البابا إلى ممثلي الأديان: الحوار بين الأديان لا يتوقف على النقاشات الرسمية

Share this Entry

بل يتطلب حوار العيش المشترك والتعاون على الحفاظ على القيم المشتركة

بقلم روبير شعيب

لندن، الجمعة 17 سبتمبر 2010 (Zenit.org). – لا يجب على الحوار بين الأديان أن يقتصر على اللقاءات الرسمية وتبادل الأفكار، بل يجب أن يضحي واقعًا ملموسًا يجمع مؤمني الأديان في الدفاع عن الخيور التي يؤمنون جميعهم بها مثل قدسية الحياة، وأهمية العلاقة بالله في الحياة الشخصية والاجتماعية. هذا ما جاء في خطاب قداسة البابا بندكتس السادس عشر لدى لقائه برؤساء الجماعات الدينية الأخرى في قاعة الرسم في والدغرايف، في معهد الساينت ماري الجامعي في تويكنهام.

شارك في الاجتماع ممثلون عن مختلف الطوائف المسيحية، وللأديان الحاضرة في المملكة المتحدة: اليهودية، الإسلام، الهندوسية والسيخ. وبعد أن شكر الحضور على هذه الفرصة الثمينة، تحدث البابا عن الدور الذي يستطيع أن يلعبه مؤمنو الأديان في المجتمع البريطاني، وفي العالم بشكل عام.

قال الأب الأقدس: “على الصعيد الروحي، جميعنا، وبأشكال مختلفة، ملتزمون بمسيرة تقدم أجوبة على أهم الأسئلة – السؤال الذي يرتبط بالمعنى الأخير لوجودنا البشري. البحث عما هو مقدس هو البحث عن الأمر الوحيد الضروري، والذي وحده يشبع توق القلب البشري”.

في هذا الإطار يشكل حضور مؤمني الأديان في العالم شهادة نبوية على أهمية البحث الروحي الذي نعيشه في الحياة البشرية.

ثم تطرق البابا إلى العلاقة بين العلوم والأديان – ربما في إشارة غير مباشرة على تصريحات العالم الإنكليزي هوكينغ في كتابه الذي صدر في التاسع من الجاري، والذي يزعم فيه أن علم الفيزياء يبين أن الله غير موجود. وقال البابا أن العلوم في إطار حقول اختصاصها، تقدم لنا العلوم البشرية والطبيعية فهمًا نفيسًا لأبعاد وجودنا وتعمق استيعابنا لدينامية الكون المادي، الذي يمكننا استخدامه في سبيل الخير الأعظم للعائلة البشرية.

“ولكن –أضاف بندكتس السادس عشر – هذه العلوم لا تستطيع أن تقدم جوابًا على السؤال الأساسي، لأنها تعمل على صعيد مختلف بالكلية. لا تستطيع أن تشبع توق القلب البشري الأعمق، ولا تستطيع أن تشرح لنا بالكامل أصلنا ومصيرنا، لماذا وما الهدف من وجودنا، كما ولا تستطيع أن تقدم لنا جوابًا مناسبًا لهذا السؤال: “لماذا هناك شيء بدل اللاشيء (العدم)””.

ثم أردف: “البحث عن القدسيات لا يحرم حقول البحث البشري من قيمتها. بل على العكس، يضعها في إطار يزيد من أهميتها، كسبل للقيام بشكل مسؤول بخدمتنا وسيادتنا على الخليقة. في الكتاب المقدس، نقرأ أنه بعد أن أكمل الله الخلق، قال لأبوينا الأولين: “انموا واكثروا واملأوا الأرض وأخضعوها” (تك 1، 28)”.

ثم تابع توسيع الفكرة بالقول: “أوكل الله إلينا مهمة اكتشاف أسرار الطبيعة والسيادة عليها وذلك لكي تخدم لأجل خير أعظم. وما هو الخير الأعظم؟ في الإيمان المسيحي، هذا الخير الأعظم هو حب الله وحب القريب”.

وختم قائلاً: “الإيمان الديني الأصيل يقودنا أبعد من النفعية الآنية نحو المتسامي. ويذكرنا بإمكانية بل بواجب الارتداد الأخلاقي، وبواجب العيش بسلام مع جارنا، وبأهمية عيش الحياة بتماسك أخلاقي. إذا ما فهمنا الإيمان كما يجب، فهو يحمل لنا الاستنارة، ويطهر قلبنا ويلهمنا أعمالاً نبيلة وسخية لخير كل العائلة البشرية”.

بالعودة إلى العلاقة بين الأديان المختلفة، قال الأب الأقدس: “منذ المجمع الفاتيكاني الثاني، أعطت الكنيسة الكاثوليكية أهمية خاصة للحوار والتعاون مع أتباع الديانات الأخرى. لكي يكون الحوار مثمرًا، لا بد من التبادلية بين مختلف أعضاء الحوار وأتباع الديانات الأخرى”.

ثم قال: “أفكر بشكل خاص ببعض الحالات في بعض أنحاء العالم، حيث التعاون والحوار بين الأديان يدعو إلى الاحترام المتبادل، إلى حرية عيش كل فرد لدينه والالتزام بأعمال العبادة العامة، وحرية اتباع الضمير من دون التعرض للتهميش أو الاضطهاد، حتى بعد الارتداد من دين إلى آخر”.

وشرح أنه عندما يتم توطيد هذا الاحترام وهذا الانفتاح، يستطيع المنتمون إلى الأديان المختلفة أن يعملوا سوية في سبيل السلام والتفاهم المتبادل وأن يقدموا بهذا الشكل شهادة مقنعة أمام العالم.

كما وذكر الأب الأقدس أن هذا النوع من الحوار يجب أن يقوم على أبعاد مختلفة، ويجب ألا يقتصر على النقاشات الرسمية. حوار الحياة يتطلب ببساطة العيش جنبًا إلى جنب والتعلم بعضنا من بعض بطريقة ننمو فيها بالمعرفة والاحترام المتبادلين.

وشدد على أن “حوار الأفعال يقربنا من بعض بأشكال ملموسة من التعاون، إذ نطبق الأفكار الدينية على مهمة تعزيز النمو البشري المتكامل، العمل من أجل السلام، العدالة وتدبير الخليقة”.

ثم ختم البابا بالقول: ” اسمحوا لي أن أؤكد لكم أن اتباع الكنيسة الكاثوليكية لسبيل الالتزام بالحوار ينبع من حس احترام عميق لكم ولمعتقداتكم. وأكّد أن الكاثوليك سيتابعون العمل على “بناء جسور صداقة نحو الأديان الأخرى، لكي يشفوا مساوئ الماضي ولكي يبنوا الثقة بين الأفراد والجماعات”.

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير