البطريرك طوال: إسرائيل أضاعت فرصة تاريخية برفضها مبادرة السلام العربية

إميل أمين يحاور بطريرك القدس لطائفة اللاتين لزينيت (1)

Share this Entry

في الأسابيع القليلة المنصرمة فرض ما جرى في غزه نفسه على ساحة الحوار ،  لاسيما  وان إسرائيل لا تزال ترى أن الآلة العسكرية هي أداتها  الناجعة الوحيدة في تعاطيها مع أهل غزة.

 كيف يرى بطريرك اللاتين الكاثوليك في القدس ، ابن الأرض العربية ، فؤاد الطوال أبعاد المشهد وهل ما يجري هناك بالفعل هو ” سر الإثم ” الذي يعتمل في النفوس  لمواجهة “سر البعث”  أو القيامة المتمثل في السلام .

 يرى البطريك الكاثوليكي العقيدة  الأردني المولد أن إسرائيل ضيعت فرصة تاريخية بإهمالها مبادرة الأمير – وقتها – عبد الله للسلام ،  ويعتقد أن إسرائيل كذلك تضع العراقيل  أمام قيام الدولة الفلسطينية .

 ما هي هموم الفلسطينيين  مسلمين ومسيحيين في الضفة وغزة والقدس المحتلة ؟ وما هي الأخطاء التي لا نزال نرتكبها عربا  ومسلمين بإهمالنا للمؤسسة الكاثوليكية  الأمريكية ذات الثقل الاستراتيجي السياسي والأدبي في واشنطن  ؟ وهل غير الفاتيكان موقفه من القدس بدفع الضرائب عن المنشات الكاثوليكية في الأرض المقدسة ؟

الكثير من  القضايا المثيرة والحساسة نثيرها في هذا الحوار والشكر موصول لغبطة البطريرك على سعة صدره ورحابة فكره  :

* * *

بداية صاحب الغبطة كيف ترون ما جري في غزة مؤخراً وما مآل الصراع هناك في تقديركم؟

ما يجري لا يعبر عن الرغبة في إيجاد حل، بل خلق وضع قائم Status quo في غزة، وبات السؤال الذي يهم الجانب الإسرائيلي هو كيف ندير العنف هناك ونشدد من الحصار، ونعزز حالة السجن الكبير، دون رغبة في البحث عن حلول، وهذه جميعها أمور لن تساعد إسرائيل في العيش بسلام، ومؤخراً كنت في أمريكا اللاتينية وقلت في مداخلة لي عندما سئلت عن غزة، أنها أصبحت “مصنعا” للعنف والأصولية، فالشباب الذي يرغب في العيش بسلام، نحن نجبره أن يأخذ طريق العنف.

على هذا النحو هل تظنون أن طريق السلام يباعد بينه وبين الأرض المقدسة في فلسطين؟

أكثر من مرة في عظاتنا الكنسية قلنا أن السلام عطيه من الله، والإنسان مؤتمن على هذه العطيه، وعندما يكون الإنسان على مستوي العطية، يعمل على خلق السلام وإيجاده، والعكس يعني الفشل.. أنا لا أرى خطوات فعلية لبناء السلام في الأرض المقدسة حتى الآن… خطوات تتيح للأجيال القادمة العيش المشترك.. نعم نلتقي في القدس في تجمعات لرجال دين مسلمين ويهود ومسيحيين في لقاءات جميلة، وابتسامات طيبة، لكن الشارع في حاجة لترجمة حقيقية على الأرض لتلك اللقاءات، لاسيما في الصفوف السياسية لخلق واقع حي سلامي جديد.

الرغبة الفلسطينية في إعلان الدولة الفلسطينية قائمة …. كيف ترون ممارسات إسرائيل لجهة فكرة هذه الدولة؟

ما فعلته إسرائيل حتى الآن جغرافيا على أرض الواقع يجعلنا غير مستعدين لإعلان الدولة، لأنه لا يوجد تواصل جغرافي على الأرض، ناهيك عن عدم وجود نية حقيقية لدي إسرائيل لقبول فكرة قيام هذه الدولة على أرض فلسطينية، أنني أتساءل هل سيقبل سكان المستعمرات الإسرائيلية العيش في ظل تلك الدولة وحمل جواز فلسطيني؟

من خلال تعايشنا وخبرتنا الطويلة نظن أن إسرائيل ستخلق العراقيل لهذه الدولة.

المؤرخ الإسرائيلي “موشيه تسيمرمان” يرى أن قيام دولة فلسطينية أمر يصب في صالح إسرائيل.. ما رأيكم في هذا التصريح؟

أعتقد أن رؤية الرجل كمؤرخ ونظرته للتاريخ تقوده إلي هذا التصريح، لا يوجد احتلال حول الأرض الآن إلا الاحتلال الإسرائيلي للأرض المقدسة الفلسطينية، وقد حان الوقت لأن  نعرف حدود إسرائيل، وحدود الدولة الفلسطينية، تسيمرمان يعني أن مصلحة إسرائيل أن تعيش في سلام عندما تكون هناك دولة فلسطينية مستقلة تقوم بأعباء الشعب الفلسطيني أما التذرع بحجة الأمن، فهذا سيجعل إسرائيل خاسرة دوماً.

هل تعتقدون أن الإسرائيليين يخافون استحقاقات السلام أكثر من خسائر الحروب ؟

هاجس الأمن يجعل إسرائيل خائفة من الماضي والحاضر والمستقبل، وكأنهم يحبون الخوف والحرب أكثر من السلام، السبب في ذلك هو أن السلام يفرض خطوات محددة وواضحة لحل مشاكل الشعب الفلسطيني المعلقة مثل قضايا اللاجئين والقدس والمياه والحدود، وهذه كلها ملفات مزعجة لإسرائيل مع أنه قانونيا العالم كله ينادي بها.. حتى المرجعيات الدينية الكبري كالفاتيكان وتصريحات البابا بندكتوس عندما زار فلسطين والأردن وإسرائيل قال بحتمية وجود دولتين تعيشان في سلام.. أقول دعونا نجرب حل الدولتين، وإذا أخفقنا في التعايش فلتذهب إسرائيل من جديد في طريق الحرب.

في مارس 2002 طرح الملك عبد الله ـ ولي العهد وقتها ـ مبادرة للسلام بين العرب وإسرائيل.. هل ضيعت في تقديركم إسرائيل فرصة تاريخية لن تتكرر ثانية؟

في ذلك الوقت قلنا أن أكثر من هكذا لا يمكن للعرب أن يعطوا أو يتنازلوا، كانت مبادرة ولي العهد وقتها فرصة تاريخية ضيعتها إسرائيل ولا أظن أنه يمكن تعويضها، كان من الممكن الآن إذا كانت إسرائيل قد قبلت المبادرة السعودية أن يكون العلم الإسرائيلي مرفرفا في نحو 30 أو أربعين دولة عربية وإسلامية، المشكلة في تقديري ليست في الأرض، بل في النوايا… لا توجد نوايا صالحة لعقد اجتماعي أو مبادرة تقبلها إسرائيل تقوم على السلام.

سلفكم البطريرك ميشيل صباح صرح مؤخراً بأن ما يجري في غزة يوضح حالة النفاق التى يعيشها المجتمع الدولي ماذا يعني بذلك؟

عالميا السياسة أصبحت مصالح متبادلة بعيدة عن الأخلاقيات و
ليس لديها من الجرأة أن تري الخطأ خطأ والصواب صواب وهذا يتجلي بشكل واضح فيما يخص الفلسطينيين وغزة بنوع خاص.

كثير من وزراء وسفراء ومبعوثي العالم يمرون لزيارتنا في البطريركية في القدس ليأخذوا رأينا في القضية، وفي غزة، لكن مع الأسف لا نجد لديهم الجرأة الكافية لأن يحصحصوا الحق كما يقال.

ماذا عن النفاق الأمريكي بوجه خاص بالنسبة لقضية الشعب الفلسطيني قديما وحديثا؟

منذ فترة زارني في مقر البطريركية أربعة من السيناتورات الأمريكيين وبدأوا بالقول نحن نعمل لصالح إسرائيل ونحب الإسرائيليين.

قلت لهم نحن نهنئكم لأنكم تحبون إسرائيل لأن هذه عندنا في المسيحية الوصية الأول، “أحبب الله وأحبب القريب”، لكن أمنيتي أن توسعوا قلوبكم وتحبوا كل المنطقة العربية والإسلامية من أجل أن يعم السلام.

لكن ـ يضيف البطريرك ـ واجهتهم بحقيقة أن الأم عندما تجد طفلها مدللا ويرتكب حماقات تضر بصحته وسمعته تنهره وتعاقبه أحيانا حتى يعود لرشده، وأنتم في أمريكا خلقتم إسرائيل كـ “ولد مدلل” وليس لديكم جرأة لأن تقوموه.. أن الفيتو الأمريكي جاهز للدفاع عنه في كل وقت.. هل هذه محبة أم خوف أم مصلحة؟

صحيفة هارتس الإسرائيلية أشارت منذ بضعة أسابيع إلى أن غالبية الإسرائيليين سيقبلون بابارتهايد ضد الفلسطينيين مع فشل فكرة الدولة… أليس هذا قمة العنصرية؟

صحيفة هاارتس وكتابها هي المرجع الأهم والأنسب إذا أردت أن ترى حالة الشعب الإسرائيلي وانقساماته في الداخل ولديهم الجرأة لأن يتحدثوا بصراحة.. وحديث الأبارتهيد هذا أشار إليه بعضهم أكثر من مرة عبر المقالات بالقول أن عدو إسرائيل ليس الدول العربية وأنما مواقف إسرائيل السلبية داخل إسرائيل وسياساتها التى لا تعمل لصالح الإسرائيليين أنفسهم على المدى الطويل، وأن ظهرت كذلك في الأجل القصير.

(يتبع)

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير