التأمل مستمر في أسقف روما في الألفية الأولى
فيينا، النمسا، الخميس 30 سبتمبر 2010 (Zenit.org) – قام اللاهوتيون الأرثوذكس والكاثوليك الذين يبحثون بإحدى أبرز المسائل على درب الوحدة التامة – دور البابا – باختتام لقائهم بتصميم على متابعة البحث وبتشديد على "أولوية المحبة".
نهار الاثنين، اختتمت اللجنة الدولية المختلطة للحوار اللاهوتي بين الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة الأرثوذكسية لقاءها الذي استمر ستة أيام في فيينا.
وفي الجمعية العامة الثانية عشرة، بحثت اللجنة في الشعار عينه الذي اتخذته سنة 2009 وهو "دور أسقف روما في شركة الكنيسة في الألفية الأولى". ولهذا الشعار تشعبات كبيرة للعملية المسكونية بما أن الشقاق بين الكاثوليك والأرثوذكس كان غائباً في الألفية الأولى (قبل الشقاق العظيم الذي حدث سنة 1054).
قال الكاردينال كريستوف شونبورن، رئيس أساقفة فيينا في عظته خلال ترؤس قداس افخارستي: "توجد لدينا وتلزمنا أولوية بالمعنى الكنسي، وإنما توجد أولاً أولوية المحبة".
وأضاف أن كل السلطات الكنسية في الكنيسة هي في خدمة أولوية المحبة.
وأشار بيان صدر في ختام اللقاء إلى مشاركة 23 عضواً كاثوليكياً من اللجنة، وممثلين عن كافة الكنائس الأرثوذكسية باستثناء بطريركية بلغاريا.
وتضمنت الكنائس الأرثوذكسية المشاركة: البطريركية المسكونية، بطريركية الإسكندرية، بطريركية أنطاكيا، بطريركية القدس، بطريركية موسكو، بطريركية صربيا، بطريركية رومانيا، بطريركية جورجيا، كنيسة قبرص، كنيسة اليونان، كنيسة بولندا، كنيسة ألبانيا وكنيسة الأراضي التشيكية وسلوفاكيا.
للمرة الأولى، كان الكاثوليكي المشارك في ترؤس اللقاء هو رئيس الأساقفة كورت كوخ، الرئيس الجديد للمجلس الحبري لتعزيز الوحدة بين المسيحيين. وقد عين لتأدية هذه المهمة في شهر يونيو. أما الأرثوذكسي المشارك في ترؤس اللقاء فقد كان متروبوليت برغاموم إيوانيس زيزيولاس.
في الجلسة الافتتاحية التي عقدت بتاريخ 22 سبتمبر، ألقى كل من الكاردينال شونبورن ومايكل متروبوليت النمسا للبطريركية المسكونية كلمة ترحيبية سطرا فيها أهمية مكانة النمسا في تاريخ المسيحية.
ونقل المشاركان في الرئاسة كلمات بندكتس السادس عشر والبطريرك المسكوني برتلماوس بمناسبة اللقاء.
شهادة حقيقية
في مقابلته العامة في 22 سبتمبر، قال البابا: "أحث الجميع على تكثيف الصلاة من أجل جهود اللجنة ومن أجل التنمية المستدامة وتعزيز السلام بين المعمدين، لكي نقدم للعالم شهادة إنجيلية أكثر أصالة".
وفي احتفال بالليتورجيا الإلهية في كاتدرائية الثالوث الأقدس الأرثوذكسية، شدد مايكل متروبوليت النمسا على "التعاون الوثيق بين الأرثوذكس والكاثوليك في النمسا وبخاصة في فيينا، معبراً عن رغبته في أن تتحول صلاة الرب "ليكون الجميع واحداً" (يو 17، 21) إلى واقع في السعي وراء وحدة كنيسته".
كما تابعت اللجنة مناقشتها حول أسقف روما في الألفية الأولى بالاستناد إلى مسودة تستخدم كوثيقة عمل. وقررت اللجنة أن الوثيقة ما تزال بحاجة إلى المزيد من التنقيح.
كذلك ورد في البيان أن اللجنة قررت أيضاً تشكيل لجنة فرعية لتباشر البحث في "الجوانب اللاهوتية والكنسية للأولوية في علاقتها مع الحركة السينودسية".
ولفت البيان إلى أن هذه اللجنة الفرعية ستقدم عملها للجنة التنسيق المشتركة التي ستلتئم خلال السنة المقبلة.
خلال اللقاء، تبلغ المشاركون نبأ وفاة المونسنيور إلوتيريو فورتينو الذي كان أمين السر المشارك للجنة المشتركة منذ بدايتها، وقدموا الصلوات من أجل راحة نفسه.
ختاماً جاء في البيان أن هذا اللقاء "اتسم بروح من الصداقة والتعاون المفعم بالثقة"، وأن "المشاركين يعهدون بعمل الحوار المستمر إلى صلوات المؤمنين".
صفحة زينيت على شبكة الإنترنت:
النص الكامل: www.zenit.org/article-30508?l=english
تحدث فيها عن القديسة ماتيلد من هاكبورن
الفاتيكان، الأربعاء 29 سبتمبر 2010 (ZENIT.org) . – ننشر في ما يلي التعليم الذي القاه البابا بندكتس السادس عشر خلال المقابلة العامة اليوم في ساحة القديس بطرس.
أيها الإخوة والأخوات الأعزاء،
اليوم أود أن أحدثكم عن القديسة ماتبلد من هاكبورن، من الأشخاص المهمين الذين عاشوا في دير هيلفتا، والتي عاشت في القرن الثالث عشر. أختها في الرهبانية، القديسة جيرترود الكبيرة، كتبت في الجزء الرابع من كتاب specialis gratiae “النعمة الخاصة” الذي يتحدث عن النعم الخاصة التي نالتها القديسة ماتيلد من الرب: “ننشر ذلك فقط لمجد الله وفائدة القريب، لأنه يبدو لنا أنه ليس عدلاً أن نلتزم الصمت حيال العديد من النعم التي منحها الله لماتبلد، وليس لها وحدها فقط، بل لنا جميعاً ولمن يأتون من بعدنا” (ماتيلد فون هاكبورن، النعمة الخاصة، عدد 4، 1).
هذا العمل كتبته القديسة جيرترود وراهبة أخرى من هيلفتا، وله تاريخ مميز. كانت ماتيلد، بعمر الخمسين سنة، تمر بأزمة روحية مرفقة بمعاناة جسدية. وفي ذلك الوقت، أعلمت رفيقتيها بالنعم الخاصة التي منحها إياها الله منذ صغرها، ولكنها لم تكن تعلم أنهما كانتا تكتبان كل شيء، وعندما عرفت بالأمر ارتبكت، ولكن الرب أظهر لها ما كُتب إنما هو لمجد الله وفائدة القريب. وهكذا فإن هذا العمل هو المصدر الأساسي الذي نعود إليه للتعرف على حياة وروحانية القديسة. معها نتعرف على عائلة بارون هاكبورن، من العائلات النبيلة والغنية لقربها من الامبراطور فريديرك الثاني، ومعها نتعرف أيضاً الى دير هيلفتا في سنوات نهضته. كان البارون قد اعطى الدير ابنة، جيرترود من هاكبورن (1231- 1232 – 1291-1292)، والتي كانت تتمتع بشخصية قوية. كانت رئيسة للدير لمدة 40 سنة، وقد أسهمت في إعطاء الدير طابعاً روحياً مميزاً. معها أزهر وبات مركزاً للتصوف والثقافة ومدرسة تنشئة علمية ولاهوتية. قدمت جيرترود الى الراهبات تنشئة فكرية عالية المستوى، ساعدتهن على تكوين روحانية ترتكز الى الكتاب المقدس والليتورجيا والتقليد الآبائي، وعلى قانون وروحانية القديسين برنارد دي كيارافالي وغوليلمو دي سانت تيري. كانت معلمة حقيقية، مثالاً في كل شيء، في التجذر في الإنجيل وفي الحماس الرسولي. ماتيلد من جهتها ومنذ حداثتها، تذوقت الجو الروحي والثقافي الذي خلقته أختها، مضيفة على كل ذلك وصْمتها الخاصة.
ولدت ماتيلد ما بين 1241 و 1242 في قصر هيلفتا. هي الإبنة الثالثة للبارون. عن عمر 7 سنوات، قامت برفقة والدتها بزيارة لأختها جيرترود في الدير في روديرسدورف. ومنذ ذلك الحين أرادت أن تنضم الى ذلك المكان. دخلت الدير عام 1258 وأصبحت راهبة في الدير الذي انتقل الى هيلفتا في هاكبورن.
تميزت بتواضعها وحماسها ومحبتها وصفائها وبراءتها، وبعمق علاقتها بالله والعذراء والقديسين. تمتعت بمزايا طبيعية وروحية عالية، كالعلوم والذكاء والمعرفة، مما جعلها كنزاً حقيقياً للدير على جميع الأصعدة. وهكذا أصبحت “عندليب الله” (كانت قد لقبت بهذا اللقب) مديرة مدرسة الدير، ومديرة الكورس ومعلمة الابتداء، وقد قامت بمسؤولياتها هذه بحماس كبير ليس فقط تجاه الراهبات، بل تجاه كل من أراد الاستفادة من حكمتها وطيبتها. بوحي إلهي، ألفت ماتيلد صلوات عديدة. إنها معلمة تتميز بعقيدة أمينة وتواضع كبير، مستشارة ومعزية ومرشدة في التمييز. “كانت توزع العقيدة بغزارة كبيرة لم يكن لها مثيل في الدير، ونخشى أننا لن نرى لها مثيل. كانت الراهبات تجتمعن حولها للإصغاء الى كلمة الله، كما حول واعظ. كانت الملجأ والمعزية للجميع، وكانت بهبة من الله قد حصلت على نعمة سبر أسرار قلب كل واحد. أشخاص كثيرون ومن بينهم مكرسون وعلمانيون، شهدوا بأن هذه القديسة العذراء حررتهم من آلامهم وأنهم لم يختبروا من قبل العزاء الذي اختبروه بالقرب منها.”.
عام 1261 وصلت الى الدير صبية بعمر الخمس سنوات اسمها جرترود: أوكِلت الى عناية ماتيلد التي كانت في العشرين من العمر، فنشأتها وربتها في الحياة الروحية الى أن جعلت منها ليس التلميذة الممتازة وحسب بل وحاملة أسرارها أيضاً. ما بين 1271 و1272 دخلت الى الدير أيضاً ماتيلد من ماغديبورغ، وهكذا بات المكان يضم أربع نساء عظيمات – ماتيلد اثنيتن وجرترود اثنتين – مجد الحياة الرهبانية الألمانية. خلال حياتها الطويلة في الدير، عانت ماتيلد من آلام شديدة، وزد على ذلك اعمال التكفير القاسية من أجل اهتداء الخطأة. وبهذه الطريقة اشتركت بآلام الرب حتى النهاية. كانت الصلاة والتأمل ركيزتي وجودها: الوحي، التعاليم وخدمة الآخر ومسيرتها في الإيمان وفي المحبة، كلها تجد جذورها في الصلاة والتأمل. في الكتاب الأول من “النعمة الخاصة”، جمعت كاتبتا العمل خواطر ماتيلد بمناسبة أعياد الرب والقديسين، وبخاصة في عيد العذراء. من المذهل قدرة هذه القديسة على عيش الليتورجيا ومكوناتها في حياتها الرهبانية اليومية. بعض الصور والتعابير قد تبدو بعيدة عن فهمنا ولكن عندما نأخذ بعين الاعتبار حياتها الرهبانية ودورها كمعلمة وكمديرة للكورس، نفهم قدرتها الفريدة كمربية ومنشئة، تساعد أخواتها على العيش بعمق كل الحياة الرهبانية، انطلاقاً من الليتورجيا. خلال الصلاة الليتورجية، تسلط ماتيلد الضوء على ساعات صلاة الفرض وعلى الاحتفال بالقداس، وبخاصة على المناولة. هنا غالباً ما تُخطف في نشوة وحميمية عميقة مع الرب في قلبه المضرم، في حوار رائع تطلب فيه النعم لجماعتها وأخواتها
. تتمحور حياة ماتيلد على أسرار المسيح التي ترشدنا إليها العذراء مريم، للسير على طريق القداسة: “إن اردتي القداسة الحقيقية، كوني قريبة من ابني؛ فهو القداسة بذاتها التي تقدس كل شيء” (1: 40). في حميميتها مع الله تستحضر العالم أجمع، والكنيسة وفعلة الخير والخطأة. بالنسبة لها، السماء والارض تتحدان. رؤاها وتعاليمها، كلها تعابير تشير الى اللغة الليتورجية والبيبلية. من هنا نفهم عمق معرفتها بالكتاب المقدس، خبزها اليومي. معها يأخذ الإنجيل الأولوية: “كانت كلمات الإنجيل بالنسبة لها غذاء رائعاً وكانت تثير في قلبها مشاعراً عذبة لدرجة أنها لم تستطع إكمال القراءة. كانت طريقة قراءتها للإنجيل تثير في الجميع الرغبة في الصلاة. وهكذا أيضاً عندما كانت ترتل في الجوقة، كانت كلها غارقة في الله، وكانت تشع بحماس يظهر في غالب الأحيان من خلال حركاتها… وفي أحيان أخرى كان تنخطف في النشوة لدرجة أنها لم تعد تسمع الآخرين ينادونها. في إحدى رؤاها، أوصاها يسوع نفسه بالإنجيل، وفتح جرح قلبه الطاهر وقال لها: “انظري كم هي عظيمة محبتي: إن أردتي التعرف إليها، ليس من مكان أفضل من الإنجيل: كما أحبني أبي، هكذا أن أيضاً أحببتكم”.
أيها الأصدقاء الأعزاء، الصلاة الشخصية وااليتورجيا، وبخاصة ليتورجية الساعات والقداس، هي أساس خبرة القديسة ماتيلد من هاكبورن الروحية. بعيشها بحسب الكتاب المقدس والخبز الافخارستي، قامت بمسيرة اتحاد حميم مع الرب، في الأمانة التامة للكنيسة. وفي ذلك دعوة لنا جميعاث لتعزيز صداقتنا مع الرب، وبخاصة من خلال الصلاة اليومية والمشاركة الأمينة في القداس. الليتورجيا هي مدرسة كبيرة في الروحيانية.
التلميذة جرترود تصف بتعابير مؤثرة الأوقات الأخيرة في حياة ماتيلد من هاكبورن. كانت أوقاتاً صعبة ولكنها كانت مستنيرة بحضور الثالوث الأقدس، الرب، العذراء وجميغ القديسين، وشقيقتها جرترود. عندما حانت ساعة انتقالها الى الرب، سألته أن تعيش المزيد في الألم من أجل خلاص النفوس، ففرح يسوع بعمل المحبة هذا. كانت ماتيلد في الثامنة والخمسين من العمر، وعاشت آخر مرحلة من الطريق نحو الرب في ثمان سنوات من المرض الشديد. “وعند قدوم ساعتها ناداها الرب: “تعالوا يا مباركي أبي، تعالوا ورثوا الملكوت”… وضمها الى مجده” (6: 8).
ماتيلد من هاكبورن توكلنا الى قلب يسوع الأقدس والى العذراء مريم. تدعونا لنسبح الابن بقلب الأم ولنسبح مريم بقلب الإبن: “سلام أيتها العذراء الكلية الطوبى، التي انتشر فيك الندى الحلو من قلب الثالوث الأقدس؛ سلام في المجد والغبطة الأبدية، انت التي اختارك الرب من بين مخلوقات السموات والأرض قبل خلق العالم! آمين (1: 45).