Robert Cheaib - Theologhia.com

ما معنى "يجب" في الآية: " يجب على ابن الإنسان أن يعاني آلأما شديدة ، وأن يُرذل ويُقتل " (مرقس 8 : 31 )

ما معنى ” يجب ” ؟ لقد سعى كلّ كتّاب العهد الجديد ولا شكّ إلى الإصداء لسرّ موت ابن الله . فالصليب ، وقد استنار بالقيامة ، هو المكان الذي فيه يتجلّى مخطّط الله بشكل كامل . ومرقس – وهو الإنجيليّ الأٌكثر […]

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ما معنى ” يجب ” ؟ لقد سعى كلّ كتّاب العهد الجديد ولا شكّ إلى الإصداء لسرّ موت ابن الله . فالصليب ، وقد استنار بالقيامة ، هو المكان الذي فيه يتجلّى مخطّط الله بشكل كامل . ومرقس – وهو الإنجيليّ الأٌكثر قربًا من بولس – شاء هو أيضا ، أن يدلي بتقرير عن ” عثرة الصليبْ ” ، عن ” جنون الصليبْ ” (1 قور 1: 23 – 25).
من هو يسوع ؟
بوسعنا أن نقرأ إنجيل مرقس برمّته بصفته طريقا إلى إكتشاف ” يسوع  ، المسيح ، ابن الله  والإعتراف به (العنوان 1 :1 ) . وهذه الهويّة – وكان بوسع الآب وحده أن يكشفها ( في العماد وفي التجلّي)- لم تعلن على لسان إنسان، إلاّ إزاء يسوع المعلق على الصليبْ (قائد المئة 15 : 39 ) .وكان مرقس ، من قبل ، قد قدّم يسوع بصفته إنسانا لكلّ معنى الكلمة ، مع غنى  الواقع البشريّ وحدوده ، ولكن : إنسانا محيّرا يلفّــــــه السرّ . فعلى السؤال ” مَن هو ؟ ”  تصبح خاطئة أو ناقصة كلّ الإجابات التي يقترحها  الذين التقوا به .
السرّ المشيحانيّ
لا يكفي ، إذن ، أن نقول إنه المسيح لنكون قد عرفناه حقا . وهذا هو المعنى الذي يتضمّنه ما يدعى ، لدى مرقس ، ” السرّ المسيحانيّ ” . فالمرضى المعافون يتلقون  الأمرَ بالصمت ، إذ يخيّل إليهم ، أنّ المسيح ساحر سوف يبدّل الوضع البشريّ بكبسة زرّ ! . وحتى بطرس الذي رأى في يسوع شخص المسيح ، تلقّى أمرًا بالسكوت . فيسوع ليس ذاك المدعى بإنتصار يحلم به ، لذا يقوم بالإنباء الأوّل عن آلامه ( مر 8 : 31 ) . وحتى الشياطين الذي يعرفون من هو يسوع – وهم ليسوا تلاميذ – يفرض عليهم الصمت . وبعد التجلّي ، كان على بطرس ويعقوب ويوحنا ألا يخبروا بشيء ممّا رأوه : إلا متى قام ابن الإنسان من بين الأموات ” ( 9 : 9) . وفي تلك الأثناء ، سيكونونَ شهودًا لنزاع يسوغ ولصلاته المتضايقة : ” أبّا ، يا أبت ِ … أصرف عنّي هذه الكأس ” (14 : 36) .
الكشف
في المحاكمة أمام السنهدريم ، كشفَ يسوع النقاب عن هويّته الحقيقيّة . فعلى سؤال عظيم الكهنة ”  أأنت ابن الله (المبارك)؟ ” أجاب يسوع مؤكّدا بشكل إحتفاليّ ”  أنا هو ” (14 : 62) . وسيكون بوسع قائد المئة ، لدى رؤية يسوع  قد مات ، أن يعلن : حقا كان هذا ابن الله .  فلا أحد يعرف من هو يسوع ، ولا مَن هو الله ، إلا عند أقدام الصليبْ . وهكذا يصبح السؤال الإفتتاحيّ مقلوبــــــــــــــــــًأ : فليس السؤال : لماذا يجب على ابن الله أن يصلب ؟ وإنّما : المصلوب هو ذاته ابن الله .
وهكذا أصبح الصليب ضروريّا لكي نتخلّى ، بشكل ٍ نهائيّ ، عن كلّ صورنا الخاطئة عن الله : وكأن نريد إلها ينتصرُ في القوّة ، ومسيحًا يغلب أعداءه . وإذا كان الله قد انتصر بيسوع ، فذلك أوّلا لأنه أصبح ” ضحيّة ” . إنه يحوّل معنى الموت حين يخضع له، ويخرج منه الحياة .  تلك هي جدّة لا نظيرَ لها ، أقلّه في الظاهر ، لأنّ العهد الجديد برمّته ، يبيّن أن صليب المسيح هو على وفاق ٍ مع مخطّط الله كلّه ، منذ البدايات : وهذا هو معنى ” يجبْ ” .
المراجع :سلسلة أبحاث كتابيّة ، قراءة في العهد الجديد ، تأليف مجموعة من الإختصاصيّين ، تعريب الأب بيوس عفاص

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

عدي توما

1

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير