السلام والحرب في التعليم الاجتماعي للكنيسة

– السلام ثمرة العدالة والمحبة: (488- 512)

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

روما، الثلاثاء 5 يوليو 2011 (zenit.org). –السلام في حد ذاته هو قيمة سامية، وواجب عالمي واساسه مرتكز على الطبيعة العاقلة والاجتماعية للمجتمع. السلام لا ينبع ببساطة من عدم وجود حرب، او توازن القوى بين الخصوم. ولكنه ينبع من النظرة الشاملة والسليمة لطبيعة الانسان، فيتطلب بناء نظام شامل ملؤه العدالة والمحبة.

السلام هو ثمرة العدالة (أش 32: 17)، والعدالة تعني الاحترام الكامل لكل ابعاد الانسان. العدالة تعني الاعتراف وإعطاء الانسان  كل حقوقه كإنسان، على سبيل المثال احترام كرامته؛ وحقوقه الاساسية؛ وايضا طبيعته وهدف كيانه.

السلام في نفس الوقت هو ثمرة المحبة. لان فعل تعزيز السلام هو فعل محبة في حد ذاته. السلام ينبع من الرغبة المتزايدة، يوما بعد يوما، للبحث عن مشيئة الله والعمل بها، وإنشاء مجتمع ونظام حسب مخطط الرب الاصلي.

فلكي نصل الى سلام حقيقي في المجتمع، لا مفر من ان نبدأ في تأسيس هذا السلام اولا على المستوى الفردي. فعلى كل انسان ان يحيا في سلام اولا مع ذاته، وهذا يأتي من سلامه مع الله. يحيا في سلام مع ذاته، أي يعطي لنفسه ما تستحقه كطبيعة انسانية، ولا يتوقف فقط على البعد المادي او العقلي لذاته. السلام كما ذكرنا من قبل ان يأخذ الانسان ما هو له، كل ما هو لطبيعته. فلا نستطيع ان ننسى اذا، إنه كي يكون الانسان في سلام مع ذاته ولا يظلمها، يجب ان يعطيها ما تستحقه ايضا وبالاخص من الناحية الروحية.

ايضا كي نصل للسلام في المجتمع، يجب ان يتوافر هذا السلام وينمو في عائلاتنا وبين مجتماعتنا الصغيرة. بحيث نحيا تحت ظل العدالة الحقيقية، أي نعطي لكل شخص ما هو له. ومن هنا تنبع اهمية النظرة الفلسفية واللاهوتية للانسان، ما هو له؟ او ما يجب ان يعطى له.

الانسان كائن خلق على صورة الله ومثاله، طبيعته البشرية تحتم علية التسامي والعلو فلا يمكننا ان نجعل منه فقط مجموعة احتياجات مادية او عاطفية او جنسية للاشباع. الانسان هو كائن مدعو كي يحقق ذاته في الشركة الكاملة مع الله ومع الآخر. فالعدالة والتي منها يأتي السلام يعني ان نوفر للانسان المحيط المناسب كي يستطيع تحقيق الشركة الكاملة. من هنا ينبع السلام بين المجتمعات والبلاد والامم.

– فشل السلام: حرب

التعليم الكنسي وبكل وضوح ينكر الحرب كوسيلة لتحقيق السلام. فلا يعتبرها ولا يستطيع ان يعتبرها كوسيلة لحل الازمات بين الشعوب، من حيث انها تولد صراعات اكبر واكثر استمرارية. وهذا ايضا ما يقودنا اليه الواقع. كم من حروب بدأت من اجل السلام، والى الان لا سلام والحروب مستمرة. وكم من الحروب نشأت للتخلص من الشر، فلم ينتهِ الشر، ولم تنتهِ معه الحروب. الحرب هي اعلان صريح لفشل الانسان والانسانية الكامل.

لذا يجب الاستمرار في البحث عن حلول حقيقية، وليس حلول مزيفة مثل الحرب، كي نستطيع ان نصل لحل النزاعات بين الامم، وتثبيت السلام.

في العديد من المرات لا تدافع البلاد عن نفسها بوسائل مناسبة، بل بوسائل اكبر واضخم بكثير من الخطر المقابل. لذا دور الهيئات والمؤسسات العالمية والدولية في المراقبة هو دور اساسي وحيوي. التعليم الاجتماعي للكنيسة يحث بكل ما اعطي له من قوة تلك الهيئات على المحايدة التامة والخالية من أي احكام مسبقة، كي يمكنها مساعدة الشعوب للوصول الى حلول للنزاعات بطريقة سلمية وبشرية.

– حق الدفاع عن النفس:

الحرب العدائية ضد أي من الشعوب هي شيء غير اخلاقي بالمرة. في هذه الحالة يحق للشعب المعتدى عليه الدفاع عن نفسه مستخدما ايضا قوة السلاح. إستخدام السلاح هو عملية مصرح بها اخلاقيا بعد التحقق من كل الشروط التالية:

الخسارة التي الحقها المعتدي اكيدة، مستمرة، وخطيرة؛

جميع الوسائل الاخرى اصبحت غير فعالة او غير ممكنة؛

هناك امل في النجاح للتخلص من هذا الاعتداء؛

واخيرا من المهم التأكد ان استعمال السلاح لا يقود الى حالة فوضوية اكثر مما هو الوضع عليه.

بجانب ذلك يجب توضيح انه من العدل ان يسمح القانون لمن يرفض ضميريا استخدام السلاح اثناء الحرب بذلك ويدبر له اية خدمة اخرى يمكن القيام بها لمساعدة المجتمع.

اخيرا يجب التاكيد على ان حق الدفاع عن النفس مرتبط بواجب حماية ومساعدة الضحايا البريئة والذين لا يمكنهم الدفاع عن انفسهم.

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير