نتساءل دائمًا ما معنى الحب فيأتي الجواب بسيطًا بالرغم من أنّه غير محصور. قال لي أحد الأصدقاء بأنّ أحد دكاترة الكتاب المقدّس وهو مشهور جدًّا في لبنان بأنّه بنى دراسة الدكتوراه خّاصته على كلمة محبّة. أحب كتابتها بأسطر مجربًا توضيحها لبرهة.
يعرّف الحبُّ على أنّه هو شعور بالانجذاب والإعجاب نحو شخص ما، أو شيء ما، وقد ينظر إليه على أنه كيمياء متبادلة بين إثنين، ومن المعروف أن الجسم يفرز هرمون الأوكسيتوسين المعروف بـ “هرمون المحبين” أثناء اللقاء بين المحبين. وتم تعريف كلمة حب لغوياً بأنها تضم معاني الغرام والعله وبذور النبات, ويوجد تشابه بين المعاني الثلاث بالرغم من تباعدها ظاهرياً… فكثيراً ما يشبّهون الحب بالداء أو العله، وكثيرا أيضاً ما يشبه المحبون الحب ببذور النباتات؛ أما غرام، فهي تعني حرفياً : التَعلُّق بالشيء تَعلُّقاً لا يُستطاع التَخلّص منه. وتعني أيضاً “العذاب الدائم الملازم” والمغرم : المولع بالشيء لا يصبر على مفارقته. وأُغرم بالشيء : أولع به. فهو مُغرم
“الله محبّة”، “ليحب بعضكم بعضًا”. قبل البلوغ إلى هذه القمة من الوحي في العهد الجديد، يجب على الإنسان أن يطهّر جميع تصّوراته البشرّية المحضة، التي يكوّنها عن الحب، لكي يتقبّل سرّ الحب الإلهي، ذلك الحبّ الذي يمرّ بالصليب. وفي الواقع، تتخذ المحبّة مظاهر مختلفة: جسدية أو روحية، مندفعة أو مترويّة، عميقة أو سطحية، بنّاءة أو هدّامة. تنعطف المحبّة نحو شي شهيّ، نحو حيوان، أو زميل في العمل، أو صديق، نحو الأهل أو الأولاد، وأخيرًا نحو المرأة. هذه المعاني كلها لا تخفي على الإنسان، كما يصوّرها لنا الكتاب المقدّس (مجموعة من الكتّاب، 1986، صفحة 711). في سفر التكوين يتجلّى الحب عبر الخلق وفي سفر نشيد الأناشيد تتجلىّ قمّة السفر في شرح بأن الحبّ هو حب نوع آخر وهو حبّ عذري.
الحبّ هو الإنفتاح نحو الشخص الآخر فكما تقول الأم تريزيا الأفيلية ” المهمّ ليس أن تفكّر كثيرًا، بل أن نحبّ كثيرًا” وفي مكان آخر” لا نربح الله، إلاّ بالحبّ” فالحب يدخلنا إلى ذواتنا لفها ومن ثمّ يجعلنا ننتقل إلى الله “المهّم قبل كل شيء هو أن ندخل إلى ذواتنا لكي نكون وحدنا مع الله” والله هو محبّة فمن فيض هذه المحبّة خلقنا. نهايةً أريد أن أعطي أكثر شخصية بالتاريخ أحبتنّا أكثر من حبنا لأنفسنا ألا وهو مخلّصنا يسوع المسيح فقد أحبّنا لدرجة بذله لذاته على الصليب من أجل عروسه الكنيسة المقدّسة الرسولية ومن أجلك أنت وحدك. لقد أحبّك يسوع قبل أن تولد، لقد أحبّك أكثر من التي ولدتك، حبّ المسيح لنا هو المتمحّص في النار، فقد تجلّت بالتضحية التي بذلها المسيح لنا. اكثر من حبيبك وأكثر من حبّك لنفسك، هل يا ترى ألا يمكننا تسمته الحبّ العجيب الذي خلّص العالم؟