بقلم روبير شعيب
الفاتيكان، الخميس 20 أغسطس 2009 (Zenit.org). – الحياة الرسولية لها هدفان أساسيان: الإقامة مع المسيح والتبشير بالإنجيل. ويسوع، قبل أن يرسل تلاميذه للتبشير دعاهم إلى الإقامة معه، إلى التعرف إليه. هكذا يخبرنا إنجيل مرقس “دعاهم لكي يكونوا معه” (راجع مر 3، 14)، وهكذا يخبرنا إنجيل يوحنا عن التلميذين الأولين اللذين تبعا بعد أن أشار إليه يوحنا المعمّد، فكلمة يسوع الأولى لهم كانت: “تعاليا وانظارا” (يو 1، 39). والمعلم، بعد فترة التلمذة مع تلاميذه، يقول في الفصول المتقدمة من إنجيل يوحنا: “حيث أكون أنا هناك يكون خادمي”.
ولذا فجوهر الحياة الرسولية هو الإقامة مع المعلم وفيه، أي الحياة المستترة مع الله في المسيح التي يتحدث عنها الرسول بولس في رسالته إلى أهل كولوسي (3 ، 3). والحياة في الإكليريكية في السنوات الأولى للتنشئة الكهنوتية هي هذه المرحلة التي يتعلم فيها المرشح للسيامة ليس فقط أن يكون خادم المذبح، بل صديق العروس، وأن يخدم الكنيسة “في شخص المسيح” (in persona Christi).
بهذا المعنى اغتنم الأب الأقدس بندكتس السادس عشر تعليم أمس الأربعاء المصادف عيد منشئ الكهنة القديس يوحنا أوديس لكي يخصص كلمة، في إطار السنة الكهنوتية، لأسس التنشئة في الإكليريكة. قال البابا: “يطيب لي التوقف للتشديد على الغيرة الرسولية التي تحلى بها يوحنا أوديس، وخصوصًا في ما يتعلق بتنشئة الكهنة الأبرشيين” موضحًا أن “القديسين هم التفسير الحق للكتاب المقدس. فقد تأكدوا، من خلال خبرة حياتهم، من حقيقة الإنجيل؛ وبهذا الشكل يدخلوننا في معرفة وفهم الإنجيل”.
وأوضح البابا أنه “يتوجب على كل كاهن أن يكون شاهدًا ورسولاً لحب قلب المسيح وقلب مريم”.
فكما في أيام القديس، التي كانت أيام حروب وانحطاط في غيرة الحب الكهنوتي، “نعيش اليوم في حاجة ماسة إلى أن يشهد الكهنة لرحمة الله اللامتناهية من خلال حياة سباها المسيح، وأن يتعلموا هذا الأمر منذ السنوات الأولى لاستعدادهم في الإكليريات”.
وشدد البابا على “الاستمرارية الضرورية بين الفترة الأولى وبين التنشئة الدائمة” مستشهدًا بالبابا يوحنا بولس الثاني في إرشاده الرسولي “أعطيكم رعاة” وقال أن هذه التنشئة هي، بالنسبة لكارول فويتويا وبالنسبة لنا، “نقطة الانطلاق الحقيقية نحو إصلاح أصيل لحياة ولخدمة الكهنة”، وهي أيضًا “نقطة محورية لكي لا يكون التبشير الجديد مجرد شعار جذاب، بل لكي يُترجم بشكل ملموس”.
وتابع: “”إن الأسس الموضوعة في تنشئة الإكليركيات تشكل “الأرضية الروحية” التي لا غنى عنها والتي فيها “يتعلم المرء المسيح”، ويسمح له أن يصوغه على صورته، هو الحبر الاعظم الأوحد والراعي الصالح”.
وأضاف: “يجب أن نرى زمن الإكليريكية كإحقاق للحظة حيث يطلب الرب إلى الرسل، بعد أن دعاهم وقبل أن يرسلهم إلى التبشير، أن يكونوا معه (راجع مر 3، 14). عندما يسرد القديس مرقس دعوة الرسل الاثني عشر، يقول لنا أن يسوع كان له غاية مزدوجة: الغاية الأولى أن يكونوا معه، الغاية الثانية أن يرسلهم إلى التبشير. ولكن بذهابهم دائمًا معه، يعلنون حقًا المسيح ويحملون حقيقة الإنجيل إلى العالم”.
ثم دعا المؤمنين للصلاة من أجل الكهنة ومن أجل من يستعد لقبول هبة كهنوت الخدمة.
وختامًا وجه للجميع تحريض القديس يوحنا أوديس الذي يقول للكهنة: “هَبوا نفوسكم ليسوع، لكي تدخلوا في أعماق رحاب قلبه الذي يحوي قلب الأم القديسة وجميع القديسين، ولكي تهيموا في غمر الحب والمحبة والرحمة والتواضع والطهارة والصبر والخضوع والقداسة”.