وبعد الانتخابات مباشرة قام الرئيس العام السابق الأباتي بولس تنوري بتسليم شارات السلطة للأب العام الجديد متمنياً له التوفيق وموكلاً إياه رئاسة الرهبانية وأمانة الماضي والحاضر والمستقبل لتراثنا وعمل آباء الرهبانية.

ومما جاء في كلمة الأباتي الجديد: "كلنا نتطلع إلى الغد، ولكن إسهام الرهبنة في تحقيق الملكوت، يحتاج إلى كل واحد منا. ففي سعينا للخير الواحد، ومع بعض التضحية بالأمور الصغيرة، يمكننا أن ننجح في مسيرتنا، لأن النجاح هو نتيجة للتعاون، والتعاون يؤدي إلى خدمة الخير العام وخدمة شعبنا الذي ينتظر منَّا الكثير".

أضاف: "نعرف جميعاً بأن عيون اللبنانيين، وبخاصة المسيحيين منهم، وخصوصاً أبناء وأصدقاء الرهبانية، مقيمين ومنتشرين شاخصة نحونا، ليس لمعرفة السلطة الجديدة فقط، بل لما ينتظرونه منا على المستوى الروحي، والنسكي، والإنساني، والرعوي، والتعليمي، والاجتماعي. إنهم ينظرون إلى الوزنات التي نحملها، إلى الغنى الشخصي والجماعي الذي يمكننا أن نستثمره على مختلف الأصعدة، لنؤدي من خلاله قسطنا الوطني والاجتماعي والكنسي انطلاقا من روح الثورة على الرتابة والاكتفاء التي تميزت بها الحياة الرهبانية منذ نشأتها. وبفضل جهود أسلافنا، وتحصيل رهباننا الروحي والعلمي، تحتضن الرهبانية إمكانات هائلة يمكننا من خلالها أن نبث في المجتمع روح العطاء والمجّانية".

وتابع رعيدي: "يتصور البعض الآخر، بأننا على عتبة التجديد، ولكن الكنيسة وبالتالي الرهبانية لا تفهم ذاتها إلا متجددة بقوة الروح القدس، وإذا كان ثمة تجديد، فأعتقد بأن ما يقوله مار اغناطيوس دو لويولا كاف بتحديده، يقول: "إذا أردت أن تقوم برياضة روحية داخل ديرك، فعلى الأقل غير غرفتك" فالتجديد في الرهبنة لا يشمل الجوهر لأنها تستلهم دوما حياتها من الإنجيل ومن تراكم الخبرات التاريخية للكنيسة وللحياة الرهبانية نفسها ومن الضوابط القانونية، إنما يتطرق التجديد إلى بعض المستويات الظاهرة المتفاعلة مع تحديات اليوم، لأن التزامنا في الرهبانية واحد لا مزايدة فيه من أحد على آخر".

وأكد "إننا اليوم في الكنيسة والوطن والرهبنة أمام تحديات كثيرة، وعلينا أن نكون الأمل والرجاء لشعبنا كمعلمنا يسوع سيد الأمل والرجاء". وختم بالقول: "في النهاية أرفع الدعاء إلى شفعاء الرهبانية الذين على أسمائهم بنيت أديارنا ومؤسساتنا، وأمامهم صلينا وتضرعنا، ومنهم تعلمنا التضحية والشهادة، إلى قديسي الرهبانية وشهدائها أصلي، إلى الذين سبقونا منذ التأسيس لغاية اليوم وقد خزنوا للرهبنة ذخراً وبركة ما زلنا ننهل منها حتى اليوم، وهي مدعاة افتخارنا وعزَّتنا، أجيال من الأنطونيين مرَّت تاركة وراءها أسطورةٌ من المحبة، ولا يمكننا اليوم إلا أن نُقرَّ جميعاً بالهالة التي جمعت تاريخنا مع حاضرنا لتجعل منه نافذة للفاعلية في الكنيسة والوطن".

ومن ثم وزعت أمانة السر العامة للرهبانية نبذة عن حياة الأب العام الجديد كما يلي:

الأباتي داوود ادمون رعيدي من مواليد مجد المعوش بالشوف 1961، تابع دروسه التكميلية في تكميلية مجد المعوش الرسمية ودروسه الثانوية في المعهد الأنطوني ببعدا. سيم كاهناً 25 تموز 1987 في دير مار الياس بانطلياس بوضع يد صاحب السيادة المطران يوسف بشارة. حائز على إجازتين في الفلسفة واللاهوت من جامعة القديس توما الأكويني بروما وعلى إجازة في الفلسفة من الجامعة اللبنانية وعلى إجازة في اللاهوت الكتابي ويتابع الدكتوراه في إيطاليا.