بدأ البابا فرنسيس عظة القداس الإلهي الذي احتفل به في ساحة الثورة في لا هابانا معلقًا على السؤال الذي يطرحه يسوع على تلاميذه في إنجيل اليوم: “عما كنتم تتحدثون فيما بينكم”، قائلاً بأن هذا السؤال قد يبدو فضوليًا. وهذا السؤال يتوجه إلينا اليوم فنحن أيضًا ربما نتساءل من هو الأهم في ما بيننا. هذا السؤال يرافقنا كل حياتنا لأنه محفور في قلوبنا. وتاريخ البشرية قد طُبع انطلاقًا من الجواب الذي نقدمه لهذا السؤال.
سؤال يسوع لا يحكم على القلب البشري بل يرافقه كمربي البشرية لكي يصل إلى أفق جديدة. أفق يسوع يُقدم لحياة كل يوم لكي يعطي لكي يوم نكهة أبدية.
ويسوع يجيب على السؤال فيقول: “من أراد أن يكون الأول، فليكن آخر الجميع وخادم الجميع”. الأول هو ليس من يستخدم بل من يخدم. هذه هي مفارقة يسوع الكبرى. فالتلاميذ يتناقشون من سيكون المفضّل والأول. وكانوا التلاميذ، أي المقربين من يسوع! ويسوع ينتزعهم من هذا المنطق ويعلمهم بأن الحياة الحقة تتحقق من خلال الخدمة، من خلال التكرس للقريب.
هذا وتحدث البابا عن الوجوه الملموسة لتجسيد هذه الخدمة، فهي خدمة للفقراء في عائلاتنا وفي مجتمعنا. هي أن نعتني بأشخاص من لحم ودم يدعونا يسوع عينه إلى أن نحميهم، نعتني بهم ونخدمهم. “أن نكون مسيحيين يعني أن نخدم كرامة إخوتنا”. المسيحي مدعو دومًا أن يتخلى عن أحلام العظمة وأن يقوم بخدمة تفيد الآخرين. فهناك تجربة تتعرض لها الخدمة وهي أن نستخدم الآخرين وأن يفيد الأنا باسم النحن. ويولد بهذا الشكل دينامية تستثني الأشخاص.
الخدمة توجه الانتباه دومًا نحو وجه الأخ وتترك البعد الإيديولوجي الذي لا يخدم فكرة بل يخدم الأشخاص. ولذا دعا البابا الكوبيين إلى خدمة الإخوة، إلى الانتباه إلى وجه الآخر الحاضر بالقرب منا. ودعا المؤمنين لكي يكونوا شهودًا للقيامة التي تشع في العالم.
أهمية الشخص البشري تظهر في كيف يخدم ضعف إخوته. وهنا نجد بذور إنسانية جديدة. وختم بالقول: “من لا يعيش ليخدم، لا قيمة لعيشه”.