بقلم روبير شعيب
دبلن، الثلاثاء 12 يونيو 2012 (ZENIT.org). – ألقى الكاردينال أندريه فانتروا، رئيس أساقفة باريس عظة يوم الثلاثاء 12 يونيو 2012 في معرض الاحتفال بالمؤتمر الافخارستي العالمي في دبلن. تحدث الكاردينال في عظته عن أهمية القداس الإلهي في حياة المؤمنين وعن ضرورة عيش الكنيسة للإنجيل إذا ما أرادت أن تنال الاحترام الذي يريده المسيحيون من العالم.
تساءل الكاردينال في مطلع عظته: “ما هي طبيعة النور الذي يجب علينا نحن المسيحيين حوله في وسط إخوتنا البشر؟” وأجاب: “هذا النور هو المسيح”. وشرح أن يسوع قد علمنا ألا نفقد ما يشكل عنصرنا المميِّز. نعرف أن الملح يعطي الطعام نكهته، وإذا فقد الملح هذه الطبيعة المميزة يفقد معنى وجوده. وجودنا في العالم ليس لكي يكون حاشية في الوجود الأرضي، بل لكي نحمل إليه ذلك الأمر الذي يؤدي إلى تحول.
ملح الأرض
تعليقًا على كلمة يسوع بشأن تلاميذه “أنتم ملح الأرض”، قال الكاردينال: “كما الملح في الأطعمة كذلك على تلاميذ المسيح أن يعطوا لأمور هذا العالم نكهتها”. وعليه، إذا نسينا كمسيحيين ذاك الذي يرسلنا إلى العالم وطبيعة دعوتنا، وإذا ما غصنا في روح العالم دون أن نظهر خاصيتنا المسيحية، يضحي وجودها في العالم باطلاً.
ودعا فانتروا إلى فحص ضمير بشأن الطرق التي يتعامل فيها البشر مع المسيحيين، وخصوصًا أسباب التعامل السلبي مع المسيحيين: “نتذمر غالبًا لأن المسيحية لا تُحترم دومًا في مجتمعنا. ونستنكر أن المسيحيين يتعرضون للسخرية والاضطهاد، وأن شعائر المسيحية تتعرض غالبًا للتهكم والتهجم. ولكن، إذا كُنا “نُلقى خارجًا” (مت 5، 13)، هل ذلك ببساطة لأن الآخرين لا يريدوننا؟ أوليس ذلك أيضًا لأنهم لا يرون بوضوح معنى وجودنا؟ فلماذا ينبغي الاعتراف بموضع تلاميذ المسيح إذا كانوا لا يضيفون شيئًا على هذا الوجود؟”.
ثم أضاف متساءلاً: “كيف يمكننا أن نكون شهودًا لجدة ولرجاء المسيح القائم من الموت إذا تجاهلنا الرجوع لمنهل شراكتنا؟”.
شيفرة يسوع الجينية
وعليه حض فانتروا الكنيسة إلى الرجوع إلى الخبرة المقربة لقيامة المسيح التي نحتفل بها في سر الافخارستيا، وبشكل خاص افخارستيا (قداس) الأحد مصرحًا أنه “بمعزل عن هذا الاحتفال تفتقر الحياة المسيحية بطريقة حتمية”.
إن المسيح، في بساطةِ وحتى في فقرِ كل قداس إلهي، يجمع شعبه ويغذيه، يقويه ويطبع فيه “شيفتره الجينية”.
ثم تحدث الكاردينال عن دور العائلات الكاثوليكية التي يتوجب عليها تقديم شهادة حياتها المسيحية من خلال صيرورتها ملحًا ونورًا في المجتمع.
وصرح أنه يتوجب على العائلات المسيحية أن تقدم شهادة الوحدة والرباط الوثيق بين الرجل والمرأة التي تشهد بدورها لوحدة شعب الله في الكنيسة.
نور العالم
ثم انتقل رئيس أساقفة باريس إلى الحديث عن الوصف الثاني الذي يطبقه يسوع على تلاميذه أي “أنتم نور العالم”. وتعليقًا على آيات القديس متى: “أنتم نور العالم. لا تخفى مدينة قائمة على جبل، ولا يوقد سراج ويوضع تحت المكيال، بل على المنارة، فيضيء لجميع الذين في البيت. هكذا فليضئ نوركم للناس، ليروا أعمالكم الصالحة، فيمجدوا أباكم الذي في السموات”، قال: “إن طبيعة أعمالنا الصالحة هي التي تحول حياتنا إلى نور”.
ومن هذا المنطلق اعتبر أن أعمالنا لا تنير العالم فقط من خلال حضورنا القوي في وسائل الإعلام، بل من عيشنا كتلاميذ حقيقيين ليسوع المسيح. وإذا لم نقم بما علمنا إياه المسيح فسيبقى نورنا خفيًا.
وبالعودة إلى الإطار العائلي، لفت الكاردينال إلى ضرورة العمل للدفاع عن قيم العائلة، إلا أنه شدد على أن الواجب الأول ليس الدفاع عن هذه القيم بل عيشها.
وختم بالقول: “من خلال مساعدة المسيحيين على عيش الأمانة بل رجوع، الانفتاح على الحياة، ومرافقة المسنين والضعفاء والانفتاح على المعزولين تستطيع الكنيسة أن تنال الاحترام وإصغاء العالم”.