الانسجام في العملية التربوية

كلنا نعلم أن العملية التربوية في تطور وتغير مستمر ولكنها في النهاية تُعنى بإعداد الفرد وبترسيخ المبادئ التربوية لديه، حتى يستطيع أن يندمج وينخرط في مجتمعه، ويتكيف مع أفراد هذا المجتمع، ولذلك فالتربية تهتم اهتماماً ملموساً في صقل وتنمية الجانب السلوكي وترسيخه في واقع العمل التربوي، وبما أن العملية التربوية هي عملية متكاملة ومشتركة الأطراف تقوم على أساس الانسجام بين المؤسسات التربوية (الطلبة، المعلمون، العاملون، الإداريون، المنهاج، أولياء الأمور، المجتمع المحلي) وحيث أنه لا يمكن لأي عمل أن ينجح ما لم يكن هنالك توافق وانسجام بين جميع الأطراف القائمة على هذا العمل، ننطلق هنا من سؤال مــفاده: هل هناك انسجام في داخل الأسرة التربوية؟ وكيف يمكن تحقيق هذا الانسجام؟

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

لا شك أن الحوار والمشاركة بين كافة المؤسسات التربوية بدءًا من الأسرة وانتهاءً بالمجتمع يسهم إسهامًا كبيرًا في الوصول إلى نظام تربوي يحقق التميز والإتقان والجودة وهو العمود الفقري الذي يعد من أهم أركان النجاح لتحقيق الانسجام في المشروع التربوي.

ما هو واقع الرسالة التربوية ؟

الرسالة التربوية رسالة سامية تتم من خلال المؤسسات التربوية الاجتماعية التي تتولى مهمة تربية الإنسان، وانخراطه مع مجتمعه، وتنمية وعيه الإيجابي، وإعداده للحياة، وتُعد هذه المؤسسات التربوية بمثابة الأوساط التي تُحقق المجتمعات أهدافها وغاياتها التربوية من خلالها، وعن واقع الرسالة التربوية فإن هنالك بعض الأمور التي تقف حجر عثرة أمام تحقيق المؤسسات التربوية لهذه الرسالة، نوجز منها:

تحديات متنوعة:في ظل التحولات والتغيرات المتعددة التي يشهدها واقع التعليم في العالم الحديث، أين نحن مما يجري حولنا? لا بد أن نأخذ بعين الاعتبار واقع الرسالة التربوية اليوم ومدى تأثرها بهذه المتغيرات، بدايةً من الضروري العمل على تغيير فكر الأسرة تجاه التربية حتى تكون واعية لدورها وتكاملية هذا الدور مع ما تقدمة المؤسسات التعليمية، تعد هذه الخطوة ذات تأثير كبير حيث تساعد في خلق انسجام ومشاركة حقيقية بين الأسرة باعتبارها أحد أهم المؤسسات الاجتماعية وبين أي مؤسسة تعليمية أخرى، حيث يتم التعامل مع العملية التربوية بشكل شمولي يتعاون خلالها كل من المعلم والتلاميذ، والإدارة المدرسية، والغرف الصفية، والأسرة والمجتمع، لتحقيق ما يسمى بالأهداف التربوية.

وهذا ما يتطلب عملاً مؤسسياً يعتمد على المشاركة والحوار بين جميع الأطراف ويكون منفتحاً على المجتمع المحلي فسلاح المجتمعات يعتمد وبشكل أساس على ما تقدمه مخرجات التعليم للمساهمة في عبور تلك المجتمعات نحو  واقع آمن متحرر قادر على مواكبة تحديات العصر.

الظلم: العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص (في الحقوق، الأجور…الخ) هي الأساس لكي تؤتي العملية التربوية والتعليمية ثمارها فلا تنمية حقيقية في ظل غياب العدالة.غياب/ غموض “نور الإيمان”:المربِّي الناجِح وحدَه هو القادِر على تحقيق الأهداف التربوية، فالتحصيل العلمي والثقافة قد لا يكفيان في ظل غياب الإيمان بحقيقة التغيير الذي تشهده العملية التربوية حالياً، فهنالك صفات أخرى يجب أن يتمتع بها المربي حتى يكون قادراً على تحقيق الهدف التربوي المنشود.

أمام هذه الممرات التربوية  كيف تسير التربية بين قطبين رئيسين:

الحدود والتعليمات والأوامر والإشارات اليوميةالنظر إلى الأفق (بدون مرجعية)

كيف نقود الشاب تجاه الانسجام في الحياة؟

هنا تكمن رسالة المربي ونضوجه وأهميته في العملية التربوية، فالمعلم هو أساس العملية التعليمية التربوية، وبدونه لن تقوم قائمة للتعليم، من هنا ندرك أهمية إعداده إعداداً سليماً علمياً وتربوياً حتى نضمن تخريج جيل قوي متسلح بالعلم والمعرفة والإيمان والثوابت الوطنية والقومية.

الاتجاهات التربوية المعاصرة بدأت تنظر إلى المربي في العملية التعليمية التربوية بأنه حجر الزاوية في التعليم فهو منظم، مدبر، مساعد ومساند وهو القادر على تمكين جيل الشباب من الاندماج والتكيف مع واقع احتياجاته والتغيرات المعاصرة، وإلا نحن أمام الاستغراب الذي سيصبح استعماراً جديداً لثقافتنا الشرقية، فسلم الراية إلى الشباب، لأن شباب اليوم هم رجال المستقبل، والتخطيط لمستقبل الأمة مرتبط بحسن إعداد شبابها.

كيف ننظر إلى الحدود والتعليمات بعين المستقبل؟

التربية هي دعوة للتفكير الإبداعي والابتكار، عمادها الحرية والمبادرة والحوار السليم بهدف بناء مجتمع متقدم واع يساهم في التطور، وهذا كله يتطلب نظاماً تربوياً مرناً بعيداً عن الجمود والحدود، فلا يمكن أن نصل إلى تربية حقيقية وتعليم بناء وهادف يتسم بالإبداع والابتكار في غياب نظام تربوي مرن يحترم المواهب ويقدر الفاعلين التربويين والمتعلمين المتفانين، يسمح بالمشاركة والتفاعل ويقدر ويستوعب المبادرات والتطور.

في الختام فإن المؤسسة التربوية المتكاملة هي تلك التي تقوم على أساس من الانسجام والمشاركة وهي القادرة على تحقيق هدفها التربوي وبالتالي فإنها ستكون قادرة على تخريج جيل قوي مثقف ومتعلم، منفتح انفتاحاً ايجابياً، يحترم الأخر، ويضع نصب عينيه مصلحة وطنه والنهوض به، هذا الجيل هو أساس المجتمع وهو بنيته الأساسية التي يرتكز عليها المستقبل وهو القادر على النهوض والرقي به.

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

الأب عماد طوال

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير