الأحد الثالث من الصيام المقدَّس

أحد الصليب

Share this Entry

بقلم الأب سميح رعد

بروكسل، الجمعة 25 مارس 2011 (Zenit.org). – ننشر في ما يلي تأمل في قراءات قداس الأحد الثالث من زمن الصوم المقدس بحسب الطقس الملكي البيزنطي.

* * *

“لصليبك يا سيدنا نسجد ولقيامتك المقدسة نبارك.”

          تنشد الكنيسة هذا النشيد في هذا الأحد في وسط الصيام مستمدَّة منه القوَّة لتستمر في حجّها الروحيّ، مرورًا بالأسبوع العظيم والآلام الخلاصيَّة في يوم الجمعة العظيم المقدَّس، وصولاً إلى الفصح المجيد.

          إنَّ إتِّباع المسيح والكنيسة يكون في حمل الصليب: “من أراد يتبعني فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني.”  (مر 8، 34) ولا يكون إتِّباع حقيقي بدون حمل الصليب المقدَّس.

          من المفارقات العظمى التي يعرضها علينا المسيح يسوع الفرح والسعادة، وفي الوقت عينه يقدِّم لنا الصليب كحتمية في مسيرتنا المسيحيَّة. يقف المؤمن أمام هذه المفارقة ويقول كما قال الطوباوي كاتب الرسالة إلى العبرانيين: “فلنتمسَّك بالاعتراف” (عب 4، 14)، أي فلنتمسك بالإيمان. نعم، فلنتمسك بالمسيح مبدأ إيماننا وغايته، ولنؤمن بما يقدِّمه لنا. لنؤمن بقدرة الله، لنؤمن أن الله حاضر في حياة كل منَّا ويقدِّم لنا الخلاص بالصليب.

          إن صليب المسيح هو فخرنا (غل 6، 14)، هو قوة الخلاص (1 كور 1، 18)، هو خشبة الخلاص، في بحر هذا العالم الهائج، وهذه الخشبة ستسير بنا مباشرة إلى يوم القيامة.

          هذا الصليب ليس فقط عبارة عن لوحين من خشب مسمرتين الواحد فوق الآخر، إنما هما أيضًا خشبة مثخنة بعرق المسيح ودمه وهو صاعد به إلى جبل الجلجلة (يو 19، 17). هذه الخشبة التي تحمل آلام المسيح هي رجاء الإنسان وفداؤه وغفران خطاياه.

          ليس مدهشًا أن يكون الصليب أجمل زينة في الكنيسة. إنَّه مصدر حياتنا لأن المسيح عندما علق عليه سال منه دم وماء (يو 19، 34)، وبهذا الدم والماء صنع لنا العهد الجديد، والكنيسة تدعونا أن نكرمه لأنه الطريق نحو القيامة.

          وإذا كان الصيام مسيرة تلمذة للمسيح، فالكنيسة تقول لنا اليوم:  إنَّ التلمذة الحقيقية للمسيح تكون في الصليب. الكنيسة تضع الصليب في وسط هذه المسيرة، لا بل في قمته لتعلمنا أن التتلمذ للمسيح يلزمه نكران ذات: “إحمل صليبك!” (متى 16، 24).

          “لصليبك يا سيدنا نسجد ولقيامتك المقدسة نبارك.”

          في وسط هذا الصيام أنت مدعو أن تحصل على هذا الشرف الإلهي. فتعيش بنوتك مع الآب السماوي، سلمه حياتك من جديد، قدِّم جردة حساب عن حياتك، واعترف بسقطاتك، وألق  عنك شباك الخطايا المكبلة لحركتك في المسيح. أنت مدعو للتوبة، تعال إلى الاعتراف واغسل قلبك، طهر نياتك، نظف صفحات عمرك المتسخة، تجدَّد.

          “لصليبك يا سيدنا نسجد ولقيامتك المقدسة نبارك.”

          اليوم في هذا الأحد المبارك يعلمني الصليب ألاَّ أتكل على إمكانياتي وعلى قدرتي أبدًا. يعلمني الصليب أن أستسلم لمشيئة الآب، وأن يقودني بيدي.

          “لصليبك يا سيدنا نسجد ولقيامتك المقدسة نبارك.”

           يعلمني الصليب اليوم أن أصرخ: بدونك يا  الله، لا أستطيع شيئاً. أريد أن أتوب علمني التوبة، أريد أن أصلي علمني الصلاة، أريد أن أصوم فساعدني، أريد أن أكرس لك حياتي أكثر فقوني. أريد أن أغفر أكثر لمبغضي، فعلمني المسامحة… بارك أنت يا رب حياتي، وسهل الطريق أمامي وأمام كل المؤمنين، أنرني بضياء نور وجهك الحبيب. آمين.

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير