"انحنوا على الذي يمر بمحنة لأن فيه نرى وجه المسيح"

كلمة البابا في مستشفى القديس فرنسيس

Share this Entry

ننشر في ما يلي الكلمة التي ألقاها البابا فرنسيس خلال زيارته مستشفى القديس فرنسيس في ريو دي جانيرو الذي يضم المدمنين على الكحول والمخدرات يوم الأربعاء 24 تموز حيث استمع لشهادتين حيتين لمدمنين وعانقهما وقبلهما وحث على النظر الى الآخر بمحبة المسيح.

***

عزيزي رئيس أساقفة ريو دي جانيرو، إخوتي الأساقفة الأعزاء، حضرات السلطات الحاضرة،

أعزائي أعضاء رهبنة القديس فرنسيس الثالثة الموقرة، رهبنة التوبة،

أيها الأطباء والممرضون والعاملون في الرعاية الصحية،

أيها الشباب وأيها الأقرباء الأعزاء،

أراد الله أن تتجه خطواتي بعد مزار سيدة أباريسيدا الى مزار المعاناة البشرية المميز هذا وهو مستشفى القديس فرنسيس الأسيزي. إن اهتداء شفيعكم القديس معروف جدًّا: لقد تخلى فرنسيس الشاب عن ثروات العالم وراحته ليكون فقيرًا بين الفقراء؛ هو فهم أن السعادة والفرح الحقيقيين لا يتأتيا من تملك الأمور المادية التي يعبدها العالم بل هما وليدا اتباع يسوع وخدمة الآخرين. لربما اللحظة التي لمس فيها كل هذا في حياته ليست مشهورة جدًّا: حين احتضن أبرصًا. هذا الأخ المنبوذ الذي كان يعاني، كان “وسيط نور…للقديس فرنسيس الأسيزي” (Lettre enc. Lumen fidei, n. 57)، لأننا في كل أخ وأخت يعانيان نحتضن جسد المسيح المتألم. اليوم، أود في هذا المكان الذي يكافح الإدمان على المخدرات أن أحتضن كل واحد منكم، أنتم الذين تشكلون جسد المسيح، وأطلب من الله أن يملأ طريقكم وطريقي بالمعنى والرجاء الثابت.

الاحتضان. علينا جميعًا أن نتعلم احتضان المحتاج، على مثال القديس فرنسيس. هناك العديد من الحالات في البرازيل وفي العالم أجمع التي تحتاج الى الانتباه، والرعاية، والمحبة، مثل مكافحة الإدمان على المخدرات. مع ذلك، وفي كثير من الأحيان، تسود الأنانية على مجتمعنا. فكم عدد “تجار الموت” الذين يتبعون منطق القوة والمال مهما كان الثمن! إن آفة الإتجار بالمخدرات التي تروج للعنف وتزرع الألم والموت، تتطلب فعل شجاعة من المجتمع ككل. إن تسهيل استخدام المخدرات، كما يُقترح حالياً في عدة أنحاء من أميركا اللاتينية،  لن يخفّض انتشار الإدمان على المخدرات وتأثيره. من الضروري معالجة المشاكل التي هي أساس استخدام هذه المخدرات، وذلك من خلال تعزيز عدالة أكبر، وتعليم الشباب القيم التي تبني حياة المجتمع، ومرافقة الذي يمر بمحنة ما وإعطائه الرجاء بالمستقبل. نحن جميعًا بحاجة الى النظر الى الآخر بنظرة محبة المسيح، واحتضان المحتاج، لكي نعبر عن قربنا وعاطفتنا ومحبتنا.

ولكن الاحتضان وحده لا يكفي. فلنمد يدنا الى المحتاج، الى الذي سقط في هوة ظلمة الإدمان، لربما من دون أن يعلم كيف، ولنقل له: تستطيع أن تنهض، تستطيع أن تقف، يتطلب هذا الأمر جهدًا، ولكنه ممكن إن أردت ذلك. أصدقائي الأعزاء، أود أن أقول لكل واحد منكم، ولكن بشكل خاص الى الآخرين الذين لم يتحلوا بشجاعة القيام برحلتكم هذه: أنتم تملكون الدور الأول لوقوفكم، هذا هو الشرط الأساسي! ستجدون يد من يودّ مساعدتكم ممدودة، ولكن لا أحد يستطيع أن يقف بدلا منكم! ولكنكم لستم أبدًا لوحدكم! إن الكنيسة والعديد من الأشخاص قريبون منكم. إنظروا بثقة أمامكم. إن رحلتكم طويلة وشاقة، ولكن انظروا الى الأمام، هناك “مستقبل أكيد يقف ضد آفاق مختلفة عن الإغراءات الخادعة للأصنام المحبوبة في هذا العالم، وإنما يضمن زخماً جديداً وقوة جديدة للحياة اليومية” (Lettre enc. Lumen fidei, n. 57). أود أن أكرر وأقول لكم جميعًا: لا تدعوا الرجاء يُسرق منكم! ولكن أريد أن أقول أيضًا: دعونا لا نسرق الرجاء من الآخرين، بل دعونا نصبح جميعًا حاملي رجاء!

نقرأ في الإنجيل مثل السامري الصالح الذي يتحدث عن رجل وقع بين أيدي اللصوص وتركوه شبه ميت على جانب الطريق. كان الناس يمرون وينظرون ولكن لم يتوقف أحد، بل كانوا يكملون طريقهم غير آبهين: ليست مشكلتهم! (…)وحده سامري، غريب، رآه، فتوقف وساعده على النهوض وأمسكه بيده واهتم به (لو 10: 29- 35). أصدقائي الأعزاء، أعتقد أنه في هذا المستشفى يتجسد مثل السامري الصالح. هنا لا نجد اللامبالاة، بل الاهتمام؛ لا نجد قلة الاهتمام، بل المحبة. إن جمعية القديس فرنسيس وشبكة العلاج من الإدمان على المخدرات تعلمان كيفية الانحناء على من يمر بمحنة ما لأن فيه نرى وجه المسيح، لأننا نرى فيه جسد المسيح يعاني. شكرًا لجميع العاملين في الخدمة الطبية ومعاونيهم الذين يعملون هنا؛ إن خدمتكم قيمة، قوموا بها بمحبة دائمًا؛ إنها خدمة للمسيح الحاضر في الإخوة، فيسوع قد قال لنا: “كل مرة عملتم هذا لواحد من إخوتي هؤلاء الصغار، فلي عملتموه” (متى 25، 40).

أود أن أكرر لكم جميعًا أنتم الذين تسعون للتخلص من الإدمان على المخدرات، واليكم ايها الأقارب الذين تحملون مهمة صعبة: ليست الكنيسة بعيدة عن مصاعبكم، بل هي ترافقكم بحنان. الرب قريب وهو يمسك بأيديكم. انظروا اليه في اللحظات الأشد صعوبة وهو سيعطيكم العزاء والرجاء. ثقوا بمحبة مريم الوالدية، أمه. صباح اليوم، في مزار أباريسيدا، أوكلت بكل شخص منكم الى قلبها. حيث يوجد صليب علينا أن نحمله، بالقرب منا توجد مريم، أمنا. ها أنا أسلمكم بين يديها وبمودة كبيرة أبارككم جميعًا.

***

نقلته الى العربية نانسي لحود- وكالة زينيت العالمية

جميع الحقوق محفوظة لدار النشر الفاتيكانية

Share this Entry

Francesco NULL

1

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير