أكتب لكم كخليفة بطرس، الذي أوكل الربّ إليه وظيفة تثبيت إخوته في الإيمان (راجع يو 22: 32)، وأكتب لكم كأخيكم المكرّس للربّ مثلكم.
فلنشكر معًا الآب الذي دعانا لنتبع يسوع بملء الارتباط بإنجيله وبخدمة الكنيسة، والذي نشر في قلوبنا الروح القدس الذي يمنحنا الفرح ويجعلنا نشهد للعالم أجمع لحبّه ورحمته.
إذ أردّد صدى شعور كثيرين منكم وشعور مجمع الحياة المكرّسة وجماعات الحياة الرسوليّة، لمناسبة ذكرى الخمسين سنة على صدور الدستور العقائديّ نور الأمم عن الكنيسة، الذي يعالج في الفصل السادس الحياة الرهبانيّة، وكذلك مرسوم المحبّة الكاملة عن تجديد الحياة الرهبانيّة، قرّرتُ أن أفتتح سنة للحياة المكرّسة. إنّها تبدأ في 30 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، أوّل أسبوع من زمن المجيء، وتنتهي مع عيد تقديم يسوع في الهيكل 2 فبراير (شباط) 2016.
بعد أن أصغيتُ لمجمع مؤسّسات الحياة الحياة المكرّسة وجمعيّات الحياة الرسوليّة، أشرتُ، كأهدافٍ لهذه السنة، الأهداف نفسها التي اقترحها يوحنّا بولس الثاني للكنيسة في بداية الألفيّة الثالثة، آخذًا بطريقةٍ معيّنة ما أشار إليه سابقًا في الدعوة إلى سينودس عن الحياة المكرّسة: «ليس عليكم أن تتذكّروا وترووا تاريخًا مجيدًا وحسب، بل عليكم أن تبنوا تاريخًا مجيدًا! انظروا إلى المستقبل، إلى حيث يرسلكم الروح ليعمل أيضًا معكم أمورًا عظيمة» (رقم 110).
1- أهداف سنة الحياة المكرّسة
1- الهدف الأوّل هو النظر إلى الماضي بامتنان. كلّ مؤسّسة من مؤسّساتنا أتت من تاريخٍ مواهبيٍّ غنيّ. في هذه الأصول حضور لعمل الله الذي دعا بروحه القدّوس بعض الأشخاص لاتّباع المسيح بقربٍ أكثر، ولترجمة الإنجيل بطريقة عيشٍ خاصّة، ولقراءة علامات الأزمنة بعيون الإيمان، ولتلبية حاجات الكنيسة بطريقةٍ خلاّقة. ونمَت خبرة البدايات بعد ذلك وتطوّرت، وضمّت أعضاء آخرين في سياقاتٍ جغرافيّة وثقافيّة جديدة، فأحيت طرائق جديدة لتطبيق الموهبة، ومبادراتٍ وتعابير محبّةٍ رسوليّة جديدة. إنّها مثل البذرة التي تصبح شجرة وتمدّ أغصانها.
في أثناء هذه السنة، من المناسب أن تتذكّر كلّ أسرةٍ مواهبيّة بداياتها وتطوّرها التاريخيّ، لتشكر الله الذي قدّم بهذه الطريقة للكنيسة كمًّا من المواهب التي تجعلها بهيّة ومجهّزة لكلّ عملٍ صالح (را. نور الأمم، رقم 12).
إنّ رواية التاريخ الشخصيّ لا غنى عنها من أجل الحفاظ على الهويّة حيّة، وكذلك من أجل إعادة تعزيز وحدة العائلة وحسّ الانتماء لدى أعضائها. المسألة ليست تنقيبًا أثريًّا أو تنمية حنينٍ لا فائدة منه، بل بالأحرى إعادة النظر في طريق الأجيال السابقة لنجني منها الشرارة الملهِمة، والمثاليّات، والمشاريع، والقيم التي حرّكت هذه الأجيال، ابتداءً من المؤسّسين أو المؤسِّسات، والجماعات الأولى. إنّها أيضًا طريقة لنعي كيف تمّ عيش الموهبة عبر التاريخ، وما هو الإبداع الذي حرّره هذا العيش، وما هي الصعوبات التي كان عليه أن يواجهها وكيف تخطّاها. يمكننا أن نكتشف عدم توافق، وهو ثمرة الضعف البشريّ، وربّما أحيانًا ثمرة نسيان بعض الأبعاد الأساسيّة للموهبة. كلّ شيء هو بنّاء، ويصير في الآن نفسه دعوة إلى الاهتداء. روي التاريخ هو تسبيح لله وشكر له على كلّ عطاياه.
