التي تمت فيها مجزرة نازية في عام 1944
روما، الاثنين 28 مارس 2011 (ZENIT.org
أيها الإخوة والأخوات الأعزاء!
لقد تقبلت بسرور دعوة الجمعية الوطنية لعائلات شهداء حرية الأمة الإيطالية للقيام بحج إلى هذا المقدس العزيز على قلب كل الإيطاليين، وخصوصًا على قلب شعب روما. أحيي الكاردينال النائب الأبرشي، والحاخام الأكبر، ورئيس الجمعية، والمسؤول الأعلى، ومدير المقبرة، وبشكل خاص عائلات الضحايا، وجميع الحاضرين.
“أؤمن بالله وبإيطاليا، أؤمن بالقيامة، بالشهداء والأبطال، أؤمن بالنهوض، بالأمة، بحرية الشعب”. لقد تم حفر هذه الكلمات في خلية سجن وتعذيب، في حي تاسّو، في روما، خلال الاحتلال النازي. هي شهادة شخص مجهول كان سجينًا في تلك الخلية، وهي تعبّر عن كيف أن الروح البشرية تبقى حرة حتى في الحالات الأكثر صعوبة.
“أؤمن بالله وبإيطاليا”: لقد أثر فيّ هذه التعبير وبخاصة مع الاحتفال بـ 150 سنة بوحدة إيطاليا، خصوصًا لأنه يشير إلى أولية الإيمان، الذي ينال منه الرجل الثقة والرجاء من أجل إيطاليا ومن أجل مستقبلها.
ما حدث هنا في 24 مارس 1944 هو إهانة كبيرة لله، لأنها اعتداء متعمد للإنسان على الإنسان. وهو النتيجة الأسوأ للحرب، لكل حرب، بينما الله هو حياة، سلام وشركة.
مثل أسلافي، لقد أتيت للصلاة ولتجديد الذكرى. لقد أتيت لاستدعاء الرحمة الإلهية، التي وحدها تستطيع أن تملأ الفراغ، والبؤر التي يفتحها البشر، عندما يدفعهم العنف الأعمى فينكروا كرامتهم كأبناء الله وإخوة في ما بين بعضهم. أنا أيضًا، كأسقف روما، المدينة التي كرسها دم شهداء إنجيل الحب، آتي لكي أكرم إخوتنا هؤلاء الذين ماتوا على مسافة غير بعيدة من الديامييس القديمة.
“أؤمن بالله وبإيطاليا”. في هذه الشهادة المحفورة في موقع عنف وموت، يظهر الرباط بين الإيمان وحب الوطن في كل صفائه، دون أي أثر للبلاغة. من كتب هذه الكلمات فعله فقط انطلاقًا من قناعة عميقة، كشهادة أخيرة لحقيقة آمن بها، تجعل النفس البشري، حتى في أعمق الانحطاط، ذا طابع ملكي. كل إنسان مدعو لكي يحقق كرامته البشرية بهذا الشكل: من خلال شهادته لتلك الحقيقة التي يكتشفها في أعماق ضميره.
هذا وقد أثرت في شهادة أخرى، وهذه قد وجدت في الخنادق الأدرياتينية بالذات. ورقة كتب عليها أحد ضحايا الحرب: “يا رب، يا أبي العظيم، نصلي إليك لكي تستطيع أن تحمي اليهود من الاضطهادات البربرية. 1 أبانا 1 سلام 1 مجد”. في تلك اللحظات المأساوية والخالية من الإنسانية، كان في قلب هذا الشخص صلاة أكبر: “يا رب، يا أبي العظيم”. أب الجميع! كما على شفاه يسوع المائت على الصليب: “يا أبتاه، في يديك أستودع روحي”.
في هذا الاسم “آب”، هناك ضمانة أكيدة للرجاء؛ إمكانية مستقبل مختلف، معتق من الكره والانتقام، مستقبل حرية وأخُوّة، لروما، إيطاليا، لأوروبا والعالم. نعم، حيثما كان الإنسان، في كل قارة، ولأي شعب انتمى، الإنسان هو ابن ذلك الآب الذي في السماوات، هو أخ الجميع في البشرية. ولكن البنوة والأخوة ليست أمورًا بديهية. وهذا الأمر تبينه الخنادق الأدرياتينية أيضًا؟ يجب أم نريد البنوة والأخوة، يجب أن نقول نعم للخير ولا للشر. يجب أن نؤمن بإله الحب والحياة، وأن نرفض كل أنواع الصور المغلوطة عن الله، والتي تخون اسمه القدوس وتخون بالتالي الإنسان، المخلوق على صورة الله.
ولذا، في هذا المكان، الذي يشكل تذكارًا للشر الأشنع، الجواب الحقيقي هو أن نأخذ بعضنا أيدي البعض وأن نقول: يا أبانا، نحن نؤمن بك، وبقوة حبك نريد أن نسير سوية بسلام، في روما، في إيطاليا، في أوروبا، في العالم بأسره. آمين.
* * *
نقله من الإيطالية إلى العربية روبير شعيب – وكالة زينيت العالمية