مع اقتراب موعد زيارة البابا فرنسيس إلى الولايات المتحدة الأمريكية والتي ستتخللها كلمة يُلقيها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في الخامس والعشرين من أيلول سبتمبر الجاري أجرت إذاعة الفاتيكان ـ بالتعاون مع صحيفة لا ستامبا الإيطالية ـ مقابلة مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أكد فيها هذا الأخير أنه يتطلع إلى هذه الزيارة الهامة بحماسة كبيرة لافتا إلى أنه سيلتقي بالبابا للمرة الرابعة لكنها أول زيارة سيقوم بها البابا برغوليو إلى مقر الأمم المتحدة. ولفت بان كي مون إلى تواضع البابا فرنسيس وإنسانيته الكبيرة معتبرا أنه يتمتع بسلطة أخلاقية كبيرة في عالم اليوم الذي يشهد كما كبيرا من الصراعات، ناهيك عن الأعداد الهائلة للاجئين والمهاجرين وانتهاكات حقوق الإنسان ومشكلة التبدلات المناخية، وقال: إننا بحاجة إلى صوت قوي يذكر الجميع بالقيم الخلقية. ولفت المسؤول الأممي إلى أنها المرة الأولى التي سيزور فيها حبر أعظم مقر الأمم المتحدة أثناء انعقاد الجمعية العامة، لذا سيتمكن البابا فرنسيس من مخاطبة أكثر من مائة وخمسين من رؤساء الدول والحكومات في العالم.
وفي رد على سؤال بشأن أزمة المهاجرين واللاجئين في أوروبا شاء الأمين العام للأمم المتحدة أن يحيي مبادرة التضامن التي أطلقها قادة الدول الأوروبية، لكنه أعرب في الوقت نفسه عن رغبته بأن يفعل هؤلاء الأشخاص المزيد خصوصا إزاء خطورة الأزمة الراهنة. وقال إن هؤلاء الأشخاص يهربون من الحروب والاضطهادات لذا من الأهمية بمكان أن توفّر لهم الحماية الملائمة وفي أسرع وقت ممكن لافتا إلى أن التحدي الذي تواجهه أوروبا اليوم هو فريد من نوعه في العالم كله، كما عبر عن أمله بأن تبدي البلدان الأوروبية، وهي الأغنى في العالم من الناحية الاقتصادية، تعاضدا مع ضحايا الأزمة الإنسانية.
وفي سياق حديثه عن الأوضاع المتأزمة في سورية، أكد بان كي مون أنه لا يوجد أي حل عسكري للحرب الدائرة في البلد العربي. وقال: إنهم يقاتلون منذ أكثر من أربع سنوات ونصف السنة، فقد قُتل مائتان وخمسون ألف شخص، فيما وصل عدد اللاجئين إلى أربعة ملايين وتعني الأزمة بشكل مباشر اثني عشر مليون شخص. وذكّر المسؤول الأممي بأنه دعا في أكثر من مناسبة إلى حل الأزمة السورية من خلال الحوار السياسي. وذكّر بالاتفاق الذي تم التوصل إليه في جنيف في حزيران يونيو 2012 والمبادرات الأممية التي تلته وتشكل بحد ذاتها محاولة لتوسيع الفضاء السياسي من أجل حل الأزمة. ووجه بان كي مون دعوة ملحة إلى البلدان الخمسة الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي كي تجتمع وتُظهر وحدة النوايا في هذه المرحلة الصعبة.
وفي إجابة على سؤال بشأن الأوضاع الصعبة التي يعيشها المسيحيون في الشرق الأوسط وإمكانية أن تتدخل منظمة الأمم المتحدة لتوفر الحماية لهم، قال بان كي مون: يجب ألا يُمارس التمييز ضد أي كان أكان استنادا إلى الدين أم الانتماء العرقي، لافتا إلى أنه من غير المقبول أن يتعرض الأشخاص للتمييز بسبب معتقداتهم الدينية لاسيما عندما يتعلق الأمر بالمهاجرين واللاجئين الذين يستحقون المعاملة بإنسانية ومسؤولية استنادا إلى المعاهدة الدولية للاجئين والقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان. من هذا المنطلق ـ قال المسؤول الأممي ـ أجدد دعوتي للقادة الأوروبيين كي يفتحوا حدودهم، ويقدموا المساعدة الإنسانية الضرورية.
وفي معرض حديثه عن الجمعية العمومية المقبلة للأمم المتحدة أكد بان كي مون أن قادة العالم سيتوافدون إلى نيويورك من أجل تبني أجندة التنمية لما بعد العام 2015 والتي تتضمن سبعة عشر هدفا مرتبطا بالتنمية المستدامة. ورأى أن هذه الأهداف تمثل نظرة للتغيير من أجل جعل هذا العالم أفضل بالنسبة للجميع يتمكن فيه سكان الأرض كافة من العيش بكرامة وتناغم مع الطبيعة ومع كوكب الأرض. ختاما وفي رد على سؤال بشأن الاتفاق النووي بين الجماعة الدولية وإيران قال الأمين العام للأمم المتحدة إنه رحب بهذه الخطوة معتبرا أن الاتفاق صارم وقادر على منع إيران من حيازة السلاح النووي في المستقبل المنظور، وأعرب عن أمله بأن تصدق كل الأطراف المعنية على هذا الاتفاق لافتا إلى أن المنظمة الأممية مستعدة للإشراف على تطبيقه من خلال الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وختم مطمئنا أن هذه الخطوة ستساهم هي أيضا في حمل السلام والأمن إلى الشرق الأوسط وأبعد منه