استهل البابا عظته بالقول: “نحتفل اليوم بعيد الإنجيلي متى الرسول. نحن نحتفل بقصة الإرتداد. متى بنفسه في الإنجيل قال لنا أن هذا اللقاء غيّر حياته، كان متى جالساً على المائدة يتناول طعامه فإذا بيسوع يمر به ويقول له اتبعني…”تابع البابا قائلا أن يسوع نظر الى متى وكم قوي كان ذاك الحب الذي حملته نظرته لتحمل متى على القيام بما قام به. نحن جميعاً نعلم أن متى كان يجمع الضرائب من الناس ليمنحها للرومان. كان العشارون بمثابة خطأة بنظر الناس، فكانوا يعيشون بالعزلة والجميع كان يكرههم لأنهم كانو يعتبرونهم خونة.
أما من جهة يسوع فلم يمر بمتى مرور الكرام بل توقف ونظر اليه نظرة ملؤها سلام وهدوء، نظر اليه نظرة رحمة كما لم ينظر اليه أحد البتة وهذا ما فتح قلب متى وحرره وشفاه وأعطاه الرجاء والحياة الجديدة كما حدث مع مريم المجدلية وبطرس وزكا وكل واحد منا. شدد الأب الأقدس على أننا ولو لم نجرؤ على النظر الى الرب هو ينظر الينا وكل واحد منا هذه هي قصته يمكننا القول أننا خطأة ولكن يسوع ينظر الينا. سأل البابا الحاضرين أكانوا في منازلهم أم في الكنيسة أن يتأملوا دقيقة ويسترجعوا هذه اللحظات بامتنان تلك اللحظات التي لمسوا بها رحمة الله في حياتهم.
أكمل البابا عظته قائلا أن محبة يسوع تسبق حاجاتنا لأنه يرى خلف ما يظهر منا وخلف خطيئتنا وخلف فشلنا، هو يرى ما يتواجد أبعد من مكانتنا الاجتماعية، يرى كرامتنا، وهو أتى ليجلب كل الذين يشعرون بأنهم لا يستحقون الله والآخرين. فلنسمح ليسوع بالنظر الينا، فلنسمح لهذه النظرة أن تكون فرحنا ورجاءنا.
ثم قال الحبر الأعظم أن بعد أن نظر الرب الى متى قال له اتبعني فقام وتبعه فبعد النظرة إذا قال كلمة وبعد المحبة رسالة، وهنا متى لم يعد نفسه بل تغير من الداخل. أكد البابا أن اللقاء مع يسوع ومحبته ورحمته غيروا متى، فترك وراء الطاولة المال فبعد أن كان يأخذ من الآخرين المال اليوم مع يسوع نهض وأعطى من نفسه للآخرين.
بعدما نظر يسوع الى متى قبل متى فرح الخدمة، فنظرة يسوع ترفع النشاط التبشيري وبذل الذات للآخرين ومحبة يسوع تشفي ضيق بصرنا وتدفعنا للنظر الى البعيد وألا نكتفي بالمظاهر أو بالسياسة الصحيحة فيسوع يسير أمامنا ويفتح لنا الطريق لنلحق به هو يدعونا ببطء لنتغلب على ما يشغلنا ونفهم أننا يمكننا أن نتغير. الى جانب ذلك أوضح البابا أن يسوع يتحدانا يوميًّا ويسألنا: “هل تؤمن؟” هل تؤمن أن جامع الضرائب يمكن أن يصبح خادما، هل تؤمن بأن الخائن يمكن أن يصبح صديقاً؟ هل تؤمن بأن ابن النجار هو ابن الإنسان؟ هذه الأشياء تغير نظرتنا الى الأمور وتغير قلوبنا، الرب هو أب يبحث عن خلاص أولاده.
حث البابا المؤمنين أن يجتمعوا حول الله بالصلاة في الإفخارستيا والاعتراف وأن يكونوا الى جانب كل المنبوذين ولنتعلم أن ننظر اليهم كما ينظر يسوع الينا برحمة مثلا للمرضى والمساجين، ونحن مدعوون لأن نتعلم من يسوع الذي يرى الحقيقة في كل شخص الذي هو على صورة الآب.
أخيراً، تحدث البابا عن الجهود المبذولة في كوبا لحمل كلمة المسيح وحضوره للجميع بخاصة في بيوت الرسالة التي تفتح أمام الناس للصلاة ولسماع كلمة الله وهذه علامات صغيرة على حضور الله في الأماكن المجاورة لنا. “ها أنا أرفع نظري اليوم نحو العذراء مريم سيدة المحبة في إل كوبريه التي تفتح لها كوبا أبوابها للأبد، أنا أسألها أن تنظر بحب والدي نحو جميع أولادها في هذا البلد، فلتحم نظراتها المليئة بالرحمة جميعكم ومنازلكم وعائلاتكم وكل الذين يشعرون بأنهم لا يملكون أي مكان. فلتحم الجميع بمحبتها ولتحافظ عليهم كما كانت تهتم من قبل بيسوع.”