نشكره بوجهٍ خاصٍّ على الخمسين سنة التي تلت المجمع الفاتيكاني الثاني، والتي شكّلت «هبّة ريح» الروح القدس لكلّ الكنيسة. فبفضله سلكت الحياة المكرّسة طريقًا خصبًا من التجديد الذي، بأنواره وظلاله، كان زمن نعمة تميّز بحضور الروح القدس.
فلتكن سنة الحياة المكرّسة هذه أيضًا مناسبة لنعترف بتواضع وثقة شديدة بإله المحبّة (را. 1 يو 4: 8) بهشاشتنا، ولنعيشها كخبرة محبّة الربّ الرحيمة؛ وفرصة لنصرخ للعالم بشدّة، ونشهد بفرحٍ للقداسة والحيويّة الحاضرتين لدى عددٍ كبيرٍ من الّذين دُعيوا لاتّباع المسيح في الحياة المكرّسة.
2- إنّ هذه السنة تدعونا أيضًا إلى أن نعيش الحاضر بشغف. فتذكّر الماضي بامتنان يدفعنا، بإصغاءٍ منتبه لما يقوله الروح للكنيسة اليوم، إلى تطبيق الأبعاد المؤسِّسة لحياتنا المكرّسة بطريقةٍ أعمق دومًا.
فمنذ بداية الترهّب حتّى «الجماعات الجديدة» اليوم، كلّ شكلٍ من أشكال الحياة المكرّسة ولِدَ من دعوة الروح القدس لاتّباع المسيح كما يعلّم الإنجيل (را. المحبّة الكاملة، رقم 2). فالقاعدة المطلقة لدى المؤسِّسين والمؤسِّسات هي الإنجيل، وكلّ القواعد الأخرى تريد أن تكون فقط تعبيرًا عن الإنجيل وأداةً لعيشه بالملء. مثاليّتهم هي المسيح والالتزام به تمامًا حتّى درجة القول مع بولس: «حياتي هي المسيح» (فل 1: 21)؛ ومعنى النذور يكمن فقط في تطبيق حبّهم المتيّم.
السؤال الذي نحن مدعوّون إلى أن نطرحه على أنفسنا في هذه السنة هو هل نحن أيضًا نترك الإنجيل يجعلنا نتساءل وكيف؛ هل هو حقًّا خطّ حياتنا اليوميّة، ومرجعيّة الاختيارات التي نحن مدعوّون إلى اختيارها؟ إنّ طلب العيش بجذريّة وصدق أمر متطلّب. ولا يكفي أن نقرأه (حتّى وإن كانت القراءة والدراسة مهمّتين جدًّا)، لا يكفي أن نتأمّله (ونحن نفعل ذلك بفرحٍ يوميًّا). فيسوع يطلب منّا أن نطبّقه وأن نعيش كلماته.
علينا أن نتساءل أيضًا: هل يسوع حقًّا هو حبّنا الآوّل والوحيد، كما اخترنا ذلك حين أبرزنا نذورنا؟ حين يكون الأمر كذلك، حينها فقط نستطيع، بل علينا، أن نحبّ في الحقّ والرحمة كلّ شخصٍ
نلتقيه في طريقنا، لأنّنا تعلّمنا من يسوع ما هو الحب وكيف نحب: سنعرف كيف نحب لأنّ لدينا قلبه.
إنّ مؤسّسينا ومؤسِّساتنا اختبروا في ذواتهم شفقة يسوع حين كان يرى الجموع كرعيّةٍ مشتّتة لا راعي لها. وكما تأثّر يسوع بهذه الشفقة فألقى كلمته، وشفى المرضى، وأعطى خبزًا للطعام، وبذل حياته، كذلك خدم المؤسِّسون الإنسانيّة التي أرسلهم الروح القدس إليها، وبطرائق متنوّعة: شفاعة، كرازة الإنجيل، تعليم مسيحي، تربية، خدمة الفقراء، خدمة المرضى… لم تعرف تخيّلات المحبّة حدودًا، بل عرفت كيف تنفتح على أعدادٍ من الطرق لحمل نفحة الإنجيل إلى الثقافات والأوساط الاجتماعيّة الشديدة التنوّع.
إنّ سنة الحياة المكرّسة تسألنا عن وفائنا لرسالتنا الموكلة إلينا. هل تلبّي وظائفنا وأعمالنا وحضورنا ما طلبه الروح القدس من المؤسّسين، وهل هي متكيّفة لمتابعة تلبية غاية هذا الطلب في المجتمع والكنيسة اليوم؟ هل هناك ما ينبغي لنا أن نغيّره؟ هل لدينا الشغف نفسه تجاه مَن نعمل لأجلهم، وهل نحن قريبون منهم لدرجة أنّنا نشاركهم أفراحهم وآلامهم، كي نفهم حقًّا حاجاتهم، ونتمكّن من تقديم مساهمتنا لتلبيتها؟ يقول القدّيس يوحنّا بولس الثاني: «على السخاء ونكران الذات نفسهما اللذَين حرّكا المؤسّسين أن يقوداكم، أنتم أبناءهم الروحيّين، إلى أن تحافظوا على مواهبهم حيّة، وأن تتابع اغتنائها وتكيّفها، بقوّة الروح نفسها التي أثارت هذه المواهب، من دون أن تفقد سمتها الأصليّة، لتكون في خدمة الكنيسة، وتقود تأسيس الملكوت إلى ملئه» (Lett. ap. Les chemins de l’Évangile, aux religieux et religieuses d’Amérique latine, à l’occasion du Vème centenaire de l’évangélisation du Nouveau Monde – 29 juin 1990, DC n° 2013, p. 834-844, n. 26.).
إنّ تذكّر الأصول يحوي مركّبًا إضافيًّا لمشروع الحياة المكرّسة يظهر إلى النور. كان المؤسِّسون والمؤسِّسات مشدوهين بوحدة الاثني عشر حول يسوع، من خلال الشراكة التي ميّزت الجماعة الأولى في أورشليم. فحين كانوا يحيون جماعتهم، كان كلّ واحدٍ يريد إعادة إنتاج هذا النموذج الإنجيليّ، أي أن يكونوا قلبًا واحدًا وروحًا واحدة، وأن يتمتّعوا بحضور الرب (را. المحبّة الكاملة، رقم 15).
عيش الحاضر بشغف يعني أن نصير «خبراء شراكة»، «شهودًا وصانعي مشروع الشراكة هذا، وهو ذروة تاريخ الإنسان بحسب الله» (Congrégation pour les Instituts de Vie Consacrée et les Sociétés de Vie Apostolique, Religieux et promotion humaine, 12 août 1980, n.24 : L’Osservatore Romano, Suppl. 12 nov. 1980, pp. I-VIII.). ففي مجتمع المواجهة والتعايش الصعب بين الثقافات المختلفة، واحتقار الضعفاء، واللامساواة، نحن مدعوّون لتقديم نموذجٍ ملموس للجماعة التي تسمح بعيش علاقاتٍ أخويّة، من خلال الإقرار بكرامة كلّ شخصٍ، والمشاركة بالهبات التي يحملها كلّ واحد.
كونوا إذًا رجال ونساء شراكة، اجعلوا أنفسكم حاضرين بشجاعة حيث الاختلاف والتوتّر، وكونوا علامة مصداقيّة لحضور الروح القدس الذي ينشر الشغف في القلوب ليكون الجميع واحدًا (را. يو 17: 21). عيشوا صوفيّة اللقاء: «القدرة على السماع، والإصغاء للآخرين. القدرة على التفتيش معًا عن الطريق والمنهج» (Discours aux recteurs et aux étudiants des Collèges pontificaux de Rome, 12 mai 2014.)، تاركين علاقة المحبّة التي تمرّ بين الأقانيم الثلاثة تنيركم (را. 1 يو 4: 8)، فالعلاقة بين الأقانيم هي نموذج كلّ علاقةٍ تبادليّة بين الأشخاص.
3- قبول المستقبل برجاء هو الهدف الثالث لهذه السنة. نحن نعرف الصعوبات التي تواجهها الحياة المكرّسة بأشكالها المختلفة: شحّ الدعوات والشيخوخة، خصوصًا في العالم الغربيّ، المشكلات الاقتصاديّة التي تلت الأزمة الماليّة العالميّة الخطرة، تحدّيات العالميّة والعولمة، تجارب النسبيّة، التهميش واللامبالاة الاجتماعيّة… في عدم اليقين هذا الذي نتشارك فيه مع كثيرٍ من معاصرينا يبدأ الرجاء بالتطبيق، وهو ثمرة الإيمان بسيّد التاريخ الذي يظلّ يكرّر لنا: «لا تخف… لأنّي معك» (إر 1: 8).
إنّ الرجاء الذي نتكلّم عليه لا يتأسّس على أرقامٍ ولا على أعمال، بل على الذي وضعنا ثقتنا به (را. 2 طيم 1: 12)، ولأجله «ما من شيءٍ مستحيل» (لو 1: 37). هنا نجد الرجاء الذي لا يخيب، والذي يسمح للحياة المكرّسة بأن تستمرّ في المستقبل بكتابة تاريخٍ عظيم، الذي ينبغي لنا أن نثبّت أنظارنا نحوه، واثقين بأنّ الروح القدس يدفعنا نحوه ليظلّ يعمل معنا أشياء عظيمة.
لا تستسلموا لتجربة العدد والفعّاليّة، وخصوصًا تجربة الاعتماد على القوّة الذاتيّة. اسبروا آفاق حياتكم واللحظة الحاضرة ساهرين. وأكرّر لكم مع بندكتوس السادس عشر: «لا تتّحدوا بأنبياء الشؤم الذين يعلنون نهاية، أو لا معنى، الحياة المكرّسة في كنيستنا اليوم؛ بل البسوا بالأحرى يسوع المسيح، والبسوا أسلحة النور كما يدعو القدّيس بولس (را. رو 13: 11-14) وظلّوا يقظين ساهرين» (Homélie de la fête de la Présentation de Jésus au Temple, 2 février 2013.). فلنتابع ولنسلك دومًا طريقنا واثقين بالرب.
