في المرة السابقة تحدثنا عن طهارة القلب والفكر وكم هي أولية وأساسية لكل مسيحي وبالتالي أيضا لكل مكرس. لكن كيف نستطيع ان نحفظ أيضا طهارة الجسد ؟
هذا السؤال هام لكثير من الآباء، فالطهارة والتي هي ثمرة العفة الحقيقية، ليست واجب او فرض للمكرس لكن لكل مسيحي، مهما كانت دعوته. الطهارة وهي حفظ الجسد من كل ما ينجسه. وكلمة نجاسة تعني كل ما يجعل الجسد يفقد معناه والهدف الذي لأجله خلق. النجاسة هي ان نغير في طبيعة الشيء ونجعل منه شيء أخر. الجسد هيكل الروح القدس، بيت الله، “شكناه”: اي مقر سكنى الرب. بالخطيئة نجعل منه سكنى للشهوات ومقر للصوص وهذا هو فعل النجاسة، حيث نطرد صاحب المكان ونملكه لغرباء. أجسادنا ليست ملك لنا، وبالأحرى ليست ملك للغرباء عنا، فهي للرب.
غريغوريوس اللاهوتي يقول: يطلب الرب من كل معمد ثلاثة أشياء: إيمان النفس، وصدق اللسان وطهارة الجسد. (PJ I).
انطونيوس الكبير يقول ان الطهارة والطاعة لهما القدرة على سحق الوحوش، اي الشياطين. (PJ, Introd., P44). فالطهارة بجانب انها صفة ونعمة للمسيحي، هي أيضا مع الطاعة سلاح يقهر الشياطين. فالطاعة والطهارة مرتبطة بالتواضع والذي لا يستطيع ان يقاومه ابليس.
فيسأل الأب بامبونيس القديس انطونيوس: كيف لى ان أحافظ على طهارة جسدي؟ فيرد: عليك ان لا تثق في عدالتك، ولا تهتم بكل ما هو زائل، وكن طاهر اللسان. هكذا تحفظ جسدك طاهر.
ما أعمق هذه الكلمات وكم هي بعيدة عن فهمي البسيط! كي أكون طاهرا في الجسد على ان لا اثق في عدالتي الشخصية وبري، اي لا اعتقد ان كل ما افكر فيه هو صحيح، وبالتالي أدين الأخر واحكم عليه. هذه هي أول خطوة. ان أضع ثقتي في أخر وعدالتي وفكري وبري في درجة ثانية ان لم تكن الثالثة او الأخيرة. وان لا امضي الوقت باحثا عن كل ما هو زائل، وهذا لا يعني ان لا افكر به، لكن ان لا يكون هو هدف اهتمامي. واخيرا ان احفظ اللسان. فحفظ اللسان هو بداية لطهارة الجسد.
هذا هو الطريق الى طهارة الجسد. هذا ما أتمناه لي ولكم.