التواني والنظر إلى الوراء، الخوف والنظر إلى الرب وطلب نعمة الروح القدس، أربع نقاط وأربعة تصرفات ممكنة في الحالات الصعبة توقف عندها الأب الأقدس خلال عظته التي استوحاها من القراءات التي تقدمها لنا الليتورجية اليوم. استهل البابا حديثه انطلاقًا من نص دمار مدينتي سدوم وعمورة الذي نقرؤه في سفر التكوين وقال: التصرف الأول هو "تواني" لوط، الذي عزم على ترك المدينة قبل أن تُدمَّر ولكنه توانى كما نقرأ في النص. طلب منه الملاك أن ينجو بنفسه ولكنه لم يكن قادرًا على الابتعاد عن الشرّ والخطيئة، هكذا نحن أيضًا، تابع البابا فرنسيس يقول، نريد الخروج وهذا قرارنا ولكن هناك ما يمنعنا من التقدم إلى الأمام، على مثال لوط الذي طفق يجادل الملاك.
تابع الأب الأقدس يقول: من الصعب جدًّا أن نبتر كل علاقة تربطنا بالخطيئة، أو أن نتخلّص من التجربة! لكن صوت الله يقول لنا: اُنْجُ بِنَفسِكَ، لا يمكنك أن تصارع هناك، لأن النار والكبريت سيقتلانك. اُنْجُ بِنَفسِكَ! تعلمنا القديسة تريزيا الطفل يسوع أنه أحيانًا وفي بعض التجارب يكون الحل الوحيد بالهرب وعدم الخجل من الهرب، علينا أن نعترف بضعفنا وننجو بأنفسنا. وأضاف لدى شعبنا ببساطة حكمته، مقولة ساخرة تقول: "الجندي الذي ينجو بنفسه، نحتاجه في حرب أخرى"، لذا لننجو بأنفسنا ونسر إلى الأمام في درب يسوع".
أضاف البابا فرنسيس يقول: قال الملاك للوط: "اُنْجُ بِنَفسِكَ، لا تَلتَفِتْ إِلى وَرائِكَ، ولا تَقِفْ في البُقْعَةِ كُلِّها، وتَخَلَّصْ إِلى الجَبَلِ، لِئَلاَّ تَهلِك" لقد أعطاه نصيحة ليتغلب على حنين الخطيئة، تمامًا كشعب إسرائيل في الصحراء الذي بعد أن أقام الله معه عهدًا، بدأ يحن إلى بصل مصر، وهذا الحنين أنساهم أن هذا البصل كانوا يأكلونه على مائدة العبوديّة. تابع البابا يقول: قال له الملاك:" لا تَلتَفِتْ إِلى وَرائِكَ ، سرّ إلى الأمام" نحن أيضًا لا يجب أن ننظر إلى الوراء كامرأة لوط، بل علينا أن نبتر كل حنين يشدّنا إلى الوراء لأن التجربة هي وليدة الفضول أيضًا. وأضاف البابا: أمام الخطيئة علينا أن ننجو بأنفسنا دون أن ننظر إلى الوراء! فالفضول لا يفيدنا بل يضرّنا! اُنْجُ بِنَفسِكَ ولا تنظر إلى الوراء! نحن جميعنا ضعفاء، وعلينا أن ندافع عن أنفسنا.
تابع الأب الأقدس عظته وانتقل للتحدث حول نص الإنجيل الذي تقترحه علينا الليتورجية اليوم، وهو نص تهدئة العاصفة، وقال أما التصرّف الثالث فنراه على متن السفينة: إنه الخوف. فعندما اضطَرَبَ البحر اضْطِرابًا شَديدًا حتى كادَتِ الأَمْواجُ تَغمُرُ السَّفينَة، صرخ التلاميذ: "يا رَبّ، نجِّنا، لَقَد هَلَكنا". الخوف هو أيضًا تجربة من الشيطان: لأننا نخاف من السير إلى الأمام في درب الرب. فنعيش التجربة التي تجعلنا نقول من الأفضل أن أبقى هنا حيث أشعر بأمان، لكن هذا الأمان هو عبوديّة مصر، أخاف من السير إلى الأمام إلى حيث سيقودني الرب، لكن الخوف هو أسوء مرشد، تابع البابا يقول، فيسوع يقول لنا مرارًا: "لا تخافوا!" الخوف لا يساعدنا، علينا أن نطلب نعمة الروح القدس وهذا هو التصرف الرابع. فعندما زَجَرَ يسوع الرَّياحَ والبَحر، حَدَثَ هُدوءٌ تامّ وتَعَجَّبَ النَّاسُ، لذا علينا دائمًا أن نتوجّه إلى الرب أمام الخطيئة والخوف، فالنظر إلى الرب والتأمل به، يمنحانا دهشة لقاء جديد معه، فيمكنني عندها أن أقول له: يا رب إنني أعيش هذه التجربة، وأنا خائف يا رب. تمامًا كالتلاميذ الذين نظروا إلى الرب وصرخوا إليه: "يا رَبّ، نجِّنا، لَقَد هَلَكنا"، فقام يسوع وهدأ العاصفة فدهشوا بلقائه مجدّدًا.
وختم البابا فرنسيس عظته بالقول: لا نكن إذًا مسيحيّين سذّج وفاترين بل مقدامين وشجعان. نحن ضعفاء وإنما علينا أن نكون شجعانًا في ضعفنا، وشجاعتنا هذه قد تظهر أحيانًا بالهرب وعدم الالتفات إلى الوراء كي لا نقع في حنين الخطيئة. فلا نخافنَّ إذا من النظر دائمًا إلى الرب!