تابع الأب الأقدس يقول أود اليوم أن أتوقف عند عبارة “إظهار وجه الله”. يخبرنا القديس يوحنا في إنجيله أنه مع اقتراب آلامه طمأن يسوع تلاميذه داعيا إياهم لألا تضطرب قلوبهم وليتحلوا بالإيمان، وأخذ يحدثهم عن الله الآب، فقال له فيلبُّس: “أرنا الآب وحسبنا” (يوحنا 14، 8)، فيدخلنا جواب يسوع في قلب إيمان الكنيسة الكريستولوجي، إذ يؤكد: “من رآني رأى الآب” (يوحنا 14، 9) وفي هذه العبارة نجد بشكل ملخص جدّة العهد الجديد.
أضاف البابا يقول مع بداية العام، في الأول من كانون الثاني يناير سمعنا في الليتورجية صلاة البركة: “يُبارِكُكَ الرَّبُّ ويَحفَظُكَ. يُضيءُ الرَّبُّ بِوَجهِهِ عَلَيكَ ويَرحَمُكَ. يَرْفَعُ الرَّبُّ وَجهَهُ نَحوَك، وَيَمنَحُكَ السَّلام.” (عدد 6، 24- 26) فضياء الوجه الإلهي هو مصدر الحياة، وما يسمح برؤية الحقيقة، ونور وجهه هو دليل الحياة. يخبرنا سفر الخروج في الفصل الثالث والثلاثين أن موسى كان على علاقة حميمة مع الله: “ويكلم الرب موسى وجها إلى وجه كما يكلّم المرءُ صديقه” (خروج 33، 11)، ولذلك سأل موسى الله: “أرني مجدك” فأجابه الله: “أمرُّ بكل حسني أمامك وأنادي باسم الرب قدامك…أما وجهي فلا تستطيع أن تراه لأنه لا يراني الإنسان ويحيا… هوذا مكان بجانبي…فترى ظهري، وأما وجهي فلا يُرى” (خروج 33، 18- 23).
تابع البابا يقول بالتجسد، حصل أمر جديد، ونال البحث عن وجه الله تحولا كبيراً لأنه أصبح بإمكاننا رؤية هذا الوجه: إنه وجه يسوع، ابن الله الذي صار إنساناً. به تجد كمالها مسيرة الوحي التي بدأها الله بدعوة إبراهيم، هو ملء هذا الوحي لأنه ابن الله و”وسيطُ الوحي بكامِلِه وملؤُهُ” (الدستور العقائدي في الوحي الإلهي عدد2). فيسوع يظهر لنا وجه الله ويعرفنا اسمه، كما يقول في صلاته الكهنوتيّة في العشاء الأخير: “أظهرتُ اسمك للناس الذين وهبتهم لي…عرّفتهم باسمك وسأعرّفهم به” (يوحنا 17، 6. 26).
أضاف البابا: بيسوع تجد الوساطة بين الله والإنسان ملؤها. فيسوع الإله الحق والإنسان الحق، هو وسيط العهد الجديد والأبدي، كما يؤكد القديس بولس: “لأن الله واحد والوسيط بين الله والناس واحد” (اطيم 2، 5) به نرى الآب ونلتقيه، وبه يمكننا أن ندعو الله “أبا أيها الآب”، وبه ننال الخلاص.
وختم الأب الأقدس تعليمه الأسبوعي بالقول إذا أردنا أن نرى وجه الله علينا إتباع المسيح. على كياننا بأكمله أن يكون موجها نحو اللقاء به وحبه، وحب القريب، ذلك الحب الذي، في ضوء المصلوب، يجعلنا نرى وجه يسوع في الفقير والضعيف والمتألّم. وأضاف البابا يقول إن الافخارستيا هي المدرسة الكبيرة التي نتعلّم فيها أن نرى وجه الله، وأن ندخل في علاقة حميمة معه.