أيها الأبناء الاحباء ،
نحن على ابواب الانتخابات النيابية للمجلس التشريعي النيابي السابع عشر في مملكتنا الأردنية الهاشمية. ويسرّنا بدايةً أن نوجّه الشكر الى جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم الذي يهيب بالمواطن الأردني الى ممارسة حقّه الدستوري في المشاركة في الانتخابات النيابية. وكلّنا فخرٌ بما قاله جلالته في استقبال قداسة البابا بندكتس السادس عشر ، في أيار 2009 : “إن أبناء شعبنا، مسلمين ومسيحيين، هم مواطنون متساوون أمام القانون، يشاركون جميعاً في بناء مستقبل بلدهم”.
إن الانتخابات النيابية فرصة ذهبية يستطيع فيها المواطن الاردني أن يمارس حقه وواجبه في هذا الوطن الحبيب الذي يعيش فينا، إذ أنه بعد عبادة الله الواحد، يبقى الاردن أولا، وتبقى مصلحة الوطن هي الأساس، وفوق كل مصلحة فردية أو مأرب فئوي .
طلب السيد المسيح من أتباعه أن يكونوا في العالم، لا خارجًا عنه، وطلب منهم أن يكونوا فيه ملحًا ونورًا وخميرة. وتشكّل هذه الآيات وغيرُها أساسًا لاشتراك كل مواطن أردني في تشييد وطنه وفي بناء مستقبله. فلا تناقض بين العبادة لله والانتماء للوطن.
وفي الانتخابات النيابية، علينا أن ننتخب الذين نراهم الأفضل أمام ضمائرنا وأمام الله، لكي يكون البرلمان القادم قادرًا على تحمل مسؤولياته، لاسيما والمنطقة تعيش متغيّرات جذرية. وعلى الناخبين أن يحكموا ضمائرهم لانتخاب الأجدر والأكثر كفاءة. كما على أخوتنا المرشَّحين المسييحيين أن يعلموا أنّهم يرشّحون أنفسهم ليخدموا الصالح العام وليخدموا إخوتهم قبل أن يخدموا أنفسهم. من هنا عليهم أن يعملوا بروح الانتماء والمسؤولية والمحبة التي يوصي بها السيد المسيح أتباعه والتي هي دستور حياة المسيحي في كلّ زمان ومكان . كما ينبغي تجنّب كلَّ ما من شأنه أن يعيق الانتخابات النزيهة أو يعيق انتخاب المرشحين الاكفاء القادرين على تقديم الخدمة السليمة لمجتمعهم ووطنهم . وما السلطة في الديانة المسيحية الا خدمة، والمسيرة الديمراطية التي خطاها الاردن، بحاجة الى كلّ الكفاءات لتعمل بتناغم وانسجام.
“وأما الكنيسة، فهي أمّ الجميع وكذلك الكهنة الرعاة فهم رعاة للجميع. ولهذا لا يجوز لهم أن يفرّقوا بين الأبناء في إرشادهم في هذا المجال. واجبهم يحتّم عليهم أن يتبنّوا الرؤية المسيحية للخدمة العامة والعمل السياسي. ويجب أن يبقوا هم بصورة خاصّة، رسل الكنيسة وعوامل وحدة بين المؤمنين وباقي المواطنين. وليمارسوا حقهم الإنتخابي وليتصرّفوا هم أيضًا في إدلاء صوتهم بموجب ما يمليه عليهم الضمير والواجب” (من رسالة البطريرك ميشيل صبّاح بمناسبة الإنتخابات البرلمانية عام 1993).
جاء في وثيقة العمل الاساسية لسينودس الكنيسة الكاثوليكية في الشرق الاوسط الذي عُقد في الفترة ما بين العاشر والرابع والعشرين من تشرين الاول لعام 2010: ” للمسيحي إسهام نوعيّ لا غنى عنه في المجتمع الذي يعيش فيه، ليثريه بقيم الانجيل، فهو شاهد للمسيح وللقيم الجديدة التي حملها للبشرية. ولذلك ينبغي على التعليم المسيحي أن يكوّن، في الآن نفسه، مؤمنين ومواطنين، فعّالين في مختلف مجالات المجتمع؛ فالإلتزام السياسي الخالي من القيم الانجيلية شهادةٌ مضادة، ويسبب ضررًا أكثر ما يعمل خيرًا . وفي العديد من النقاط، تتلاقى هذه القيم مع قيم المؤمنين المسلمين، وبالأخص فيما يتعلق بحقوق الانسان، ممّا يثير الاهتمام بالعمل على تنميتها” ( وثيقة العمل الاساسية ، رقم 111).
وإذ نرفع الى الرب ، محب البشر، حارّ الدعاء من “أجل مليكنا المعظم، وكل ذي سلطة كي نقضي حياة وادعة مطمئنة، بكل تقوى وكرامة ” ( تيموتاوس الاولى ، 2:1) ، فإننا نشكر الله تعالى على نعمة الأمن والاستقرار التي ترفل بهما مملكتنا العزيزة، كما نحث المواطنين على المشاركة في الانتخابات المقبلة وأخذها بكل جدية وروح انتماء صادق .
نسال الله أن يديم علينا نعمة الأمن، بقيادة العائلة الهاشمية الكريمة ، وبمساهمة شعبنا المميزة.
بارككم الرب وحفظكم جميعا .
عمان في 10/1/2013
+ البطريرك فؤاد طوال.