أيُّها الإخوةُ والأخواتُ الأعزّاءُ، لقد قررتُ أنْ أتأمَّلَ معكم خلالَ هذا العامِ حولَ العائلةِ، هذه العطيّةُ الكبيرةُ التي أعطاها الربُّ منذُ البدءِ للعالمِ. لقدِ اختارَ اللهُ أنْ يُولَدَ في عائلةٍ بشريَّةٍ أسَّسَها بنفسِهِ، في قريةٍ نائيةٍ في ضواحي الإمبراطوريّةِ الرومانيّةِ، في ضاحيةٍ مخفيَّةٍ نوعاً ما لا بل سيّئةِ السُمعةِ. ومن هناكَ بدأتِ القصّةُ الأكثرُ قداسةً وصلاحًا، قصةُ يسوعَ بينَ البشرِ! لقدْ أقامَ يسوعُ في تلكَ الناحيةِ لمدةِ ثلاثينَ عامًا. ويُلَخِّصُ لوقا الإنجيليُّ هذه المرحلةِ على الشّكلِ التالي: كانَ يسوعُ “طائِعاً لَهُما [أي مريم ويوسف].
وكانَتْ أُمُّهُ تَحفُظُ تِلكَ الأُمورَ كُلَّها في قَلبِها. وكانَ يسوعُ يَتسامى في الحِكمَةِ والقامَةِ والحُظْوَةِ عِندَ اللهِ والنَّاس”؛ وكلُّ شيءٍ في عائلةِ الناصرةِ كانَ يبدو “طبيعيًّا”، بحسبِ عاداتِ أيِّ عائلةٍ يهوديّةٍ عاملةٍ وتقيّةٍ. إنَّ الأناجيلَ بدقَّتِها لا تُخبرُنا شيئًا عن مراهقةِ يسوعَ ولكن لا يصعُبُ علينا أنْ نتصوَّرَ كمْ يمكِنُ للأمّهاتِ والآباءِ والأبناءِ أنْ يتعلّموا منْ هذهِ العائلةِ.إذْ يمكنُ لكلِّ عائلةٍ مسيحيَّةٍ – كما فعلَ يوسفُ ومريمُ – أنْ تستقبلَ يسوعَ وتصغيَ إليه وتكلِّمَهُ، أنْ تحفظَهُ وتحمِيَهُ وتنموَ معهُ لتجعلَ العالمَ أفضلَ.
أيُّها الأعزّاءُ، لنُفسِحِ المجالَ إذًا في قلوبِنا ويوميَّاتِنا للربِّ كما فعلَ أيضًا يوسفُ ومريمُ فنجعلَ الحُبَّ أمرًا طبيعيًا لا الحقدََ، والمساعدةَ المتبادَلَةَ أمرًا مألوفًا، لا عدمَ المبالاةِ أو العداوةِ.
***
جميع الحقوق محفوظة لدار النشر الفاتيكانية.