الكلمات تعجز عن التعبير أمام هذا المشهد. فرغم الطوق الأمني الذي فُرض على المربع المحيط بساحة النجمة في وسط بيروت، وبالرغم من تسلل أشخاص بين المتظاهرين عمدوا الى استفزاز القوى الأمنية بعبارات خادشة للحياء، وحضّوا المتظاهرين على استعمال العنف وخرق الحواجز الأمنية ورمي زجاجات المياه بإتجاه القوى الامنية، إلاّ أنّ لغة الإنسانية تبقى أقوى من أيّ تلاسن وتشابك.
هذا المشهد في محيط ساحة الشهداء قابله ظهور العنصر النسائي في قوى الأمن الداخلي للمرة الأولى منذ بدء الحراك المدني في خطوة لمكافحة المتظاهرات اللواتي حاولن تجاوز العوائق الحديدية، ونالت المتظاهرة ماريا بو روفايل حصة من التدافع.
والجديد الذي سجّل اليوم هو اعتقال عشرات المحتجيّن وهو ما يعتبر النسبة الأكبر منذ بدء الحراك، وذلك نتيجة صدام واشتباكات ما دفع بالقوى الأمنية إلى الاعتداء بالضرب على المتظاهرين واعتقال عدد منهم من بينهم بعض المضربين عن الطعام.
وعلى وقع الشعارات المطالبة برحيل الطبقة السياسية، تزامن الاعتصام وانعقاد جلسة الحوار الثانية في مجلس النوّاب وكان الهدف الرئيسي للمنظمين هو منع دخول أطراف الحوار إلى الجلسة ومنعهم من الخروج إذا تمكّنوا من الدخول. إلاّ أنّ استقدام تعزيزات أمنية إضافية إلى ساحة للشهداء منع المنظمين من تحقيق أهدافهم، فكانت عمليات الكرّ والفرّ تخرق لحظات الهدوء، مع وتسجيل حالات إغماء وإصابات جراء التدافع، فبدا المشهد وكأنّ القوى الأمنية تضرب طوقا أمنيا وتحاصر المتظاهرين.
وكان أهالي العسكريين المخطوفين انضموّا إلى المعتصمين حيث شددوا على أنّ قضية أبنائهم “أهم من كل ملفات البلد”. ورأوا أنّ السياسيين اجتمعوا على النفايات ولم يستطيعوا أن يحرروا العسكريين المخطوفين داخل عرسال ورددوا شعارا:” هالدولة لو فيها الرجال ، جابوا العسكر من عرسال”.
وأمام مشاهد الغوغائية هل تحوّل الحراك عن أهدافه؟ يؤكد منظّم الحراك عماد بزّي: أنّ الحراك لم يتحوّل أبدا عن هدفه الأساسي لافتا إلى أنّ خطة النفايات التي أقرّتها الحكومة لا تأخذ بعين الاعتبار دراسة الخبراء البيئيين منتقدا عدم اعطاء الدور للبلديات وتوكيل مجلس الإنماء والإعمار بأزمة النفايات وهو المتهم الرئيس بقضايا فساد.
فهل ما يحدث هو مُجرّد إستغلال لأوجاع ومآسي وقهر اللبنانيّين، وهل من يخطط لإثارة الفوضى أثناء التظاهرات لإفشال الحراك وتحويله عن محاسبة الفاسدين؟
https://www.youtube.com/watch?v=4dWdvWy85d8
