إن ولادة يسوع المسيح له المجد هي رسالة فرح وسلام ومحبة ولا تتحقق إلا من خلال الإنسان القريب والمحتاج. ولقد عاش السيد المسيح له المجد على الأرض وبشر بالسلام والمحبة، وسار تلاميذ السيد المسيح على خطى المعلم يبشرون بالسلام والمحبة والمسرة. لذلك لا يمكننا الحديث عن العيد المبارك هذه السنة دون أن نتذكر المهجرين العراقيين والسوريين وغيرهم الذين هجًروا من بيوتهم وسبيت أموالهم وتعرضوا للتعذيب.
بالرغم من أننا نعيش ظروف الحرب والقتل والتهجير التي يمر بها الوطن العربي، نلاحظ أن الأردن بلد يتميز بحالة من الحب والبذل والعطاء والانفتاح والترحيب بالضيوف الكرام لتمتعه بالسلام والأمن والأمان. فنجد أن هناك مبادرات خيرة كثيرة ومحاولات للتخفيف من المعاناة والحزن ورسم البسمة على وجه الأطفال.
يظهر في سماء الأردن قوس قزح علامة لميلاد جديد لحضارة المحبة والسلام والمشاركة بين جميع البشر من دون تميز بالعرق أو الجنس أو الدين، ويتساوى الجميع في الإنسانية. فاليوم، يشترك بعيد الميلاد رجال الدين والرعايا من المسيحيين والمسلمين، حيث يستضيفون المهجرين من عراقيين وسوريين وغيرهم في قاعات. وعلى مثالهم فلقد قامت مجموعة من طلاب المدارس الخاصة في عمان من المسلمين والمسيحيين بتوزيع الهدايا على الطلاب العراقيين بمناسبة العيد المجيد مما ترك إنطباع من السلام والفرح في قلوبهم.
لم تختلف الأجواء الاجتماعية والسياسية السائدة في زمن السيد المسيح له المجد عن الوقت الحاضر بالمقارنة مع الماضي. ففي هذه الأيام، يعيد التاريخ نفسه حيث هرب القديس يوسف الصديق ومريم العذراء والطفل يسوع المسيح من بيت لحم إلى مصر بسبب قتل هيرودس الملقب بالسفاح أطفال بيت لحم الأبرياء. ويسري ذلك على أطفال وعائلات المسيحيين المهجرين الذين هربوا من الحرب والقتل إلى الأردن بلد الملجأ والأمان.
وما يشعرنا بالأمل بأن هذه المبادرات من جلالة الملك حفظه الله ورعاه، والعائلة الهاشمية، والحكومة، والشعب تجاه الأخوة العراقيين يجعلهم يشعرون أنهم في بيوتهم. فعندما نساعد الآخر بالمال والمحبة والبسمة ونقف إلى جانبه عندها نعيش ميلاد السيد المسيح له المجد.
وفي الختام إنً عيد يسوع المسيح له المجد يمثل كل إنسان محتاج إلى رحمة الله وحنانه. ليس العيد بالمظاهر الخارجية من شراء الملابس واالتزين، بل هو بالإستعداد الداخلي والروحي. ونطلب من الله أن يعم السلام في الوطن العربي والعالم ويعيد كل مهجر إلى بلاده، ويحفظ الأردن سالما معافا في ظل جلالة الملك عبد الله الثاني حفظه الله ورعاه.
الأب الدكتور بسام شحاتيت
النائب الأسقفي العام لمطرانية الروم الكاثوليك