البابا فرنسيس يلتقي أعضاء الطبقة الحاكمة في البرازيل ويقول: ينبغي علينا اليوم أن نراهن على ثقافة اللقاء وإلا سيخسر الجميع!

التقى البابا فرنسيس يوم السبت في مسرح بلدية ريو دي جانيرو أعضاء الطبقة الحاكمة في البرازيل، يتقدمهم مسؤولون سياسيون ودبلوماسيون ودينيون بالإضافة إلى شخصيات من عالم الثقافة والجامعة والأعمال. وجه الحبر الأعظم للحاضرين كلمة باللغة الإسبانية استهلها ملقيا التحية على الجميع ومعربا عن أمله بأن تبقى البرازيل بلدا منفتحا على النور المنبثق من إعلان إنجيل يسوع المسيح، وأن تواصل البلاد نموها في إطار الاحترام التام للمبادئ الخلقية المرتكزة إلى كرامة الإنسان المتسامية.

Share this Entry

انتقل البابا بعدها إلى الحديث عن مزايا الثقافة البرازيلية وقدرتها على الدمج بين عناصر مختلفة مشيرا إلى أن هذه النظرة إلى الإنسان والحياة، التي تميّز الشعب البرازيلي، تتغذى من عصارة الإنجيل ومن خلال الكنيسة الكاثوليكية: الإيمان بيسوع المسيح، بمحبة الله والأخوّة مع القريب.  هذا ثم أكد الحبر الأعظم أن تنمية أنسنة متكاملة وثقافة اللقاء والعلاقات ليست إلا الطريقة المسيحية من أجل تعزيز الخير المشترك وفرح الحياة. وهنا في البرازيل يتلاقى الإيمان مع العقل، البعد الديني مع مختلف أبعاد الثقافة الإنسانية: الفن، العلوم، العمل والأدب.

بعدها تطرق البابا فرنسيس إلى المسؤولية الاجتماعية، التي تتطلب الارتكاز إلى نموذج ثقافي محدد وبالتالي انتهاج خط سياسي. وقال: إننا مسؤولون عن تنشئة أجيال جديدة تكون جديرة في حقلي الاقتصاد والسياسة وراسخة في القيم الخلقية. المستقبل يتطلب منا نظرة إنسانية للاقتصاد وسياسةً تفسح المجال أمام المشاركة واستئصال الفقر، إذ لا بد أن يتم ضمان الأخوّة والكرامة والتضامن بالنسبة للجميع دون استثناء أحد. إن من يتمتعون بمناصب قيادية مدعوون إلى وضع أهداف ملموسة أمام أعينهم والبحث عن الوسائل اللازمة من أجل بلوغ هذه الأهداف. ومن هذا المنطلق وتفاديا للفشل وخيبات الأمل لا بد أن تُجند كل الطاقات والقدرات لصالح الأشخاص الذين نعمل من أجلهم بالإضافة إلى خلق الظروف اللازمة لإيجاد مسيرات جديدة مع الحفاظ على الأمل حيا في القلوب. لا بد أن يحرك الطبقة الحاكمة البحث عن مصلحة الخير العام، وهذا هو السبيل الكفيل بالوصول إلى جذور الشر في المجتمع والتغلب عليها من خلال أفعال جريئة وحرة. ومن هذا المنطلق يجب أن ندرك الواقع الذي نعيشه ونوجه أنظارنا أيضا نحو المستقبل، ويبدو هذا الحس بالمسؤولية الخلقية تحديا تاريخيا لم يسبق له مثيل.

بغية مواجهة المشاكل المطروحة اليوم أمامنا ـ تابع البابا يقول ـ يتعين الاستناد أيضا إلى الحوار البنّاء. الحوار هو الخيار البديل عن اللامبالاة الأنانية والتظاهرات العنيفة. إنه حوار بين الأجيال، ومع الشعب، إنها القدرة على الأخذ والعطاء، مع الحفاظ على الانفتاح على الحقيقة. إن البلد ينمو، قال الحبر الأعظم، عندما يُعقد حوار بناء بين المكونات الثقافية الغنية والمتنوعة: الثقافة الشعبية، والجامعية والشبابية والفنية والتكنولوجية والاقتصادية والعالمية والإعلامية. من المستحيل أن نتصور مستقبلا للمجتمع من دون إسهام قوي من قبل الطاقات الخلقية، ويضطلع بدور رئيس على هذا الصعيد إسهام الديانات الكبرى، التي هي خميرة الحياة الاجتماعية ومحرك الديمقراطية. كما تساهم الدولة العلمانية في الحفاظ على التعايش السلمي بين الديانات المختلفة، شرط ألا تتخذ مواقف طائفية وأن تحترم وتقيّم حضور العامل الديني في المجتمع وتشجع التعبير عن المعتقدات الدينية.

ختم البابا كلمته قائلا: عندما يطلب مني القادة نصيحة ما، أعطي دائما الجواب نفسه: الحوار، الحوار، الحوار! إن الطريقة الوحيدة لتحقيق نمو الشخص والعائلة والمجتمع، والطريقة الوحيدة التي تسمح بتقدم حياة الشعوب هي ثقافة اللقاء، ثقافة يقدم فيها كل طرف ما هو جيد لديه، ويأخذ ما هو جيد لدى الآخرين. وهكذا فقط ينمو التفاهم بين الثقافات والأديان في إطار الاحترام المتبادل. ينبغي علينا اليوم أن نراهن على ثقافة اللقاء وإلا سيخسر الجميع!

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير