أيُها الاخوة والأخوات،
تستمرُّ آلةُ الموت والتهجير والتطرُّف الديني الأعمى في عمليّة افراغ الشرق من مسيحييه وهي تستكملُ مخططها الجهنميَّ في العراقِ الحبيب، موطن ابراهيمَ الخليل ومهدِ التوحيد الذي عرف البشارة المسيحيّة مع انبلاج فجرها على يد توما الرسولِ شاهِد القيامة وتلميذَيه أديّ وماري.
منذ ابتداء ظاهرة النزوح الكثيف هذا، يستقبلُ لبنان وأبرشيةُ بيروت الكلدانية على وجه الخصوص تلك الأعداد الغفيرة من الذين تركوا منازلهم وقُراهم وأصولهم ليبحثوا عن ملجأٍ آمنٍ يقيهم شرّ الذُلّ والهوان أو حتّى الموت المحتّم.
الهجرةُ خيارٌ فرديٌّ وحرٌّ، ولكنَّ واجبنا ورسالتنا الأبويَّة يفرضان علينا تحذيركم من مغبّة الانجرار في تنفيذِ مخططٍ مخيفٍ أُريد له أن يبدّل جذريّاً خريطة الشرق المسيحي الذي منه سطعت على المسكونة شمسُ المسيحِ الإلهِ نورِ العالم!
أيُّها الأحباء،
اوضاعُ العراقيين في لبنان سيّئةٌ وهم بالنسبة الى الدولة سوّاحٌ ولا يتمتّعون بصفة اللجوء، كما هو متعارفٌ على مضمونها في دول العالم، لذلك فهم يعانون الأمرّين ريثما يتمُّ ترحيلُهم الى الدُول الغربيَّة المضيفة بواسطة مفوضيَّة الأمم المتحدة، إن تمَّ لهم ذلك.
العراقيون في لبنان ممنوعون عن العمل، وإن استطاعوا إليه سبيلاً ففي شروطٍ صعبةٍ للغاية ولقاء اجورٍ متدنّيةٍ… منهم زُجّوا في السجون المُظلمة بسبب عدم شرعية اوراقهم وغيرُهم أعيد ترحيلُهم الى موطنهم قسراً وسواهم يرزحون تحت نير الفاقة والمرض وشتّى المشاكل الاجتماعيّة، وما من مُعيلٍ أو مُجيبٍ يدرأ عنهم سيل الأخطار المحدقة بهم.
والى ذلك، فإنَّ أجور الشقق ادناها سبعمئة دولارٍ اميركيٍ شهرياً والطلبات المقدّمة الى مفوّضية الأمم المتحدة تستغرق وقتاً طويلاً ليُنظر فيها والمساعدات التي تقدّمُها أبرشية بيروت الكلدانية، على كثرتها وأهميّتها، تبقى بسيطةً وعاجزةً عن سدّ الحاجة في ظل غيابٍ شبه تامّ ٍ لدور الدولة اللبنانية والمؤسسات الاجتماعية الكبرى ودُول القرار في العالم… مع استمرار عدد اللاجئين بالنمو والتضخُّم وتراجُع المستوى الاقتصادي وتردّي الحالة الأمنية في لبنان هذه المُعطياتُ وسواها نضعُها في تصرُّف ابناء كنيستنا الكلدانية الراغبين بالهجرة الى لبنان، ومن هم فيه مُقيمون ولا يجرؤون على العودة الى ديارهم وأرض آبائهم، مذكّرين إياهم بأنَّ مناطق كثيرة في العراق آمنةٌ هي والخدماتُ مؤمّنةٌ من قبل الدولة على وجهٍ كاملٍ كما هو معلومٌ… ومن له أذنان للسماع ِ فليسمع!
† المطران ميشال قصارجي
رئيس الطائفة الكلدانية في لبنان