في ذَلِكَ ٱلزَّمان، كانَت جُموعٌ كَثيرَةٌ تَسيرُ مَعَ يَسوعَ فَٱلتَفَتَ، وَقالَ لَهُم: *
«مَن أَتى إِلَيَّ وَلَم يَرغَب عَن أَبيهِ وَأُمِّهِ وَٱمَرأَتِهِ وَبَنيهِ وَإِخوَتِهِ وَأَخواتِهِ، بَل عَلى نَفسِهِ أَيضًا، لا يَستَطيعُ أَن يَكونَ لي تِلميذًا. *
وَمَن لَم يَحمِل صَليبَهُ وَيَتبَعني، لا يَستَطيعُ أَن يكونَ لي تِلميذًا. *
فَمَن مِنكُم، إِذا أَرادَ أَن يَبنِيَ بُرجًا، لا يَجلِسُ قَبلَ ذَلِكَ وَيَحسُبُ ٱلنَّفَقَة، لِيَرى هَل بِإِمكانِهِ أَن يُتِمَّهُ، *
مَخافَةَ أَن يَضَعَ ٱلأَساسَ وَلا يَقدِرَ عَلى ٱلإِتمام، فَيَأخُذَ جَميعُ ٱلنّاظِرينَ إِلَيهِ يَسخَرونَ مِنهُ، *
وَيَقولون: هَذا ٱلرَّجُلُ شَرَعَ في بِناءٍ وَلَم يَقَدِر عَلى إِتمامِهِ. *
أَم أَيُّ مَلِكٍ يَسيرُ إِلى مُحارَبَةِ مَلِكٍ آخَر، وَلا يَجلِسُ قَبلَ ذَلِكَ فَيُفَكِّرُ لِيَرى هَل يَستَطيعُ أَن يَلقى بِعَشَرَةِ آلافٍ مَن يَزحَفُ إِلَيهِ بِعِشرينَ أَلفًا؟ *
وَإِلّا أَرسَلَ إِلَيهِ وَفدًا، ما دامَ ذَلِكَ ٱلمَلِكُ بَعيدًا عَنهُ، يَسأَلُهُ عَن شُروطِ ٱلصُّلح. *
وَهَكَذا كُلُّ واحِدٍ مِنكُم لا يَتَخَلّى عَن جَميعِ أَموالِهِ لا يَستَطيعُ أَن يَكونَ لي تِلميذًا. *
*
غالبًا ما تبدأ الحياة الروحية بخبرات غنية ومليئة بالتعزيات، فنجد سلامًا كنا فقدناه، ونستعيد نظرة متكاملة للوجود بعد بؤس حياة مشرذمة. ولكن إذا ما نظرنا جيدًا، الغاية في كل هذا أبقى أنا، وإذا ما اقتصرت الخبرة على هذا الأمر، أضحي “أنا” سجنًا لذاتي يحصرني في إطار ما هو مخلوق ومتناهي. يدعوني يسوع للانفتاح على المطلق، على اللامتناهي. هذا هو معنى “الكره” الذي يتحدث عنه هذا الإنجيل (وقد أحسن المترجمون في بعض الترجمات أن يستبدلوا “الكره” بتفسيره فهناك من يترجم مؤولاً: “يرغب عن ذاته”). بالطبع يسوع لا يطلب منا أن نكره أهلنا ونعصي الوصية الرابعة. ولا أن نكره ذواتنا وذاتنا هي مقياس محبة القريب (أحبب قريبك كنفسك). ما يطلبه منا، لا بل ما يعرضه علينا هو أن نتحرر من القيود، أن نُحلّق نحوه، أن نتنفس ونجعل علاقاتنا تتنفس في إطار الروح (وبالعبرية كلمة “رواح” تعني ريح وروح في آن). يدعونا يسوع لكي ننمي ونبني قصرنا الداخلي على صورة الله وأن ننتصر في المعركة ضد الأنانية التي تقف حاجزًا بيننا وبين الله.