الفاتيكان، الجمعة 3 سبتمبر 2010 (Zenit.org). – يقدم الدستور المجمعي “نور الأمم” خلاصة مهمة للاهوت الكنيسة عند القديس بولس. من بين التشابيه الهامة التي يقدمها بولس في حديثه عن الكنيسة يلمع رمزان متكاملان: الكنيسة شعب الله والكنيسة جسد المسيح.
في الحديث عن الكنيسة كشعب الله يقول النص المجمعي: “في الحقيقة إن كل من اتقى الله في كل أمّة وفي كل عصر وعمل البر (راجع أع 10، 35)، يكون مقبولاً عنده. انما ارتضى الله ألا يقدس البشر ويخلصهم أفرادًا خارجًا عن كل علاقة متبادلة بينهم، بل شاء أن يصنع منهم شعبًا يعرفه بالحق ويخدمه بالقداسة. لهذا اختار اسرائيل شعبًا له وقطع معه عهدًا وعلمه تدريجيًا، مظهرًا ذاته وتصميم إرادته، في تاريخ هذا الشعب الذي كرّسه لنفسه. وحدث كل ذلك تهيئةً وسرًا لذلك العهد الجديد الكامل، الذي سيُقطع في المسيح، ولذلك الوحي المتكامل الذي سيحمله كلمة الله المتأنس بالذات […] أي العهد الجديد الذي وضعه يسوع المسيح بدمه، الذي به يدعو الشعب من اليهود ومن الأمم، الشعب الذي يتوحد لا بحسب الجسد إنما بالروح فيصبح شعب الله الجديد […]” (1).
أما بصدد الكنيسة كجسد المسيح فيقول “تعليم الكنيسة الكاثوليكية” في العدد 787: “منذ البدء ربط يسوع تلاميذه بحياته الحميمة: كشف له سر الملكون وجعلهم شركاء برسالته، بفرحه وبآلامه. تحدث يسوع عن شركة أعمق مع ذاته ومع من يتبعه: “ابقوا فيّ وأنا فيكم. […] أنا الكرمة وأنتم الأغصان” (يو 15، 4 – 5). كما ويعلن يسوع عن شركة سرية وحقيقية بين جسده وجسدنا: “من يأكل جسدي ويشرب دمي يقيم فيّ وأنا فيه” (يو 6، 56)” (2). يوضح “تعليم الكنيسة الكاثوليكية” أن تشبيه الكنيسة بجسد المسيح “ينير العلاقة الحميمة القائمة بين المسيح وكنيسته. فالكنيسة ليست فقط مجتمعة حول المسيح، بل هي متحدة به، هي جسده. ولذا يجب التشديد على ثلاثة أبعاد في الكنيسة-جسد المسيح: وحدة جميع أعضائها في ما بينهم بقوة اتحادهم بالمسيح؛ المسيح رأس الجسد؛ الكنيسة عروسة المسيح” (3).
إن هذين الرمزين على اختلافهما يشكلان وحدة متماسكة ومتكاملة، فبينها يشير البعد الأول إلى الانتماء للمسيح (منا ينتمي الشعب إلى رئيسه) يشير البعد الثاني، رمز الجسد، إلى وحدة الهوية مع المسيح (تمامًا كما أن الجسد واحد مع الرأس).
الوحدة والاختلاف اللذان يظهران في هذين الرمزين يقومان في الوقت عينه في رمز آخر للكنيسة اشتهر به القديس بولس: صورة المسيح العريس والكنيسة العروس؛ صورة يصفها بولس بـ “السر العظيم” الذي هو نموذج كل حياة زوجية في الفصل الخامس من الرسالة إلى أهل أفسس.
كل هذه الصور هي متكاملة وتجعلنا نحدس شيئًا من كنه الكنيسة، وتشتت المفاهيم المغلوطة والمنقوصة السائدة. الكنيسة – بحسب آباء الكنيسة – هي الشعب، كل الشعب، “المجتمع في وحدة الآب، والابن والروح القدس” (4)
(1) نور الأمم،9 ؛ تعليم الكنيسة الكاثوليكية، 781.
(2) راجع تعليم الكنيسة الكاثوليكية، 787.
(3) تعليم الكنيسة الكاثوليكية، 789.
راجعS. Cipriano, De oratione Dominica 23: PL 4,553; S. Agostino, Sermo 71,20,33: PL 38,463s. S. Giovanni Damasceno, Adversus Iconoclastas 12: PG 96,1358D; LG 4; CCC 810.