تابع الأب الأقدس يقول علينا أن نتذكر قبل كل شيء أن الصلاة هي العلاقة الحية لأبناء الله مع أبيهم الكلي الصلاح ومع ابنه يسوع المسيح ومع الروح القدس. لذا فحياة الصلاة تكمن في المثول في حضرة الله وبالعيش في علاقة معه. في الواقع، بالمسيح فقط يمكننا أن نحاور الله الآب كأبناء، وبالاتحاد مع الابن يمكننا أن ندعوه “أبّا”، فبالشركة مع المسيح فقط يمكننا أن نعرف الله كأب حقيقي (متى 11، 27). ولذلك فالصلاة المسيحية تكمن في النظر الدائم وبطريقة متجددة إلى المسيح، بالتكلّم معه والإصغاء له وبالعمل والتألم معه. وعلينا ألا ننسى أن المسيح نكتشفه ونتعرف عليه كشخص حي في الكنيسة التي هي جسده. وهكذا بالمشاركة في الليتورجية تصبح لغة الكنيسة الأم لغتنا، نتكلم بها ولها.
تابع الأب الأقدس يقول كيف أتعلَّم الصلاة وكيف أنمو في صلاتي؟ بالنظر إلى النموذج الذي علمنا إياه يسوع، صلاة الأبانا. الجواب واضح: أتعلم الصلاة وأغذيها بالتوجه إلى الله كأب، ومصليا مع الآخرين ومع الكنيسة، إذ أنه لا يمكن أن نصلي بشكل فردي أناني. وأضاف: في الصلاة الليتورجية، ولاسيما الافخارستيا، لا نصلي كأفراد بل ندخل في “نحن” الكنيسة التي تصلي.
نقرأ في كتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية “في ليتورجية العهد الجديد، كل عمل ليتورجي، لاسيما الافخارستيا والأسرار، هو لقاء بين المسيح والكنيسة”. فالليتورجية تعني شمولية، وعلى الجميع أن يدرك طابع الشمولية هذا. فالليتورجية المسيحية هي عبادة المسيح القائم من الموت، الذي فتح يديه على الصليب ليجذب الجميع لحب الله الأبدي. لذا من الأهمية بمكان أن يشعر كل مسيحي بانتمائه إلى هذا الـ “نحن” الشامل، الذي يعطي الأساس والملجأ للـ”أنا” في جسد المسيح أي الكنيسة.
تابع البابا يقول: فالليتورجية إذا ليست ذكرى أحداث ماضية، بل هي الحضور الحي لسر المسيح الفصحي. ففي كل احتفال ليتورجي، يشارك مع الكنيسة كلها، السماء والأرض، الله والبشر، الليتورجية المسيحية، رغم الاحتفال بها في زمان ومكان ملموسين، هي بطبيعتها جامعة، في اتحاد مع الحبر الأعظم والأساقفة والمؤمنين من كل زمان ومكان، وكلما كان الاحتفال مُنعَشا بهذا الإدراك، يتحقق من خلاله المعنى الحقيقي لليتورجية.
ختم الأب الأقدس تعليمه الأسبوعي بالقول أصدقائي الأعزاء، إن الكنيسة تظهر بأشكال متعددة: من خلال أعمال المحبة، مشاريع الرسالة، وبالرسالة الشخصية التي يقوم بها كل مسيحي في بيئته. ولكن المكان الذي تظهر فيه بكليتها هو الليتورجية: فهي الفعل الذي من خلاله نؤمن أن الله يدخل في واقعنا وحيث يمكننا أن نلتقيه ونلمسه. فلنطلب من الله أن نتعلم يوميا أن نعيش الاحتفالات الليتورجية وخصوصا الافخارستيا، مصلين بـ “نحن” الكنيسة التي توجه نظرها نحو الله.
بعدها حيا الأب الأقدس الحاضرين بلغات عديدة ووجه نداء قال فيه: أزور غدا مزار لوريتو في الذكرى الخمسين للحج الشهير الذي قام به الطوباوي البابا يوحنا الثالث والعشرون قبل أسبوع من افتتاح المجمع الفاتيكاني الثاني. أطلب منكم أن تتحدوا معي في الصلاة لنكل إلى أم الله الحدثين الكنسيين الأساسيين الذين نستعد لعيشهما: سنة الإيمان وسينودس الأساقفة حول البشارة الجديدة. فلترافق العذراء القديسة الكنيسة في رسالتها في إعلان الإنجيل لرجال ونساء زمننا.