روما، الأربعاء 17 أغسطس 2011 (Zenit.org) – الصعود، العقيدة التي أعلنها بيوس الثاني عشر، يعكس في الواقع “إيمان القرون الأولى للكنيسة”، حسبما يذكر بندكتس السادس عشر الذي يدعو إلى عيش هذا العيد كـ “قائمين من بين الأموات” يرحبون على مثال مريم بانتصار القائم من الموت على الشر.
وقد ترأس بندكتس السادس عشر صلاة التبشير الملائكي ظهر الاثنين 15 أغسطس 2011، في عيد صعود العذراء مريم، بحضور العديد من الحجاج في ساحة قصر كاستل غاندولفو. في ما يلي، ننشر الكلمة التي ألقاها قبيل تلاوة صلاة التبشير الملائكي.
***
أيها الإخوة والأخوات الأعزاء،
إبان شهر أغسطس، يحتفل مسيحيو الشرق والغرب معاً بعيد صعود مريم الكلية القداسة إلى السماء. في الكنيسة الكاثوليكية، أعلنت عقيدة الصعود – كما نعلم – خلال سنة 1950 المقدسة من قبل سلفي الموقر خادم الله البابا بيوس الثاني عشر. لكن هذه الذكرى ترسخ جذورها في إيمان القرون الأولى للكنيسة.
في الشرق، ما تزال تدعى اليوم أيضاً “رقاد العذراء”. وعلى فسيفساء قديمة موجودة في بازيليك القديسة مريم الكبرى في روما ومستلهمة بالضبط من أيقونة “الرقاد” الشرقية، يُصوَّر الرسل الذين بعد أن أعلمهم الملائكة بنهاية حياة أم يسوع على الأرض، يجتمعون حول سرير العذراء. وفي الوسط، يوجد يسوع الذي يحمل طفلة بين ذراعيه: إنها مريم التي أصبحت “صغيرة” للملكوت، والتي يرشدها الرب إلى السماء.
في صفحة إنجيل القديس لوقا في ليتورجيا اليوم، قرأنا أن مريم “في تلك الأيام قامت وذهبت مسرعة إلى الجبل إلى مدينة يهوذا” (لو 1، 39). في تلك الأيام، كانت مريم تسرع من الجليل إلى مدينة صغيرة قريبة من أورشليم لتلتقي بأليصابيت نسيبتها. اليوم، نتأملها هي الصاعدة إلى جبل الله والداخلة إلى أورشليم السماوية “ملتحفة بالشمس وتحت قدميها القمر وعلى رأسها إكليل من اثني عشر كوكباً” (رؤ 12، 1).
الصفحة البيبلية من الرؤيا التي نقرأها في ليتورجيا هذا العيد تتحدث عن الصراع بين المرأة والتنين، بين الخير والشر. يبدو أن القديس يوحنا يقترح علينا مجدداً الصفحات الأولى من سفر التكوين الذي يروي الفصل القاتم والمؤثر لخطيئة آدم وحواء. آباؤنا الأولون انتصر عليهم الشرير؛ وفي تمام الأزمنة، يسوع، آدم الجديد، ومريم، حواء الجديدة، انتصرا قطعاً على العدوّ، وهذا هو فرح هذا اليوم! بانتصار يسوع على الشر، هُزم أيضاً الموت الروحي والموت الجسدي. مريم هي الأولى التي حملت بين ذراعيها ابن الله، يسوع، الذي صار طفلاً صغيراً، وهي الآن الأولى الموجودة قربه في مجد السماء.
سر كبير هو ذاك الذي نحتفل به اليوم، وبخاصة سر رجاء وفرح لنا جميعاً: ففي مريم، نرى الغاية التي يسير نحوها جميع الذين يعرفون كيف يربطون حياتهم بحياة يسوع، الذين يعرفون كيف يتبعونه كما فعلت مريم؛ هذا العيد يتحدث إذاً عن مستقبلنا، ويقول لنا أننا نحن أيضاً سنكون في جوار يسوع في فرح الله، ويدعونا إلى التحلي بالشجاعة، والإيمان بأن قدرة قيامة المسيح يمكنها أن تعمل فينا أيضاً، وتجعلنا رجالاً ونساء يسعون يومياً إلى العيش كقائمين من بين الأموات، حاملين نور الخير في عتمة الشر الموجودة في العالم.
***
ترجمة وكالة زينيت العالمية (Zenit.org)
حقوق الطبع محفوظة لمكتبة النشر الفاتيكانية 2011