1. تداول الآباء في مشاركتهم الأسبوع الفائت في المؤتمر الثاني لمجلس بطاركة الشرق الكاثوليك وأساقفته، وفي الدورة السادسة والأربعين لمجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان. وهم يدعون أبناءَهم وبناتِهم إلى تقبّل المقرّرات والتوصيات التي صدرت عنهما، بغيةَ تطبيق الإرشاد الرسولي "الكنيسة في الشرق الأوسط – شركة وشهادة"، ووضعِ خطّة لعيش سنة الإيمان في أبرشياتهم ورهبانياتهم.
كما يجدّدون تعازيهم لكنيسة الروم الأرثوذكس الأنطاكية بغياب المثلّث الرحمات البطريرك اغناطيوس الرابع هزيم. ويشاركون أبناءها الصلاة كي يُلهمَ الروح رعاتَها في اختيار خلف له يقود الكنيسة في هذه المرحلة العصيبة التي تمرّ بها المنطقة.
2. يعتبر الآباء أنَّ فصلَ الأزمة السياسية القائمة في البلاد عن سيرِ المؤسّسات الدستورية هو أمرٌ واجب، وخصوصًا المجلس النيابي، ذلك أن لبنان يقف أمام استحقاقات تحتاج إلى تشريع، أهمُّها قانونٌ جديد للإنتخابات، وأمام حاجة ملّحة لتطوير في التشريعات، على أن تتألّف حكومة جديدة تشرف على الانتخابات المقبلة. وكلُّ ذلك لا يكون من دون نقاش تحت القبّة البرلمانيّة، لأنّه كلَّما ابتعد اللبنانيون عن نقاش قضاياهم تحت قبّة البرلمان ازداد خطر التوتّر في الشارع.
3. إنّ الحديث عن تعثّرٍ في التوصل إلى قانون جديد للإنتخاب، أو عن تأجيلٍ للمهلِ الدستورية، يثير توجّس الآباء. فمن أهمّ صفات الدولة الديمقراطية تجديد السلطة التشريعية، والإلتزام بالمهل التي يفرضها الدستور، وهذه علامة لاستقرار النظام السياسي. إنّ قانون الانتخاب يقتضي أن يتمكّن المواطنون، على تنوّع انتماءاتهم الدينية، من انتخاب ممثّليهم الفعليين تحت قبّة البرلمان باحترام القاعدة التي أرساها الدستور في مقدِّمته بأنّ لبنان: "واحدٌ أرضاً وشعباً ومؤسسات" وأنّ "لا شرعيةَ لأيِّ سلطةٍ تناقض ميثاق العيش المشترك".
4. تناول الآباء الوضع الاقتصادي والمعيشي، وخصوصًا حقوق العمال والموظفين والمطالب النقابية، وتقديرات الهيئات الاقتصادية، بالإضافة إلى الفضائح المتكرّرة في مواضيع الأمن الغذائي والصحي، وقضايا الفساد المستشري والرشوة، وهدر المال العام. وهم يناشدون السلطة السياسية الإسراع في اتخاذ خطوات إصلاحيّة لتعزيز الإنتاجية والنموِّ الاقتصادي والإنفاق في الاستثمار المُجدي، والحدِّ من الفساد والإهدار واستباحةِ القوانين، والمحافظة على الاستقرار الضريبي، وتوفير الأجواء الملائمة لاستقطاب السياحة والاستثمارات. وهذه مقتضياتٌ أساسيّة لحلّ الأزمة المعيشية والأجور والرواتب، بحيث لا تفقد قيمتها بسبب التضخّم، ولا يحصل التورّط بالإنفاق غير المدروس، والانزلاق نحو العجز والانكماش وتزايد البطالة وارتفاع الدَّين العام.
5. توقّف الأباء على الوضع الأمني في البلاد وهاجس التهديد بالاغتيالات، واتّساع انتشارِ السلاح، وظاهرة المربّعات الأمنية، وأحداث طرابلس الدامية، وهذا ما يُظهر خروجًا صريحًا عن منطق الدولة، وكأنَّ أطرافًا لبنانيّة لم تتّعظْ من التجاربِ الماضية فبدت تستسهلُ الانزلاق إلى حالِ ما قبل الدولة، بدل التمسك بالقانون. لذا يذكّر الآباء السلطة السياسية بأنّ الأمن بالتراضي أو بالتفاوض يضرب هيبة الدولة. وإذ يثمّنون عالياً الدور الذي يقوم به الجيش اللبناني، وسائرُ القوى الأمنية، وتضحياتهِما، يُهيبون بالمسؤولين منحَهم غطاءً سياسياً كاملاً، كي يعالجوا المسألة الأمنية بالحزم اللازم، بدون مراعاة أي طرفٍ أو ظرفٍ شاذٍّ خارج على القانون.
6. يناشد الآباء المسؤولين السياسيين العمل "ببيان بعبدا" الداعي إلى تحييد لبنان عن الدخول في المحاور الإقليمية وتطبيق سياسة "النأي بالنفس" فعليّاً وعملياً، ليتمكّن من القيام بما له من دور في تعزيز السلام والعدالة والاستقرار في المنطقة بحكم ميثاقه الوطني وخصوصيّتِه. وفي المناسبة يقدّر الآباءُ ما تقوم به العائلات والمؤسسات التربوية والاستشفائية، المدنيّة والكنسيّة، وكاريتاس لبنان وسواها من المنظّماتِ الخيريّة، في استقبال النازحين السوريِّين وتقديم المساعدات المتنوّعة لهم.
7. يحتفل العالم قريبا بعيد ميلاد السيد المسيح بالجسد وبإطلالة سنة جديدة، فيما ترزح المنطقة التي ولد فيها تحت دوامة الحروب والإقتتال والدمار. وإذ يدعو الآباء أبناءهم الى الإستعداد لهذين العيدَين بالصلاة والتقشف والتوبة، وبمدّ يد المساعدة للمحتاجين، فإنّهم يتمنَّون لهم ولجميع اللّبنانيين أعياداً مباركة، سائلين "ربَّ السلام" أن يُحلّ السلامَ الحقيقي في وطننا وفي منطقة الشّرق الأوسط والعالم.