كلمة البابا قبيل تلاوة صلاة التبشير الملائكي نهار الأحد 14 أغسطس

روما، الأربعاء 17 أغسطس 2011 (Zenit.org) – ننشر في ما يلي الكلمة التي ألقاها بندكتس السادس عشر نهار الأحد 14 أغسطس في كاستل غاندولفو قبيل تلاوة صلاة التبشير الملائكي.

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

***

أيها الإخوة والأخوات الأعزاء،

يبدأ إنجيل هذا الأحد بالإشارة إلى المنطقة التي يذهب يسوع لزيارتها: صور وصيدا في شمال شرق الجليل، الأرض الوثنية. هناك، يلتقي بامرأة كنعانية تخاطبه طالبة منه شفاء ابنتها التي يعذبها شيطان (مت 15، 22). في هذا الطلب، نستطيع أن نميز بداية درب إيمان ينمو ويتعزز في الحوار مع المعلم السماوي. فالمرأة ليست خائفة من الهتاف ليسوع “ارحمني”، التعبير الذي يرد في المزامير (50، 1)، ومن دعوته “الرب” و”ابن داود” (مت 15، 22). وبهذا تظهر الرجاء الثابت بأنه سيستجاب لها.

ما موقف الرب أمام صرخة الألم الصادرة عن امرأة وثنية؟ صمت يسوع قد يبدو محيراً، بحيث أنه يثير تدخل التلاميذ، لكنه ليس عبارة عن فقدان الشعور إزاء ألم هذه المرأة. ويعلق القديس أغسطينوس بالضبط: “كان الرب يتظاهر بعدم سماعها، وإنما ليس بهدف رفض منحها رحمته، بل بهدف إضرام رغبتها” (العظة 77، 1: 38، 483). الترفع الظاهري ليسوع الذي يقول “لم أُرسل إلا إلى الخراف الضالة من آل إسرائيل” (آية 24) لا يوهن عزم الكنعانية التي تصر قائلة: “أغثني يا رب!” (آية 25). وحتى عندما تلقى جواباً يبدو أنه يعيق كل رجاء – ليس حسناً أن يؤخذ خبز البنين ويُلقى للكلاب” (آية 26) – لا تستسلم. هي لا تريد أن تنزع شيئاً من أحد: في بساطتها وتواضعها يكفيها القليل، يكفيها الفتات، تكفيها فقط نظرة واحدة، كلمة جيدة من ابن الله. ويسوع يقدر إجابة الإيمان الكبيرة هذه ويقول لها: “فليكن لك كما أردت” (آية 28).

أيها الأحباء، نحن أيضاً مدعوون إلى النمو في الإيمان، إلى الانفتاح والترحيب بحرية بهبة الله، إلى التحلي بالثقة والهتاف أيضاً ليسوع “امنحنا الإيمان، ساعدنا على إيجاد الدرب!”. إنها الدرب التي أعدها يسوع لتلاميذه، للمرأة الكنعانية وللبشر من كافة الأزمنة ومن كافة الشعوب، ولكل واحد منا. الإيمان يفتح لنا مجال معرفة وقبول هوية يسوع الحقيقية، والاطلاع على جِدته ووحدانيته، وكلمته كمصدر حياة لعيش علاقة شخصية معه. معرفة الإيمان تنمو، تنمو مع الرغبة في إيجاد الطريق، وهي في الختام هبة من عند الله تتجلى ليس كأمر مبهم من دون وجه واسم، لكن الإيمان يستجيب لشخص يريد أن يدخل في علاقة عميقة معنا ويشمل حياتنا بأسرها. لذلك، يومياً، ينبغي على قلبنا أن يعيش تجربة الاهتداء، ويرى تحول الإنسان المنغلق على ذاته إلى الإنسان المنفتح على عمل الله، إلى الإنسان الروحي (1 كور 2: 13، 14) الذي يسمح بأن تخاطبه كلمة الرب، ويفتح حياته لمحبته.

أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، فلننم إذاً يومياً إيماننا بالإصغاء العميق إلى كلمة الله، بالاحتفال بالأسرار، بالصلاة الشخصية كـ “صرخة” إليه، وبالمحبة تجاه القريب. فلنبتهل شفاعة مريم العذراء التي سنتأملها غداً في صعودها المجيد إلى السماء بالنفس والجسد، لكي تساعدنا على إعلان فرح لقائنا الرب والشهادة له بحياتنا.

***

ترجمة وكالة زينيت العالمية (Zenit.org)

حقوق الطبع محفوظة لمكتبة النشر الفاتيكانية 2011

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير