حاورته آن كوريان
روما، الاثنين 15 أكتوبر 2012 (ZENIT.org).- إنّ القديسة هيلديغارد دي بنغن (1179- 1098) هي “امرأة معاصرة” إذ تدعو إلى “الاهتمام الحقيقي بالعالم الذي نعيش فيه وإلى الوعي فيما يخصّ كرامتنا والمهمّة المناطة بنا في هذا العالم”، هذا ما قاله الأب دومولان.
إنّ الأب بيار دومولان المتواجد في أبرشية موناكو هو رئيس معهد تبليسي لللاهوت في جورجيا وقد درس منذ 15 سنة عن فكر القديسة الألمانية وهي ملفان جديدة. هو من كتب “هيلدغارد دي بنغن، نبية وملفان في الألفية الثالثة” الذي نشر في طبعات الBeatitudes وقد تحدّث عن صورة “هذه المرأة العبقرية” مع وكالة زينيت.
بحسب ما قاله الأب دومولان، فإنّ القديسة هيلدغارد “تمنح النساء على طول العصور دلالة على الحياة” لأنّها “تتصرّف بأنوثة وهي لا تتنافس مع الرجل إنّما تكمّله”.
بالنسبة للأب دومولان، هي بمثابة “نذيرة في عدّة حقول وليس فقط في حقل الطب وعلم الكون”. ومن خلال علم الإنسان، تعترف القديسة هيلدغارد للإنسان من جديد “بكرامته” مؤكدةً على “عظمته فهو يملأ الكون لأنّه الوحيد المدرك”.
زينيت- أيّ نوع من النساء كانت هيلدغارد برأيك؟
الأب بيار دومولان – هيلدغارد هي امرأة عبقرية وقوية في ضعفها لأنّها تستوحي على الدوام من الروح الإلهي. وهي تقول بأنّها “ريشة صغيرة تحملها الرياح الإلهية”. هي تتأمّل وتصلّي وتصغي ومن ثمّ تتصرّف وتصرّف الروح فيها يجعل منها امرأة عظيمة. لا تخلط نفسها مع الرسالة التي تحملها فهي نبية أي أنّها تحمل هذه الرسالة التي تتغلغل فيها وتتخطاها.
ولكن من الجدير بالذكر أنّ هيلدغارد واقعية، فهي سيدة قادرة في تدبير جماعتها سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي. إنّها معلّمة رائعة وفي الوقت نفسه هي امرأة أعمال بارعة مثلما ستكون تيريزا دي أفيلا لاحقاً. يعود كلّ ذلك إلى طاعتها لعمل الروح القدس الذي لا يعمل عن طريقها فحسب إنّما فيها أيضاً. إنّها تترك نفسها تنقاد بالرؤى وبالنور الذي يسكنها وهي تملك بالتالي شيئاً معاصراً لأنّها تنظر إلى كلّ ما يحيط بها بنور متجدد ومسلّط نحو المستقبل. إنّها نذيرة في عدّة حقول وليس فقط في حقل الطب وعلم الكون.
كيف استطاعت امرأة في مثل هذا العصر أن تؤثّر إلى هذا الحد؟ كيف يمكنك أن تشرح هذا التألّق؟
أظنّ أن نظرتنا عن دور المرأة في القرن ال12 كانت خاطئة. فحتى ولو كان دور المرأة أقل من دور الرجل في التدبير، إلّا أنّ ذلك لا يمنع أن يكون للمرأة تأثيراً أساسياً على المجتمع في وقتها وهيلدغارد هي مثال على ذلك وليست منفردة فكم من الملكات في ذاك العصر قد قدن الدول!
بالإضافة إلى ذلك، فكونها امرأة يمنحها حرية أكبر للتدخل إلى جانب ذوي النفوذ وهذه استقلالية لا يتمتّع لها الرجال ففي ذاك العصر كانوا يحترمون المرأة وكان هناك نوعاً من “المجاملة” للمرأة يصعب تصوّره اليوم.
أجرؤ على القول أنّ المجتمع الحالي ذكوري أكثر ممّا كان عليه في القرن الـ12 كما أنّ “المساواة” التي نريد تحقيقها أينما كان هي مصطنعة فهي تحفّز دولة “تنافس” لا تكامل… توجّهت هيلغارد إلى الحشود وأصغت إلى الفرق الاجتماعية جميعها مثلما فعلت كاثرينا دي سيينا بعدها. ألقت محاضرات على البابوات والأباطرة والملوك. إنّ العمق الروحي عند هذه المرأة المتدينة لم يكن موضع تساؤل آنذاك! تبيّن لنا هيلدغارد أنّ المرأة كانت ناشطة في مختلف المجالات كالموسيقى والمنمنمات والمخطوطات والصيدلة والهندسة المعمارية وعلم الكون واللاهوت… تحتلّ مع راهباتها مستوى ثقافياً واقعياً لم نعتد عليه في ذاك العصر وخصوصاً في الأديرة.
أمّا في الحديث عن تألّق هيلدغارد وتميّزها، فيعود إلى قدرة حياتها الروحية التي منحتها الاحترام أكثر فأكثر ومنحتها سمعة معروفة دفعتها إلى المضي في الشوارع والمدن الألمانية لإصلاح الكنيسة في عصرها في كلّ مرّة خرجت من الدير. كانت تتحدّث بصراحة عن إساءات رجال الدين والشعب كان يدعمها.
* * *
سننشر القسم الثاني من المقابلة يوم غد الثلاثاء 16 أكتوبر 2012