روما، السبت 20 أغسطس 2011 (Zenit.org) – في الإطار المهيب لكاتدرائية القديسة مريم ملكة ألمودينا، حث بندكتس السادس عشر الإكليريكيين القادمين من العالم أجمع على عيش سنوات إعدادهم للكهنوت بالتشبه بالمسيح. “يجب أن نكون قديسين لتلافي التناقض بين العلامة التي نحن عليها والواقع الذي نريد أن نعنيه”، حسبما قال.
في يومه الثالث في العاصمة الإسبانية بمناسبة أيام الشبيبة العالمية السادسة والعشرين، احتفل البابا بالقداس محاطاً بإكليريكيين جاؤوا من القارات الخمس للمشاركة في أيام الشبيبة العالمية، وبكرادلة وأساقفة. وقد نُقل الاحتفال في ساحة الكاتدرائية لآلاف الإكليريكيين الذين لم يستطيعوا الدخول إلى هذا الصرح الذي كرسه يوحنا بولس الثاني سنة 1993 خلال رحلته الرابعة إلى إسبانيا.
في بداية الاحتفال، أراد الكاردينال أنطونيو ماريا روكو فاريلا، رئيس أساقفة مدريد، أن يقدم للبابا هذا “الجيل الجديد من الإكليريكيين”. وبعده، أعرب إكليريكي إسباني شاب عن شكره لبندكتس السادس عشر على “مثال” حياته. وقال له باسم الإكليريكيين الحاضرين: “كونوا واثقين من محبتنا وصلاتنا”.
في عظته، خاطب البابا مطولاً هؤلاء الشباب الذين يستعدون لأن “يكونوا رسلاً مع المسيح وعلى مثال المسيح، ورفقاء درب البشر وخداماً لهم”.
وأوضح البابا أنه ينبغي على هذه السنوات التحضيرية أن تكون “سنوات صمت روحي، وصلاة دائمة، ودراسة مستمرة واندماج تدريجي في أعمال الكنيسة وبناها الرعوية”. وشدد قائلاً: “يجب أن نكون قديسين لتلافي التناقض بين العلامة التي نحن عليها والواقع الذي نريد أن نعنيه”.
وشدد بندكتس السادس عشر على التنشئة، والعيش بفرح وطاعة ونفاذ بصيرة وأمانة للإنجيل. وقال: “لكل حقبة مشاكلها، لكن الله يعطي في كل زمن النعمة الملائمة لمواجهتها وتخطيها بمحبة وواقعية”.
كما دعا البابا الإكليريكيين الشباب إلى “الاقتداء بالمسيح”، مما يعتبر “رسالة” ينبغي على الكاهن القيام بها “طيلة حياته”. نحن نعلم مسبقاً أنها صعبة علينا وأننا لن نتوصل أبداً إلى إنجازها بالكامل، لكننا كما يقول القديس بولس نسعى إلى الهدف الذي نرجو بلوغه (في 3: 12، 14).
وذكر البابا بأن المسيح هو “الراعي الصالح” الذي يبذل حياته من أجل خرافه. “للاقتداء بالرب في هذه المسألة أيضاً، يجب أن يصبح قلبكم ناضجاً في الإكليريكية، وأن تكونوا بالكامل منفتحين على المعلم”. وأضاف البابا: “هذا الانفتاح الذي يشكل هبة من الروح القدس يلهم قرار عيش التبتل لصالح ملكوت السماوات، التجرد عن خيرات الأرض، زهد العيش، والطاعة الصادقة من دون رياء”.
هنا، شدد بندكتس السادس عشر قائلاً: “اسألوه إذاً أن يمنحكم نعمة الاقتداء به في محبته للجميع، دون نبذ المهمشين والخطأة، بحيث يهتدون بمساعدتكم ويعودون إلى الطريق القويمة”. وتمنى البابا أن يكونوا قريبين من “المرضى والفقراء”. ووجه إليهم الدعوة التالية: “واجهوا هذا التحدي من دون جزع أو ازدراء”.
وأردف قائلاً: “بالاستناد إلى محبته، لا تخافوا من بيئة تدعي استبعاد الله، وتشكل فيها السلطة والثروة والملذات المعايير الأساسية التي تتحكم بالوجود”. وحذر: “من الممكن أن يزدرى بكم”، لكن حياتكم “المتجذرة بعمق في المسيح (…) ستجذب بقوة الباحثين فعلياً عن الله، الحق والعدالة”.
كذلك، دعا البابا الإكليريكيين إلى الفطنة: “افتحوا قلوبكم لنور الرب لتروا إن كانت هذه الدرب التي تتطلب الشجاعة والأصالة هي دربكم، ولا تتقدموا نحو الكهنوت إلا إذا كنتم مقتنعين بأن الله يدعوكم لتكونوا خدامه، وعازمين تماماً على ممارسة هذه الخدمة في الطاعة لأحكام الكنيسة”.
ختاماً، قال: “بهذه الثقة، تعلموا منه هو الذي يصف نفسه بالوديع والمتواضع القلب، بالتخلي لذلك عن كل رغبة بشرية، بحيث لا تسعون إلى مصلحتكم الخاصة بل تنمون إخوتكم بأسلوب عيشكم، كما فعل القديس يوحنا الأفيلي”.