في 15 أغسطس 2015، اصدر قداسة البابا فرنسيس وثيقتين (إرادتين رسوليتين) بخصوص إجراءات الدعاوي لبطلان الزواج في الكنيسة الكاثوليكية, واحدة تخص الكنيسة اللاتينية بعنوان “ربنا يسوع القاضي الوديع (العطوف)” والأخرى تخص الكنائس الشرقية الكاثوليكية بعنوان “يسوع الرحيم والوديع” وهي نصب اهتمامنا هنا.
في هذه الإرادة الرسولية، والتي ستطبق من 8 ديسمبر 2015، جدد قداسة البابا بطريقة عميقة الإجراءات التي تخص دعاوي بطلان الزواج، فيسر منها دون المساس بمبدئي الزواج الكاثوليكي: “الوحدة وعدم الانفصال أي الديمومة”. فهذه التجديدات تخص شكل الدعوى الخارجي من الإجراءات وتسهيلها كي يحصل الأشخاص على حقوقهم في أسرع وقت وبأيسر طريقة ومجانا. ولكن تبقى أسباب البطلان كما هي دون أي تغيرات.
نود فقط ذكر بعض الخصائص لهذه الوثيقة:
1. هذه الوثيقة تؤكد أولا وقبل كل شيء على دور الأسقف (المطران) المحلي وأهمية قربه الشخصي من مؤمنيه بالايبارشية. ففي أول مقاطع من الوثيقة يسترجع البابا فرنسيس، الدور الهام والأساسي لخدمة الأسقف، حيث انه قاضي وطبيب لكل إنسان مجروح من الخطيئة الأصلية وخطاياه الشخصية، وبالتوبة يسترجع عافيته ويتقبل من الله المغفرة والشفاء ويتصالح مع الكنيسة. والأسقف هنا هو أيقونة المسيح وخادم لهذه الرحمة الإلهية. وهنا ينبع دوره القضائي حيث يسترجع النفوس ويحملها إلى المشروع ألخلاصي لله.
2. يؤكد البابا بعد ذلك على أن كل ما سيذكره من تجديد هنا يتبع خطوات كل من سبقوه في هذه الخدمة البابوية للحفاظ على حقيقية الرباط الزوجي.
3. في القانون السابق كان يتطلب حكمين متطابقين بالبطلان كي يعتبر الزواج باطل. ولكن مع هذه الوثيقة يكتفي بحكم واحد فقط في الدعوى الابتدائية بالبطلان. (هنا نرى تيسير في الإجراءات وتسريع للأمر دون المساس بجوهر البطلان وسببه).
4. أصبحت المحكمة أو المجلس الروحي هو قاضي واحد في حالة البطلان: الأسقف أو من ينوب عنه بدلا من ثلاث قضاة في القانون السابق، (على ان يتأكد الأسقف من عدم الوقوع في خطر التساهل المفرط). وفي حالة الصحة تبقى مكونة من ثلاث قضاة.
5. يعود البابا ويطلب من الأساقفة في الايبارشيات المختلفة، كبيرة كانت ام صغيرة، أن لا ينتدبوا غيرهم في كل شيء يخص دعاوي بطلان الزواج ولكن أن يهتموا بها بأنفسهم كقضاة أيضا. وبالأحرى عندما يكون بطلان الزواج في الدعوى واضح منذ البداية.
6. البابا يدرك ان هذه الطريقة السريعة قد تضع في خطر مبدأ الديمومة وعند الانفصال للزواج، لذا أراد قداسته أن في هذه الحالة يكون المطران هو القاضي نفسه ولا ينتدب غيره.
7. يؤكد البابا على أهمية المجانية التامة لمثل هذه الدعاوي، لكي تظهر الكنيسة بصورتها كأم كريمة فيما يخص أمر هام كهذا لخلاص النفوس.
– مما لا شك فيه إن هذه الوثيقة تفتتح سنة يوبيل الرحمة التي أعلنها البابا للعام القادم، وهدفها بالأخص رعوي كي تشعر الجميع بقرب الكنيسة لهم وبالأخص لمن يتألموا من هذه الظروف.
بهذه الوثيقة يتغير التكوين الهيكيلي القضائي لكل ايبارشية بطريقة جذرية وبالأخص للايبارشيات التي لم يكن لديها مجالس روحية وكانت تشترك مع أخرى.
– في الختام ما هو النفع على المؤمنين من هذه الوثيقة؟ بالتأكيد بالنسبة للمؤمنين، لم تتغير مبادئ الزواج المسيحي، ولكن تيسرت الإجراءات بطريقة جذرية وسهلت على الأسقف ان يباشر الأمر بنفسه. بالفعل هذه الوثيقة أعطت روح إصغاء أعمق لكل محتاج، متألم من هذا الأمر، بطريقة أكثر سرعة.
فلتكن هذه الوثيقة بكل تجديداتها باب جديد للرحمة، تفتحه تلك الأم الرحيمة: الكنيسة