قبل ثلاثة أسابيع، كان لنا وقفة مع بشارة الملاك جبرائيل لمريم، ورأينا كيف أن مريم تخاف وتتساءل عن الأمر العجيب والغريب: كيف الله يجعلني حبلى وأنا شابة صغيرة بلا زواج؟ كيف سترتب الأمر؟ ألن تكون هي والطفل في خطر الموت؟ كيف يسير الأمر بلا مشاكل وعقبات؟ وهنا يخبرها الملاك بأن قوة العلي هي التي سوف تحمي كل شيء ويحكي لها عن مستقبل الطفل، والكلام عن المستقبل بثقة يعني أنا الأمر يحدث وبقوة الرب، فالرب لديه رسالة وبشرى للإنسان وهو سيحمي هذه الرسالة…
ويوسف البار، ها هو الآخر أيضاً يجد نفسه أمام معضلة حقيقة، يجد نفسه أمام مسؤولية، تجاه حفظ الشريعة وتجاه حفظ الإنسان، فماذا يختار؟ وعلى أي أساس ينطلق ليختار؟ … وكما عودنا إلهنا، ها هو يتدخل ليلغي كل الشكوك وليخاطب قلب يوسف البار، هذا القلب الذي يفكر بحماية العذراء والطفل أكثر مما يفكر بنفسه، ويسمع كلام الملاك وينكشف له مخطط الله الحقيقي ويقرر أن يحمي الإنسان لأن من خلال الإنسان سيتحقق وعد الله بأن يخلص العالم من الخطيئة. ويشارك يوسف الله في مخططه لأجل الإنسان، ويأخذ مريم امرأته ليعتني بها ويشكر الله معها على حبه للبشر وعلى اختيارهما ليظهر من حلالهما للعالم…
لا يريد الله أن يدخل عنوة إلى حياة الإنسان أبداً، بل يريد أن يقبله الإنسان بكل حرية، هكذا يشعر الإنسان بقيمة هذا التدبير ، والإنسان أيضاً سوف يحمي رسالة الله لأنها تعنيه أيضاً…
من خلال يوسف، يخضع الله لكل المقاييس البشرية في الانتماء إلى عائلة البشر ، فيكون لديه أب وأم، وأيضاً ينتمي إلى سلالة داؤد التي منها سيخرج الملك الذي سيخلص شعب إسرائيل…
وماذا عنا؟ ألسنا معنيين برسالة الله من اجلنا؟ ألسنا مَدعوين لنحمي الأشخاص الذين يحملون بفعالية رسالة الله؟… إنّ صوت الملاك يخاطبنا اليوم مثلما خاطب يوسف البار، ويطلب منا أن نتبنى يسوع، أن نحمي يسوع الساكن في قلوب المؤمنين وأحشاء المكرسين، فهل سننهض من نومنا ونقول نعم؟ هل سننهض من نومنا ونأخذ مريم أماً لنا ويسوع ربنا ومخلصاً لحياتنا؟..
صوت الملاك يدعونا كما دعا يوسف: لا تخف، هو نفسه اليوم يدعونا: لا تخافوا. فيسوع بيننا و معنا ليشفي جراحنا…. هو يريد أن يدخل قولبنا ويحب أن يعتني بالآخرين ويحرسهم من خلالنا… هو يريدنا أن نقبل حراسة إخوتنا وأخواتنا كما حرس يوسف العائلة المقدسة، فلا نشهر بسمعتهم، تماما كما فعل يوسف الذي أخفى حمل مريم خوفاً عليها، ولا نسيء إليهم من خلال الإتيان بسيرتهم بالسوء…. أن نكون حراسا لإخوتنا، هذه هي المشكلة منذ بداية التاريخ، قائين يرفض حراسة أخيه هابيل…. قال: هل أنا حارس لأخي؟…. فقتله… نعم يا قائين، أنت حارس لأخيك، وكل واحد منا هو حارس للآخر، فهل نحن أمناء؟ الكثير من البشر يقتلون من قبل بشر آخرين، من قبل إخوتهم… هل نستطيع اليوم أن نتحمل مسؤولياتنا تجاه الآخر؟ لحد هذا اليوم، لم يتعلم قائين أن يدافع عن إخوته، يوميا لدينا قائين جديد يقتل ويبطش وعذب أخيه…. أين هو القديس يوسف اليوم من حياتنا؟…. فلنطرح السؤال، هل نحن حراس لإخوتنا؟…. والجواب، هو مثلما كان منذ البدء، يأتينا من الرب ليذكرنا بمسؤوليتنا: (نعم، انتم حراس لإخوتكم)… آمين.