استهل الكاردينال ساندري زيارته لمصر بلقاء مع البابا ثيودوروس، بطريرك الإسكندرية للروم الأرثوذكس، يرافقه وفد من الكنيسة الكاثوليكية.
في بداية اللقاء نقل الكاردينال ساندري تحية وتهنئة البابا بندكتوس السادس عشر بمناسبة احتفال الكنائس التي تسير وفق التقويم الشرقي عيد الميلاد المجيد. وأكد البطريرك على أهمية روح المحبة والتعاون الأخوي مع الكنيسة الكاثوليكية والتي يشعر به في كل أنحاء العالم وبالأخص في مصر.
بعد ذلك استقبل كل الإكليروس الكاثوليكي وجميع الرهبان والراهبات بالإسكندرية الكاردينال ساندري في كاتدرائية سانت كاترين بالإسكندرية (مقر النيابة اللاتينية)، حيث تم تبادل التحية والسلام والأحاديث.
وفي المساء احتفل الكاردينال ساندري بالقداس الإلهي، بنفس الكاتدرائية مع المطران عادل ذكي، النائب الرسولي للاتين في الإسكندرية، والمطران جورج بكر، النائب البطريركي للروم الملكيين الكاثوليك في مصر والسودان، والأب كمال وليم الخادم الإقليمي للرهبان الفرنسيسكان، وعدداً من الكهنة والرهبان والراهبات، وحشد من المؤمنين.
** الزيارة لكاتدرائية سانت كاترين بالاسكندرية
أهم ما جاء في الكلمة التي ألقاها الكاردينال ساندري خلال القداس الإلهي في كاتدرائية سانت كاترين بالاسكندرية:
“انتم من عند الله” بهذه الكلمات من رسالة القديس يوحنا، أحييكم جميعا، في بداية زيارتي للكنيسة الكاثوليكية بمصر. إن الاحتفالات الليتورجيا بأعياد الميلاد، وبأسرارها المبهجة: من ميلاد وظهور الرب، تجعلنا نشارك فرحة الملائكة والمجوس، وتطهر أنظارنا، فتملئ عيوننا بالإعجاب، الذي اختبره المعمدان عند نهر الأردن. هي نفس الخبرة التي اختبرها المدعوين في عرس قانا، وأيضاً العديد من الجموع التي شبعت بفضل إكثار الخبز. فلنتأمل مجيء الرب وعلامات حضوره في وسطنا. فنور النجمة، وغسل المياه، والخمر المعطي للفرح، والطعام الذي يشبع جُوعنا، كلها علامات تحافظ على شعورنا بقرب الرب: الرب الذي معنا. منه أتينا واليه نسرع، كما يقول لنا الإنجيل: توبة القلب بل وكل الكيان تجعل إيماننا يتقوى ويندفع من جديد.
1 ـ القراءة الأولى تشير إلى المستوى الأول من التوبة وأهميته لنا، كأفراد وكجماعة: “امتحنوا الأرواح، كي تعرفوا هل هي من الله بالفعل”، وتعلموا أن تميزوها من الأرواح الخاطئة، أرواح ضد المسيح، الذي لا تعرف المسيح المتجسد. في سنة الإيمان، طُلب مننا أن ننزع تجربة الاعتراف اللفظي فقط بالله. فلتكن أفكارنا وقلوبنا وأفعالنا مشتركة في هذا الاعتراف. من الممكن أن يكون الرجاء بدء أن يضعف وبطئت المحبة، وازدادت الشكوك، وتركنا أنفسنا نؤخذ من روح العالم. يأتي سر الميلاد فيوجهنا من جديد إلى البهجة والدهشة. أمام هذا السلوك الإنساني، الله وضع نفسه معنا في الطريق. فمحاولة الإنسان لإسكات الله وعزله حتى من أعماق القلب، كما فعل هيردوس بقبضه على يوحنا المعمدان، يجعل المسيح يتدخل بشكل أعمق.
2 ـ المستوى الثاني من التوبة هو أن نضع أنفسنا في طريق الرب مع المسيح، فهو الطريق. أفكر في القديس أثناسيوس الكبير، أسقف الإسكندرية، المدافع عن الإيمان القويم، المعلن في مجمع نيقيا ضد بدعة آريوس. القديس أثناسيوس المكرم في الشرق والغرب. هو لم يكرس حياته كي يدافع عن فكرة، لكنه كان مأثور بحب المسيح الحي، ابن الله، المساوي للأب في الجوهر. من هذا الشخص العظيم في الإيمان، يستشهد البابا بندكتوس فيقول: الكلمة صار إنسانا كي نصبح نحن اله، تحمل هو عنف البشر، كي نرث نحن عدم الفساد. فبقيامة الرب، بالفعل، جعل الموت يختفي “كقشة وسط النار”.
أيها الأعزاء، لم تنقص أبدا الآلام والمحن التي واجهت المسيحيين في مصر والشرق عامة، أيضا الانقسامات الداخلية والخارجية، كما ان الحوار في أوقات كثيرة كان غير سهل، لكنه استمر وتجدد. نستطيع القول أن الحلم المسيحي للسلام والخلاص لم يتوقف أبداً. البابا بندكتوس يؤكد أن النقطة الأساسية في فكر أثناسيوس هو أن الله يمكن الوصول إليه. الله جعل من نفسه مثيل لنا كي نصبح نحن مثله. لذا أيها الإخوة الأعزاء، لا تنسوا إنكم من عند الله، من لدنه. فإن ندافع عن حقيقة يسوع المسيح، كما فعل أثناسيوس، هو واجب للدفاع عن كرامة الإنسان، المخلوق على صورة ومثال الخالق.
في هذا الوقت الصعب التي تمر به مصر، أوصيكم بهذا الكلمات من الإرشاد الرسولي، “الكنيسة في الشرق الأوسط”: “من واجب وحَقِّ الكاثوليك في الشَّرق الأوسط.. أن يتمتَّعوا بمواطنة كاملة، لا أن يُعاملوا كمواطنين أو مؤمنين من درجة ثانية.. إنَّ المسيحيِّين، بفضل يسوع، هم حسَّاسون تجاه كرامة الشَّخص البشريّ والحُرِّيّة الدِّينيِّة النَّاجمة عنها. فلتساعدنا العذراء مريم، أم الله، التي في مصر وجدت ملجئ لابنها مع يوسف، وتصطحبنا بشفاعتها المليئة بحنان الله. آمين.