فتّش عن كل شيء ما خلا الله ! يقولون : مات الله ، فلا حاجة بنا إلى الإهتمام به ! كلا ، فالله لم يمت ! بل هو في نظر الكثير من أبناء العصر ضائع : أفلا يستحق أن نفتش عنه ؟
نفتش عن كل شيء ، عن الجديد والقديم ، عن الصعب والتافه ، عن الصالح والخبيث ، حتى لتقول : إن التفتيش هو ميزة عصرنا ! ولمَ لا نفتّش عن الله ؟ أليس الله قيمة ً تستحق أن نفتّش عنها ؟ أليس الله حقيقة تتطلّب معرفة أفضل من تلك المعرفة الاسميّة الدارجة على ألسنة الناس ؟ معرفة أفضل من بعض الممارسات الدينيّة المبنيّة على الخرافة والغرابة ، والتي يجب أن ننبذها لأنها خاطئة ، أو أن ننقّبها لأنها ناقصة ؟ معرفة أفضل من تلك التي تعتدّ بأنها كاملة ، فتتناسى أن الله سرٌّ لا يدرك ، وأن معرفته قضية حياة ، حياة أبديّة ؟
أليس الله ، كما يقولون ، قضيّة تمسّنا في الصميم ؟ جديرة ً بأن تحرّك تفكيرنا وضميرنا ومصيرنا ، ولا شكّ يوما ما ، لقاءنا الأبديّ والشخصيّ مع الله ؟
أفلا يكون الله قد أخفى ذاته ليحثّنا على التفتيش عنه بجهد وشغف ، وذلك بالنسبة إلينا أمرٌ مقضيٌّ حاسم ؟
وماذا لو كان الله نفسه هو المفتّش عنا ؟
( البابا بولس السادس 1963 – 1978)