أوجّه كلامي إليكم خصوصًا أيّها الشباب. أنتم الحاضر لأنّكم تعيشون بنشاطٍ داخل رهبناتكم، وتقدّموا مساهمةً حاسمة بنضارة وسخاء اختياركم. وفي الآن نفسه أنتم مستقبل هذه الرهبنات، لأنّه سرعان ما سيُطلَبُ منكم تسلّم القيادة والتنشيط والتكوين والخدمة والرسالة. ستكون هذه السنة فرصة لكم للحوار مع الجيل الذي أمامكم. فتستطيعون أن تغتنوا من خبرته وحكمته من خلال الشراكة الأخويّة. ويمكنكم في الآن نفسه أن تقترحوا عليه ثانيةً المثاليّة التي عرفها في بداياته، وتقدّموا ل
ه اندفاع حماسكم ونضارته، لكي تطوّروا معًا أساليب جديدة لعيش الإنجيل ولإجاباتٍ متكيّفة دومًا مع متطلّبات الشهادة والإعلان.
أنا سعيد حين علمتُ أنّه ستكون لديكم فرصًا لتجتمعوا معًا، شبابًا من مختلف الرهبنات. عسى اللقاء يصبح طريقًا اعتياديًّا للشراكة والدعم المتبادل والوحدة.
2- إنتظارات سنة الحياة المكرّسة.
ما الذي أنتظره بوجهٍ خاصٍّ من سنة النعمة هذه للحياة المكرّسة؟
1- أن يكون ما قلته ذات يومٍ صحيحًا دومًا: «حيث الرهبان هناك الفرح». أن نكون مدعوّين لنختبر ونبيّن أنّ الله قادر على ملء قلوبنا وجعلنا سعداء، من دون الحاجة إلى التفتيش في مكانٍ آخر عن سعادتنا؛ وأن تغذّي الأخوّة الصادقة التي نعيشها في جماعاتنا فرحنا؛ وأن يساهم تفانينا الكامل في خدمة الكنيسة والعائلات والشبيبة والمسنّين والفقراء في تحقيق ذواتنا كأشخاص، ويمنح حياتنا الملء.
ألاّ تُرى بيننا وجوه حزينة، وأشخاص مستائون وغير راضين، لأنّ «الوجه الحزين له نتائج محزنة». ونحن أيضًا لدينا صعوبات، مثل جميع الرجال والنساء: ليالي الروح، خيبات أمل، أمراض، انهيار القوى بسبب الشيخوخة. فعلينا أن نجد في هذا بالضبط «فرحًا تامًّا»، ونتعلّم كيف نتعرّف إلى وجه المسيح الذي صار شبيهًا بنا في كلّ شيء، وبالتالي نختبر فرح معرفة أنّنا نشبهه، وهو الذي لم يرفض تحمّل الصليب حبًّا لنا.
في مجتمعٍ يستعرض عبادة الفعّاليّة والبحث عن الصحّة والنجاح، فيهمّش الفقراء ويُبعد «الخاسرين»، يمكننا أن نشهد من خلال حياتنا لحقيقة كلمات الكتاب المقدّس: «لأنّي عندما أكون ضعيفًا أكون قويًّا» (2 قور 12: 10).
يمكننا أن نطبّق ما قلته في رسالتي فرح الإنجيل على الحياة المكرّسة، حين ذكرتُ عظة لبندكتس السادس عشر: «الكنيسة لا تكبر بالدعاية بل بالجذب» (رقم 14). نعم، الحياة المكرّسة لا تكبر إذا نظّمنا حملة جميلة للدعوات، بل إذا شعر الشباب الّذين يلتقونا بالانجذاب إلينا، إذا رأونا رجالاً ونساء سعداء! وكذلك، فعّاليّة الحياة المكرّسة لا تتعلّق بالفعّاليّة ولا بالوسائل العظيمة. بل على حياتكم أن تتكلّم، حياة يشفّ منها الفرح وجمال عيش الإنجيل واتّباع المسيح.
أكرّر لكم أيضًا ما قلته عشيّة العنصرة للحركات الكنسيّة: «إنّ قيمة الكنيسة أساسًا هي عيش الإنجيل والشهادة لإيماننا. الكنيسة هي ملح الأرض، إنّها نور العالم، وهي مدعوّة إلى جعل خمير ملكوت الله حاضرًا في المجتمع، وهي تفعل ذلك قبل كلّ شيءٍ بالشهادة، الشهادة للمحبّة الأخويّة، وللمؤازرة، وللمقاسمة» (1 مايو (أيّار) 2013).
2- أنتظر أن «توقظوا العالم»، لأنّ السمة التي تميّز الحياة المكرّسة هي النبوءة. وكما قلتُ للرؤساء العامّين: «إنّ جذريّة الإنجيل ليست على عاتق الرهبان فقط؛ بل هي مطلوبة من الجميع. ولكنّ الرهبان يتبعون الربّ بطريقةٍ خاصّة، بطريقةٍ نبويّة». هذه هي الأولويّة المُعلَنة حاليًّا: «أن نكون أنبياء نشهد كيف عاش يسوع على الأرض… ينبغي للراهب ألاّ يمتنع أبدًا عن النبوءة» (20 نوفمبر (تشرين الثاني) 2013).
النبيّ ينال من الله القدرة على سبر التاريخ الذي يعيش فيه، ويفسّر الأحداث: إنّه كالحارس الذي يسهر كلّ الليل ويعرف متى يظهر الفجر (را. أش 21: 11-12). إنّه يعرف الله ويعرف البشر إخوته وأخواته. إنّه قادر على التمييز، وأيضًا على فضح شرّ الخطيئة والظلم لأنّه حرّ؛ وعليه ألاّ يلبّي سيّدًا آخر غير الله، وليست لديه مصالح غير مصلحة الله. النبيّ يقف عادةً بجانب الفقراء والعُزَّل لأنّ الله نفسه إلى جانبهم.
لا أنتظر إذًا أن تتمسّكوا «بوهمٍ»، بل أن تخلقوا «أماكن أخرى»، يُعاش فيها المنطق الإنجيليّ للهبة، والأخوّة، واستقبال التنوّع، والمحبّة المتبادلة. فالأديار، والجماعات، والمراكز الروحيّة، وقرى الاستقبال، والمدارس، والمستشفيات، وكلّ الأماكن التي ولّدتها محبّة وإبداع المواهبّ فيها – وستولّد بإبداعٍ جديد – عليها أن تصير أكثر دومًا خمير مجتمعٍ يستوحي من الإنجيل، عليها أن تصير «المدينة على الجبل» التي تعلن الحقيقة وقوّة كلمات يسوع.
أحيانًا، وكما حدث لإيليّا وليونان، قد نخضع لتجربة الهروب، والانسحاب من مهمّة النبيّ، لأنّها متطلّبة جدًّا، لأنّنا تعبون، خائبون من النتائج. ولكنّ النبيّ يعرف أنّه ليس وحده فيها. ولنا أيضًا كما لإرميا، يقول الربّ بتأكيد: «لا تخف… لأنّي معك لأدافع عنك» (إر 1: 8).
3- إنّ الرهبان والراهبات كما كلّ الأشخاص المكرّسين مدعوّون ليكونوا «خبراء شراكة». أنتظر بالتالي أن تصير «روحانيّة الشراكة»، التي أشار إليها القدّيس يوحنّا بولس الثاني، واقعًا، وأن تكونوا في الخطوط الأولى لتواجهوا «التحدّي الكبير الذي أمامنا» في هذه الألفيّة الجديدة: «جعل الكنيسة بيت الشراكة ومدرستها» (Lett. ap. Novo millennio ineunte, 6 janvier 2001, n. 43.). أنا واثق بأنّكم ستعملون طوال هذه السنة بجدّيّة لكي تنمو مثاليّة الأخوّة التي تبعها المؤسِّسون والمؤسِّسات على جميع المستويات مثل حلقاتٍ لها مركز واحد.
إنّ الشراكة تُمارَس قبل كلّ شيءٍ داخل الجماعات في الرهبنة. أدعوكم في هذا الخصوص إلى قراءة مداخلاتي المتكرّرة التي لا أكفّ فيها عن تكرار القول إنّ الانتقادات، والثرثرة، والحسد، والغيرة، والصراعات هي سلوكيّات لا يحقّ لها أن تقيم في بيوتنا. وإذ أقول هذا، فإنّ طريق المحبّة الذي ينفتح أمامنا لا نهاية له تقريبًا، لأنّه متابعة الاستقبال والانتباه المتبادل، وممارسة الشراكة في
الخيرات المادّيّة والروحيّة، والتصحيح الأخويّ، واحترام الأشخاص الأكثر ضعفًا… إنّه «صوفيّة العيش معًا»، التي تجعل حياتنا «حجًّا مقدّسًا» (Exh. ap. Evangelii gaudium, 24 novembre 2013, n. 87.). علينا أن نتساءل أيضًا عن العلاقة بين الأشخاص من ثقافاتٍ مختلفة، ونلاحظ أنّ جماعاتنا تصير دومًا أكثر عالميّة. كيف نمنح كلّ شخصٍ فرصة التعبير عن ذاته، وأن يُستقبَل بمواهبه الخاصّة، وأن يصير كامل المسؤوليّة؟
أنتظر، بالإضافة إلى ذلك، أن تتوسّع الشراكة بين أعضاء مختلف الرهبنات. ألا يمكن أن تكون هذه السنة فرصة للخروج بشجاعةٍ أشدّ من حدود الرهبنة الخاصّة لنخطّط معًا، على المستوى المحلّيّ والعالميّ، مشاريع مشتركة في التكوين والتبشير والتدخّلات الاجتماعيّة؟ بهذه الطريقة يمكن تقديم شهادة حقيقيّة نبويّة فعّالة أكثر. إنّ الشراكة ولقاء مختلف المواهب والدعوات هي طريق رجاء. ما من أحدٍ يستطيع أن يبني المستقبل إذا انعزل، ولا بقواه الشخصيّة وحدها، بل بالإقرار بأنّه داخل شراكةٍ حقيقيّة تنفتح دومًا على اللقاء والحوار والإصغاء والمساعدة المتبادلة، وحماية النفس من مرض المرجعيّة الذاتيّة.
وفي الآن نفسه، الحياة المكرّسة مدعوّة إلى اتّباع توافقٍ صادقٍ بين كلّ الدعوات في الكنيسة، انطلاقًا من الكهنة والعلمانيّين، بحيث تتمّ «تنمية روحانيّة الشراكة، في الداخل أوّلاً، ثمّ في الجماعة الكنسيّة وما يتخطّى حدودها» (Jean-Paul II, Exhort. ap. post-syn. Vita consacrata, 25 mars 1996, n.51.).
4- أنتظر منكم أيضًا ما أطلبه من كلّ أعضاء الكنيسة: الخروج من الذات للذهاب إلى الضواحي الوجوديّة. «اذهبوا إلى العالم كلّه» هي آخر عبارةٍ خاطب بها يسوع أتباعه، ولا يزال يخاطبنا بها اليوم نحن كلّنا (را. مر 16: 15). الإنسانيّة كلّها تنتظر: أشخاص فقدوا كلّ رجاء، عائلات تعاني صعوبات، أطفال متروكون، شباب انغلق المستقبل أمامهم مسبقًا، مرضى ومسنّون متروكون، أغنياء شبعوا من الخيرات وقلوبهم فارغة، رجال ونساء يفتّشون عن معنى لحياتهم، متعطّشون للألوهة…
لا تنغلقوا على ذواتكم، ولا تجعلوا خلافات المنزل الداخليّة تخنقكم؛ لا تبقوا سجناء مشكلاتكم. إنّها ستنحلّ إذا خرجتم وساعدتم آخرين على حلّ مشكلاتهم وأعلنتم البشرى. ستجدون الحياة حين تعطون الحياة، الرجاء حين تبثّون الرجاء، المحبّة حين تحبّون.
أنتظر منكم أفعالاً ملموسة في استقبال النازحين، والتقرّب من الفقراء، وإبداع في التعليم المسيحيّ وإعلان الإنجيل، والتدريب على حياة الصلاة. وبالنتيجة، أتمنّى تخفيف البنى، وإعادة استعمال البيوت الكبيرة لصالح أعمالٍ تلبّي أكثر متطلّبات التبشير الحاليّة ومتطلّبات المحبّة، وتكييف الأعمال مع الحاجات الجديدة.
5- أنتظر أن تتساءل جميع أشكال الحياة المكرّسة حول ما يطلبه منها الله اليوم، وما تطلبه الإنسانيّة منها.
تستطيع الأديار والمجموعات ذات التوجّه التأمّليّ أن تلتقي، أو تتواصل بطرائق متنوّعة، لتبادل الخبرات حول حياة الصلاة، وكيف ننمو في الشراكة مع كلّ الكنيسة، وكيف ندعم المسيحيّين المُضطَهَدين، وكيف نستقبل ونرافق الّذين يفتّشون عن حياةٍ روحيّة أعمق أو يحتاجون إلى سندٍ أخلاقيٍّ أو مادّيّ.
ويمكن أن تعمل الأمر نفسه المؤسّسات الخيريّة، والمكرّسون للتعليم ولدعم الثقافة، والّذين يندفعون لإعلان الإنجيل أو يطوّرون وظائف رعائيّة خاصّة، والمؤسّسات العلمانيّة مع حضورها المنتشر في البنى الاجتماعيّة. لقد ولّد تخيّل الروح القدس أنماط حياةٍ وعملٍ شديدة التنوّع، ولا يمكننا تصنيفها بسهولة ولا تدوينها في مخطّطاتٍ مسبقة الصنع. لذلك لا يمكنني التنويه إلى كلّ شكلٍ خاصٍّ من الموهبة. ومع ذلك لا ينبغي لأحدٍ في هذه السنة أن يعفو نفسه من تحقّقٍ جادٍّ في شأن حضوره في حياة الكنيسة وطريقته في تلبية الطلبات الجديدة المستمرّة التي تُرفَع حولنا في صرخة الفقراء.
بهذا الانتباه إلى حاجات العالم، وبالمرونة لتحفيزات الروح القدس، ستتحوّل هذه السنة للحياة المكرّسة إلى زمن الله حقًّا، زمن غنيّ بالنِعَم والتحوّلات.
3- آفاق سنة الحياة المكرّسة
1- بهذه الرسالة، وبغضّ النظر عن الأشخاص المكرّسين، أتوجّه للعلمانيّين الّذين يشاركون المكرّسين مثاليّاتهم وروحانيّتهم ورسالتهم. فلبعض الرهبنات تقليد قديم في هذا المجال، ولآخرين خبرة أحدث. في الواقع، هناك عائلة أكبر موجودة حول كلّ عائلة رهبانيّة، كما حول جمعيّات الحياة الرسوليّة وحتّى المؤسّسات العلمانيّة. إنّ «العائلة المواهبيّة» التي تشمل عدّة مؤسّساتٍ تجد نفسها في الموهبة ذاتها، وخصوصًا المسيحيّين العلمانيّين الّذين يشعرون بأنّهم مدعوّون، في ظروفهم العلمانيّة الشخصيّة، للمشاركة في الواقع المواهبيّ نفسه.
أشجّعكم أنتم أيضًا أيّها العلمانيّون على أن تعيشوا سنة الحياة المكرّسة هذه كنعمة قد تجعلكم أشدّ وعيًا للهبة المعطاة لكم. احتفلوا بها مع كلّ «العائلة»، لتنموا وتلبّوا معًا دعوات الروح القدس في المجتمع المعاصر. في بعض المناسبات، حين سيلتقي المكرّسون من مختلف الرهبنات هذه السنة، حاولوا أن تكونوا حاضرين أنتم أيضًا بطريقةٍ ما كتعبيرٍ عن عطيّة الله الوحيدة، بحيث تعرفوا خبرات العائلات المواهبيّة الأخرى، ومجموعات العلمانيّين الأخرى، فتغتنوا وتساندوا بعضكم بعضًا.
2- إنّ سنة الحياة المكرّسة لا تخصّ الأشخاص المكرّسين وحدهم، بل الكنيسة جمعاء. لذلك أوجّه كلامي لكلّ الشعب المسيح
يّ كي يعي أكثر دومًا هبة حضور المكرّسين والمكرّسات، ورثة القدّيسين العظماء الّذين صنعوا تاريخ المسيحيّة. ما هو حال الكنيسة بدون القدّيس بندكتُس والقدّيس باسيليوس، بدون القدّيس أوغسطينُس والقدّيس برنردُس، بدون القدّيس فرنسيس والقدّيس دومينيك، بدون القدّيس إغناطيوس دي لويولا والقدّيسة تريزا الأفيليّة، بدون القدّيسة أنجيل ميريسي ومار منصور؟ تكاد القائمة أن تكون لا متناهية، حتّى القدّيس يوحنّا بوسكو والطوباويّة تريزا من كالكوتّا. لقد أكّد الطوباويّ بولس السادس: «بدون هذه العلامة الملموسة قد تبرد محبّة مجمل الكنيسة، ومفارقة الإنجيل الخلاصيّة تتفتّت، و«ملح» الإيمان يذوب في عالمٍ يسير نحو العلمنة» (شهادة الإنجيل، رقم 3).
أدعو إذًا كلّ الجماعات المسيحيّة إلى عيش هذه السنة ليشكروا الربّ قبل كلّ شيءٍ ويتذكّروا تذكّرًا ممنونًا العطايا التي نلناها ولانزال ننالها من خلال قداسة المؤسِّسين والمؤسِّسات، ومن خلال وفاء كمٍّ من المكرّسين لموهبتهم الخاصّة. أدعوكم جميعًا للحضور مع الأشخاص المكرّسين، وللفرح معهم، ولمشاركتهم صعوباتهم، وللتعاون معهم، قدر الإمكان، ليتابعوا رسالتهم وعملهم، فهما أيضًا رسالة الكنيسة جمعاء وعملها. اجعلوهم يشعرون بعاطفة كلّ الشعب المسيحيّ وحرارته.
أبارك الربّ على هذه المصادفة السعيدة، السنة المكرّسة والسينودس حول العائلة. فالعائلة والحياة المكرّسة دعوتان تحملان غنى ونعمة للجميع، ومساحات أنسنة في بناء علاقاتٍ حيويّة، وأماكن إنجيليّة. نستطيع أن نساعد بعضنا بعضًا في هذا المجال.
3- بهذه الرسالة أجرؤ وأوجّه كلامي أيضًا للمكرّسين وأعضاء الأخويّات والجماعات التي تنتمي لكنائس من تقاليد مختلفة عن التقليد الكاثوليكيّ. فالترهّب تراث للكنيسة غير المنقسمة، وهو حيّ دومًا سواء في الكنائس الأرثوذكسيّة أو الكنيسة الكاثوليكيّة. فمن هذا التراث، كما من خبراتٍ أخرى لاحقة، حين كانت كنيسة الغرب متّحدة، تُستوحى مبادرات مشابهة ظهرت في أوساط الجماعات الكنسيّة الإصلاحيّة، التي ظلّت بعد ذلك تولّد في أحضانها أشكالاً أخرى لجماعاتٍ أخويّة ولخدمات.
إنّ مجمع مؤسّسات الحياة المكرّسة وجمعيّات الحياة الرسوليّة برمج مبادراتٍ ليلتقي أعضاء ينتمون لخبرات حياةٍ مكرّسة وأخويّة من مختلف الكنائس. أشجّع بحرارة على هذه اللقاءات كي تتّسع المعرفة المتبادلة، والتقدير، والتعاون المتبادل، بحيث تكون مسكونيّة الحياة المكرّسة في مسارٍ أوسع نحو وحدة جميع الكنائس.
4- ولا يمكننا أن ننسى أنّ ظاهرة الحياة النسكيّة وتعابير الأخوّة الدينيّة الأخرى موجودة في كلّ الديانات الكبيرة. فالخبرات، حتّى المتعمّقة منها، في حوار الترهّب بين الكنيسة الكاثوليكيّة وبعض التقاليد الدينيّة الكبيرة ليست غائبة. أتمنّى أن تكون سنة الحياة المكرّسة مناسبة لتقييم المسار الذي تمّ التقدّم فيه، للفت انتباه الأشخاص المكرّسين إلى هذا المجال، ولنتساءل ما هي الخطوات الإضافيّة الواجبة نحو معرفة متبادلة ومتعمّقة، ومن أجل تعاونٍ في عددٍ من المجالات المشتركة في خدمة الحياة البشريّة.
السير معًا يغني دومًا، وقد يفتح طرقًا جديدة لعلاقاتٍ بين الشعوب والثقافات في هذا الزمن حيث مضايقات الصعوبات.
5- أوجّه كلامي أخيرًا إلى إخوتي في الأسقفيّة. فلتكن هذه السنة مناسبة لاستقبال الحياة المكرّسة استقبالاً قلبيًّا وبفرح، واعتبارها رأسمالٍ روحيّ يفيد كلّ جسد المسيح (را. نور الأمم، الرقم 43) وليس فقط العائلات الرهبانيّة. «الحياة المكرّسة هبة للكنيسة. إنّها تولد في الكنيسة، وتنمو في الكنيسة، وموجّهة بكاملها نحو الكنيسة» (S.E. Mgr J.M. Bergoglio, Intervention au Synode sur la vie consacrée et sa mission dans l’Église et dans le monde, 16ème Congrégation générale, 13 octobre 1994.). لذا، ولكونها هبة للكنيسة، فإنّها ليست واقعًا منعزلاً ولا هامشيًّا، بل تنتمي للكنيسة بحميميّة. إنّها في قلب الكنيسة كعنصرٍ حاسمٍ لرسالتها، حيث إنّها تعبّر عن الطبيعة الحميمة للدعوة المسيحيّة، وتوجّه كلّ الكنيسة العروس نحو الاتّحاد بالعريس الوحيد؛ فهي إذًا «تنتمي… بدون شكًّ لحياته وقداسته» (المرجع السابق، رقم 44).
في هذا السياق أدعوكم يا رعاة الكنائس الخاصّة لدعم مختلف المواهب في جماعاتكم، المواهب التاريخيّة أو الجديدة، وذلك بدعم وإحياء ومساعدة التمييز، وبتقرّبكم بحنانٍ ومحبّة من أوضاع الألم والضعف التي قد يجد بعض المكرّسين أنفسهم فيها، وخصوصًا تنوير شعب الله بتعليمكم حول قيمة الحياة المكرّسة بطريقةٍ يظهر فيها بهاء جمال الكنيسة وقداستها.
أسلّم لمريم، عذراء الإصغاء والتأمّل، وأوّل تلاميذ ابنها الحبيب، هذه السنة للحياة المكرّسة. فهي الابنة المحبوبة لدى الآب، التي لبست كلّ هبات النعمة، ونحن نعتبرها نموذجًا لا غنى عنه للشخص في محبّة الله وخدمة القريب.
أعترف منذ الآن معكم جميعًا بالنعمة والنور اللذَين يريد الربّ أن يغنينا بهما، وأرافقكم جميعًا بالبركة الرسوليّة.
الفاتيكان، 21 نوفمبر (تشرين الثاني) 2014، عيد تقدمة العذراء للهيكل.
فرنسيس.
ترجمة الأب سامي حلاق اليسوعي