الذي يندرج ضمن حقوقهم، يأتون إلينا طالبين منا ما لا يملكونه فلا نستطيع رفض طلبهم. إن مسألة الهجرة هي واقع معاصر”.
بالعودة إلى نص الإنجيل، تساءل: “خمسة أرغفة وسمكتان لكل هذه الجموع؟”
ختاماً قال: “بمشاركة فقرنا نجد إجابة صحيحة عن سؤال يسوع ولكن الأمر الأكيد هو أنه ما من سلام بين الضفتين في غياب مخرج من هذه المأساة”.
يعود غفران القديسين السبعة إلى القرن الثالث، القديسين السبعة من فيومارش يتشابهون مع راقدي أفسس السبعة، حسبما توضح إيزابيل ماييه في موقع مؤتمر أساقفة فرنسا. سنة 250 بعد الميلاد، وفي سبيل ترسيخ الوحدة الرومانية حول الدين، أمر الامبراطور داسيوس باضطهاد المسيحيين الذين كانوا يرفضون تقديم الذبائح إلى الآلهة الرومانية وإنكار إيمانهم. فأرسل موفديه إلى أفسس لدفع الإخوة السبعة الذين كانوا يحتلون مقامات رفيعة إلى إنكار إيمانهم وشريعتهم. أمام رفضهم، انتزع الامبراطور منهم مقاماتهم وثرواتهم جاعلاً إياهم يلتمسون خبزهم بسبب أمانتهم ليسوع. عند اكتشاف وجودهم في مغارة، أمر بسجنهم ليموتوا من الجوع والعطش. فغط الإخوة السبعة في رقاد دام 177 عاماً وبعد فتح المغارة، كانوا مستيقظين بعد أن أقامهم الله لإظهار قيامة الأموات.
وتضيف أن هذا هو التقارب المسلم المسيحي حول القيامة الذي برر لقاء فيومارش وأن السورة الثامنة عشرة من القرآن التي تذكر باستشهاد الإخوة السبعة ورقادهم واستيقاظهم تتلى كل أيام الجمعة في المساجد.