هذه مصاعب الحياة المكرسة بحسب البابا

البابا فرنسيس يحتفل بصلاة الغروب مع الكهنة والمكرسين والإكليريكيين

Share this Entry

ترأس قداسة البابا فرنسيس عصر أمس الخميس بالتوقيت المحلّي صلاة الغروب مع الكهنة والرهبان والراهبات والاكليريكيين في كاتدرائية القديس باتريك في نيويورك وللمناسبة ألقى الأب الأقدس عظة استهلها بكلمات القديس بطرس وقال “إنَّكم تَهتَزُّونَ لَه فَرَحًا، معَ أَنَّه لابُدَّ لَكم مِنَ الاِغتِمام حينًا بِما يُصيبُكم مِن مُختَلِفِ المِحَن” (1 بط 1، 6). تذكِّرنا هذه الكلمات بشيء جوهري وهو بأن دعوتنا تُعاش في الفرح.

تابع البابا فرنسيس يقول لقد جئت في هذا المساء أيها الإخوة والأخوات الأعزاء لأصلي معكم لكي تستمر دعوتنا في بناء ملكوت الله في هذه البلاد. أعرف أنكم، كجسم كهنوتي، وإزاء شعب الله، قد تألّمتم كثيرًا مُحتملين العار الذي سبّبه العديد من الإخوة الذين جرحوا وشكّكوا الكنيسة في أبنائها الضعفاء… وكما في سفر الرؤيا أقول لكم بأنكم “أتيتم من الضيق الكبير”. إنني أرافقكم في زمن الألم والصعوبة هذا؛ كما أشكر الله على الخدمة التي تقومون بها من خلال مرافقتكم لشعب الله. ولأساعدكم في متابعة مسيرتكم في الأمانة ليسوع المسيح، سأتأمّل معكم حول أمرين صغيرين.

الأول، تابع الأب الأقدس يقول، ويتعلّق بروح الامتنان. إن فرح الرجال والنساء الذين يحبون الله يجذب إليهم آخرين؛ وبالتالي فإن الكهنة والمكرسين مدعوون ليجدوا فرح دعوتهم وينشروه على الدوام. فالفرح ينبع من قلب مُمتن. صحيح أننا نلنا الكثير من النعم والبركات ونحن نفرح بهذا الأمر. سيساعدنا أن نستعرض حياتنا مع نعمة الذاكرة. ذكرى تلك الدعوة الأولى، ذكرى المسيرة التي اتخذناها وذكرى النعم التي نلناها… ولاسيما ذكرى لقائنا بيسوع المسيح في مراحل عديدة خلال مسيرتنا وذكرى الدهشة التي ولّدها هذا اللقاء في قلبنا. لنطلب إذًا نعمة الذكرى لنُنمّي فينا روح الامتنان.

أضاف الحبر الأعظم يقول أما الثاني فهو روح العمل. إن القلب الممتن يندفع تلقائيًّا لخدمة الرب واتّخاذ أسلوب حياة عاملة. فعندما نتيقّن لما منحنا الله إياه تصبح مسيرة التخلي عن أنفسنا لنعمل من أجله ومن أجل الآخرين دربًا مميّزة للإجابة على محبّته العظمى. لكننا نعرف جيّدًا كم هو سهل أن يتمّ خنق روح العمل السخي والتضحية هذا. هناك أسلوبان ليُصار إلى هذا الخنق وكلاهما مثال “لروحانية العالم” التي تضعفنا في مسيرتنا كرجال ونساء مكرّسين وفي مسيرة الخدمة وتحطُّ من قيمة دهشة اللقاء الأول مع يسوع المسيح. يمكننا أن ننخدع في قياس جهودنا الرسوليّة بمقاييس الفعّاليّة والأداء الوظيفي والنجاح الخارجي الذي يسيطر على عالم الأعمال، ولكن القيمة الحقيقيّة لعملنا الرسولي تُقاس بقيمته في عيني الله. ينبغي علينا أن ننظر للأمور ونقيّمها بحسب منظار الله الذي يدعونا إلى ارتداد مستمرّ وتواضع كبير. إن الصليب يُظهر لنا أسلوبًا مختلفًا في قياس النجاح: ينبغي علينا أن نزرع والله هو الذي يرى ثمار أتعابنا. وإن لم تُثمر أتعابنا وأعمالنا أحيانًا لنتذكّر أننا نتبع يسوع المسيح… وحياته، بحسب وجهة النظر البشريّة، قد انتهت بفشل: فشل الصليب.

يبقى خطر أخير، تابع البابا فرنسيس يقول، وهو عندما نعتقد أنه إن أحطنا أنفسنا برفاهية العالم سنتمكن من تأدية خدمة أفضل. إن مشكلة أسلوب التفكير هذا تكمن في أنه بإمكانه أن يخنق قوّة دعوة الله اليوميّة لنا للارتداد واللقاء به. وشيئًا فشيئًا يضعف روح التضحية والتخلي والعمل. ويُبعد عنا الناس الذين يتألمون بسبب الفقر المادي ويُجبرون على القيام بتضحيات أكبر من تضحياتنا بدون أن يكونوا مكرّسين. الراحة هي ضرورة كما أيضًا أوقات الفراغ، لكن علينا أن نتعلّم كيف نرتاح أي بطريقة تساعدنا على تعميق رغبتنا في الخدمة بشكل سخيّ. إن القرب من الفقراء واللاجئين والمهاجرين والمرضى والمُستغلّين والمُسنّين الذين يُتألّمون بسبب الوحدة، والمساجين سيعلّمنا نوعًا آخر من الراحة أكثر مسيحيّة وسخاء.

أضاف الحبر الأعظم يقول امتنان وعمل: هذان هما عمودا الحياة الروحية اللذين أردت أن أُشارككم بهما في هذا المساء. أشكركم على الصلاة والنشاطات والتضحيات اليومية التي تقدمونها في مختلف مجالات عملكم الرسولي؛ مُعظمها يعرفها الله وحده ولكنها تحمل ثمارًا كثيرة لحياة الكنيسة. أرغب بالتعبير بشكل خاص عن إعجابي وامتناني للراهبات في الولايات المتحدة. نساء قويّات ومُكافِحات، يتمتّعن بروح الشجاعة الذي يضعكنَّ في الصفوف الأولى لإعلان الإنجيل. أتوجّه إليكنَّ، أنتنَّ أيتها الراهبات، أخوات وأمّهات هذا الشعب بشكر كبير وأقول لكنَّ أنني أحبكن كثيرًا.

وختم البابا فرنسيس عظته بالقول لنضع بين يدي مريم العمل الذي أوكل إلينا، ولنتّحد معها بالشكر للرب على العظائم الكبيرة التي صنعها ويستمر في صنعها فينا وفي الذين مُنحنا الامتياز بخدمتهم.       

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير