الكاردينال توران: ميزانيّة الحوار بين الأديان لعام 2012

حوار من أجل الخير العامّ

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

أشار الكاردينال جان لويس توران، رئيس المجلس الحبريّ للحوار بين الأديان، في مقابلة نشرتها صحيفة الأوسيرفاتوري رومانو الفاتيكانية، إلى أن رحلة البابا بندكتس السادس عشر إلى لبنان كانت أهمّ حدث لعام 2012.

بالنسبة للكاردينال الفرنسيّ، فإن المسألة التي احتلّت المركز الأول في عمل وزارته، هي “الحوار مع الإسلام”. فقال: “للأسف الشديد، إن بعض الأقليات الضّالة، والتي تستغلّ الدين من أجل استخدام العنف، وتسعى لفرض الشريعة الإسلاميّة على الجميع دون استثناء، حتى بالعنف، تشكّل خطراً كبيراً على المجتمع، والعالم بأكمله، وتجعل الحوار بين الأديان مستعصياً. يكفي التفكير بوضع مصير الجماعات المسيحيّة في دولتين مثل باكستان أو نيجيريا. لا شيء ولا أحد يبرر تجاوزات كهذه. للأسف، إن وزن الأصوليّة يكاد يجعل الحجم الدينيّ والروحيّ للإسلام طيّ النسيان”.

الرحلة “غير العاديّة” إلى لبنان

في إشارة إلى رحلة بندكتس السادس عشر إلى لبنان (من 14 إلى 16 سبتمبر 2012)، لم يتردّد الكاردينال عن القول: “لقد كانت بلا شكّ حدثًا غير اعتياديّ. إنشاء جوّ وديّ، قام بتعزيزه رجال الدين المسلمين في البلاد، قد سمح للبابا بإعادة التأكيد على التزام الكنيسة الكاثوليكيّة بمواصلة الحوار القائم على الإحترام الكامل. بالإضافة إلى الحدث الاستثنائي والمدهش، وهو اعتراف محاوريه المسلمين بأن المسيحيّين في الشرق الأوسط، وبالأخص في لبنان هم مصدر غنى”.

ثم أكّد على أسلوب بندكتس السادس عشر في الحوار: “تشكّل تعاليم بندكتس السادس عشر منارة لنا. إذ أنه، على سبيل المثال، خلال جلسة 21 ديسمبر في المحكمة الرومانيّة، تحدّث في خطابه عن العلاقة بين الحوار والحقيقة، وبين البشرى والارتداد”.

تحدّث الكاردينال توران عن حدث آخر مهمّ في المجال ذاته: “من بين الأحداث المهمّة التي حصلت في الأشهر الماضية، لا يمكن أن نتغاضى عن المركز الدوليّ للحوار بين الأديان والثقافات للملك عبد الله بن عبد العزيز، الذي تمّ افتتاحه في فيينّا، في 26 نوفمبر الماضي. إنه مركز رغبت به ومولته المملكة العربيّة السعوديّة، وهو عبارة عن مؤسسة دولية غير حكوميّة- أسستها المملكة العربيّة السعوديّة بالتعاون مع النمسا واسبانيا- وحيث أن الكرسي الرسولي مشارك بصفته المراقب الأساسيّ”.

تابع الكاردينال توران مؤكداً على أن: “هذه المنظمة تشكل قناة جيّدة للحوار، ونحن نأمل بأن تتمكن من تعزيز التفاهم المتبادل بين المؤمنين،  ولكنها أيضاً مناسبة بالحالات التي لا يتمّ بها احترام وحماية  حريّة الرأي والدين”.

حوار من أجل المصلحة العامّة

أمّا بما يتعلّق بزياراته الخاصّة، قال الكاردينال توران بأن زيارة نيجيريا “ذات أهميّة خاصّة” (23-31 مارس2012). فقد قال:”تمكنت من الاستنتاج بأن النيجيريين يريدون البقاء معاً، رغم الاختلافات بين الشمال والجنوب. إنني أحتفظ بذكريات حول مدرسة تقنيّة، موجودة في منطقة أغلبيتها إسلام، مديرها كاهن كاثوليكيّ، وهي تستقبل حواليّ الثلاثين شابًا يعملون في الخشب. إن العلاقة بينهم كانت لي بمثابة دليل عن مدى أهميّة الحوار بين الأديان وكم أنه بنّاء للجميع. ويظهر هؤلاء الشباب أنه رغم الوضع الراهن يمكن العيش والعمل معاً!”.

وأضاف الكاردينال: “للأسف الشديد، لقد شاهدنا مواقف غير مشجّعة. أفكّر بمصر، على سبيل المثال، كيف أنها بلاد بتغيّر كامل. ولقد انقطع هذا العام الحوار مع الأزهر بسبب قرار شركائنا المسلمين. وبما يتعلّق بنا، سنظلّ على قولنا بأن أبوابنا مشرّعة للحوار الصريح والمحترم”.

أمّا لتحديد هاتين الصفتين، قال: “يجب أن نضع أمام أعيننا البعد الروحي لكل ديانة. ومن المهمّ ألا نسمح للجوانب الإجتماعيّة أو السياسيّة بأن تنسينا هذا البعد. إني أدرك بأن العديد من الكاثوليك، رغم رغبتهم بالحوار مع المؤمنين الآخرين، يفقدون شجاعتهم أمام ما يحيط بهم. من الصعب، على سبيل المثال، نسيان أنه خلال كل خمسة دقائق  يتمّ قتل مسيحيّ بسبب ايمانه. يجب رفض أعمال وحشيّة كهذه. إن حالات كهذه قد تدفع بالمؤمنين للتعمّق بمعتقداتهم الخاصة وشهاداتهم، في وسط عنف كبير، ولكي تعزّز جميع الأديان الأخوّة. بهذا المعنى إن الأديان هي موارد للمصالح المشتركة”.

برنامج سنة الإيمان

هذا ما يشجّع الحوار الذي تلتزم  به الكنيسة: “الكنيسة الكاثوليكيّة، من ناحيتها، تبقى ناشطة في حوارها مع الأديان، مع الإسلام ومع الديانات الشرقيّة والتقليديّة”.

وأخيراً، أشار الكاردينال توران بأن الحوار بين الأديان يشكل جزءًا من أعمال سنة الإيمان: “خلال سنة الإيمان هذه سنلتزم بتنشيط إيماننا المسيحيّ، من خلال التعرّف بشكل أفضل على مضمونه وأن نقترح بالكلام وبالفعل، رسالة يسوع المسيح. وبما أننا في بداية عام جديد، أي بلحظات التمنّي، أعيد كلام البابا المقتبس عن كلام المسيح: “تعالوا وسوف ترون!”. نصلي للمسيح حتى تكون الكنيسة رغم الفقر شبيهة ببيته. ونصلي حتى نتمكن من القول دائماً باقتناع “نحن نملك ما ينتظره العالم أجمع، يسوع المسيح، ابن الله الحقيقيّ والرجل الحقيقيّ”.”.   

نقلته إلى العربيّة ماري يعقوب.

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير